مبعوث من طهران إلى ثلاث دول خليجية لاختبار قنوات الاتصال الأميركية

الخارجية الإيرانية: لا توجد مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع واشنطن

وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي يستقبل مساعد وزير الخارجية الإيراني في مسقط أمس (وكالة الأنباء العُمانية)
وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي يستقبل مساعد وزير الخارجية الإيراني في مسقط أمس (وكالة الأنباء العُمانية)
TT

مبعوث من طهران إلى ثلاث دول خليجية لاختبار قنوات الاتصال الأميركية

وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي يستقبل مساعد وزير الخارجية الإيراني في مسقط أمس (وكالة الأنباء العُمانية)
وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي يستقبل مساعد وزير الخارجية الإيراني في مسقط أمس (وكالة الأنباء العُمانية)

بدأ مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي جولة من مسقط، تشمل قطر والكويت، تهدف إلى اختبار قنوات الاتصال الأميركية. وأجرى في أول محطة مشاورات مع الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، يوسف بن علوي حول «التطورات التي تشهدها المنطقة»، وذلك بعد أيام من زيارة المسؤول العماني إلى طهران، ونفت الخارجية أمس أن تكون الزيارة في إطار ما يُتداول عن التفاوض.
ويأتي وصول المسؤول الإيراني إلى مسقط، في ظل أنباء عن قيام عُمان بجهود لتهدئة التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران، والذي أدى إلى حشد عسكري في الخليج.
وذكرت وكالة الأنباء العُمانية أن يوسف بن علوي، استقبل عراقجي بديوان عام وزارة الخارجية. وأضافت أنه تم خلال اللقاء «بحث أوجه التعاون الثنائي بين البلدين وتبادل وجهات النظر في القضايا الإقليمية والتطورات التي تشهدها المنطقة».
وكان بن علوي قال مؤخراً إن بلاده تسعى جاهدة لتهدئة التوتر في الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإيران. ولم ينفِ بن علوي، أو يؤكد، وجود وساطة عمانية بين طهران وواشنطن، لكنه أشار إلى أن بلاده وأطرافاً أخرى تسعى جاهدة لتهدئة التوتر بين الطرفين.
وفي عمان أيضاً، نسبت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إلى عراقجي قوله إنه «لا توجد مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن يحمل «تحذيراً» لدول المنطقة من السياسات الأميركية التي وصفها بـ«المخربة».
وأفادت الوكالة أبلغ بن علوي بأن بلاده «مستعدة لإقامة علاقات متوازنة وبنّاءة مع كل دول منطقة الخليج وفق الاحترام والمصالح المتقابلة».
وقال المسؤول الإيراني إن إيران «لا تريد زيادة التوتر في المنطقة»، معتبراً ضمان استقرار المنطقة في «إنهاء العقوبات» و«منافع كل دول المنطقة من التعاون الاقتصادي».
وقال عراقجي إن «فرض العقوبات على إيران تجربة فاشلة جرى تجريبها عدة مرات سابقاً».
وأفادت الوكالة الإيرانية عن بن علوي قوله إنه دعا إلى «ضبط النفس من جميع الأطراف واستمرار المشاورات الثنائية بين الجانبين»، لافتاً إلى «خطورة الأوضاع».
وما يجمع الدول الثلاث الخليجية التي تشملها زيارة عراقجي هو رغبتها في دفع جهود التسوية للأزمة بين الأميركيين والإيرانيين، وإمكانية أن تقوم هذه الدول بنقل رسائل بين الجانبين، فضلاً عن توفير قنوات تواصل تسحب فتيل الأزمة.
ففي الكويت التي سيزورها المسؤول الإيراني، رفعت تصريحات رسمية منسوب التفاؤل بانحسار التوتر في الخليج، حين صرّح نائب وزير الخارجية الكويتية خالد الجار الله عن اعتقاده بوجود قنوات للتواصل بين الأميركيين والإيرانيين. وقال الجار الله إن «المفاوضات بين واشنطن وطهران بدأت على ما يبدو».
وأوضح الجار الله أنه «على ما يبدو، فإن المفاوضات بين الطرفين قد بدأت، فهناك تحرك واتصالات»، وأعرب عن ثقة بلاده في أن تسود الحكمة والعقل، وأن يكون الهدوء سيد الموقف في المنطقة، وألا تشهد صداماً.
كما أعرب عن استعداد الكويت للعب دور في تهدئة التوتر، وقال: «الكويت مستعدة دائماً وحاضرة لبذل أي جهود تهدف إلى التهدئة والاستقرار وتجنب الصدام».
أما قطر فهي الأخرى كانت أول دولة ترسل مبعوثاً رفيعاً ذُكر أنه وزير الخارجية إلى طهران عشية وصول القاذفات الأميركية إلى الخليج، وقيل وقتها إن الدوحة عرضت مساعدتها لطهران في لعب دور الوساطة مع الجانب الأميركي.
وتأتي زيارة عراقجي للسلطنة ضمن جولة خليجية تشمل عمان والكويت وقطر. وهي تتزامن مع جولة أخرى لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، شملت باكستان والعراق، وستشمل تركيا.
وكان وزير الخارجية الإيراني ظريف ذكر خلال زيارته العراق، أن طهران اقترحت اتفاقية عدم اعتداء مع الدول الخليجية المجاورة.
وأكد ظريف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي في بغداد أن بلاده «لديها رغبة في بناء علاقات متوازنة مع كل الدول الخليجية»، وقال: «اقترحنا اتفاقية عدم اعتداء مع الدول الخليجية المجاورة».
وتعرضت هذا الشهر ناقلات للنفط في الخليج إلى هجوم، حمّلت واشنطن إيران مسؤوليته، وشمل الهجوم ناقلات نفط سعودية، ومحطة لضخّ النفط تابعة لشركة «أرامكو السعودية».
وفي طهران، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، أمس، إنه ليست هناك أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع أميركا، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية عن وكالات إيرانية.
وبحسب الوكالة، نفى موسوي بقوة ما نقل عن نائب وزير الخارجية الكويتية عن بدء مفاوضات بين إيران وأميركا، قائلاً: «لا توجد أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين إيران وأميركا».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.