القط لاري يخطف الأضواء من تيريزا ماي في يوم استقالتها

كبير صائدي الفئران في «10 داوننغ ستريت» يتحول إلى نجم موقع «تويتر»

حارس أمن يحمل القط لاري إلى داخل مقر رئاسة الوزراء أمس استعداداً لظهور تيريزا ماي أمام الكاميرات (رويترز)
حارس أمن يحمل القط لاري إلى داخل مقر رئاسة الوزراء أمس استعداداً لظهور تيريزا ماي أمام الكاميرات (رويترز)
TT

القط لاري يخطف الأضواء من تيريزا ماي في يوم استقالتها

حارس أمن يحمل القط لاري إلى داخل مقر رئاسة الوزراء أمس استعداداً لظهور تيريزا ماي أمام الكاميرات (رويترز)
حارس أمن يحمل القط لاري إلى داخل مقر رئاسة الوزراء أمس استعداداً لظهور تيريزا ماي أمام الكاميرات (رويترز)

ربما يكون مقر رئاسة الوزراء البريطاني (10 داوننغ ستريت) من أشهر العناوين في لندن التي يحرص السياح على الوقوف خارج أسوارها، ليسجلوا في قائمة الأماكن السياحية التي يريدون زيارتها أنهم مروا من المكان. ويضاف لذلك توافد وسائل الإعلام البريطانية على تسجيل حركة الدخول والخروج من المقر، حيث تتخذ القرارات المهمة في بريطانيا. كل ذلك قد يكفي لشهرة «10 داوننغ ستريت»، ولكن هناك من تفوق في شهرته وجذب اهتمام الإعلام على ساكنة المبنى رئيسة الوزراء المستقيلة تريزا ماي، وعلى سلفها ديفيد كاميرون، ألا وهو القط لاري، صائد الفئران في 10 داوننغ ستريت.
لاري الذي دخل مقر رئاسة الوزارة لحل مشكلة الفئران في عام 2011 كان مميزاً من اليوم الأول لدخوله المبنى، حتى أنه منح لقباً رسمياً خاصاً به، وهو «كبير صائدي الفئران»، حسب ما تذكر الصفحة الخاصة بـ«10 داوننغ ستريت» على الإنترنت. وتخصص الصفحة للاري فقرة طويلة مع صورة له وهو على الطاولة التي يجتمع حولها الوزراء وقد ارتدى شريطاً على رقبته بألوان العلم البريطاني. وتذكر الصفحة أن لاري نجح في مهمته في مطاردة الفئران في المبنى التاريخي، وأنه نجح أيضاً في كسب قلوب الجماهير التي تبعث له بشكل دائم بالهدايا والطعام. ويضيف الموقع واصفاً النشاط اليومي لصائد الفئران الحكومي: «يقضي لاري يومه في تحية الزوار والترحيب بهم، كما يتفقد وسائل الحماية للمبنى، وقد يجرب متانة الأثاث القديم في الغرف، ويختار مكاناً لقيلولته اليومية عليها».
وبالأمس، وبينما كانت كاميرات التلفزيون تنتظر خارج باب رقم 10 لتسجل لحظة خروج تريزا ماي لتعلن استقالتها، تنبه مذيع قناة «سكاي» لحركة أمام الباب، وأوقف حديثه مع ضيوفه ليقول إن رجلاً قد خرج من المبنى ليحمل القط لاري للداخل، وكان الإعلام قد تعود على وجود القط خارج المبنى في الأيام المشمسة، واستلقائه على الرصيف، بينما يحوم حوله المصورون لالتقاط صور جعلت منه نجماً مشهوراً في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى درجة أن مشهد رجل الأمن وهو يحمله للداخل تحولت إلى «ترند» على «تويتر» في الحال، ووصل عدد التغريدات التي تحدثت عنه ونشرت صورته وهو يجلس كعادته أمام باب رقم 10، ثم صورته محمولاً بين يدي رجل الأمن، إلى نحو 30 ألف تغريدة.
وفي «تويتر» تحديداً، هناك حساب خاص بصائد الفئران الشهير، بعنوان «لاري ذا كات»، يتابعه أكثر من 250 ألف متابع، لا أحد يعرف شخصية صاحب الحساب، ولكن يكفي أنه يحمل صورة القط لاري. ويعلق الحساب بخفة ظل على الأحداث في «10 داوننغ ستريت»، ويسخر من تريزا ماي على الدوام، ويتفاعل الآلاف كل يوم مع تغريداته، وآخرها ما نشره بالأمس، قائلاً: «أعلن أنني سأترشح لأصبح رئيس الوزراء القادم، فإذا كان بوريس جونسون في سباق الترشح، فمن حق الناس أن يكون هناك مرشح جدي أيضاً». وأرفق بالتغريدة صورة للقط لاري يقف أمام منصة خشبية صغيرة تشبه المنصة التي تلقي منها تريزا ماي كلماتها للشعب.
ويقول بعض المعلقين إن القط لاري هو رمز للاستقرار في الظروف السياسية المضطربة التي تمر بها بريطانيا، ويؤكد الآخرون أنه أكثر سكان 10 داوننغ ستريت شعبية. وفي كل الأحوال، وجد المغردون في لاري فرصة للسخرية من فشل تريزا ماي في الخروج من أزمة «بريكست»، وإخفاق حكومتها في إدارة شؤون البلاد بكفاءة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».