واشنطن تقترح شطب «الأونروا»

واشنطن تقترح شطب «الأونروا»
TT

واشنطن تقترح شطب «الأونروا»

واشنطن تقترح شطب «الأونروا»

حمل المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط جايسون غرينبلات بشدة على وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (الأونروا)، معتبراً أن هذا النموذج «خذل» الشعب الفلسطيني، داعياً إلى نقل صلاحياتها إلى حكومات الدول المضيفة لهم، أو إلى منظمات غير حكومية أخرى. واعتبر أن الفلسطينيين «سيكسبون كثيراً» إذا قرروا المشاركة في ورشة عمل اقتصادية تستضيفها البحرين لهذه الغاية.
وجاء ذلك خلال جلسة ساخنة مفتوحة لمجلس الأمن شارك فيها كل من منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، والمفوض العام لـ«الأونروا» بيار كراينبول، اللذين تحدثا عن أهمية العمل الذي تقوم به الوكالة الدولية منذ عقود، وسط تأييد بقية أعضاء مجلس الأمن.
وفي المستهل، أفاد ملادينوف بأنه «لا توجد طرق مختصرة للسلام الدائم»، مشيراً إلى أن التصعيد الأخير في غزة أظهر مرة أخرى الحاجة الملحة إلى تعزيز وتوسيع التفاهمات القائمة على أرض الواقع، وتساءل: «كم سنة أخرى سيُجبر الفلسطينيون في غزة على العيش على نفقة المجتمع الدولي وتحت سيطرة (حماس) بينما يعانون الإغلاق الإسرائيلي؟ كم سنة أخرى سيُجبر الإسرائيليون على الفرار إلى الملاجئ بينما تمطر عليهم الصواريخ التي يطلقها مسلحون فلسطينيون في غزة بصورة عشوائية من أعلى؟». ودعا جميع الأطراف إلى الامتناع عن العنف، قائلاً إنه «يجب أن يتحمل جميع الجناة المسؤولية عن جرائمهم».
وتحدث كراينبول عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من غزة، فقال: «لا نعتقد أن مستقبل لاجئي فلسطين يجب أن يتم تأطيره بعشر سنوات، عشرين أو ثلاثين سنة أخرى، من العمل مع (الأونروا)»، موضحاً أن اللاجئين الفلسطينيين «يستحقون حلاً سياسياً عادلاً ودائماً. وحتى ذلك الحين، نحن مصممون على الوفاء بالتفويض الذي منحته إلينا الجمعية العامة للأمم المتحدة». وحذر من أن ما تملكه الوكالة من مال لا يكفي لإدارة عملياتها بعد منتصف يونيو (حزيران) 2019، داعياً الشركاء إلى توفير التمويل اللازم.
وقال غرينبلات: «واجهت دولة إسرائيل، منذ ولادتها، تهديدات من أعداء يدعون إلى تدميرها». وإذ طالب بـ«الاعتراف بأن (حماس) و(الجهاد الإسلامي) هما الحاجز الرئيسي أمام أحلام سكان غزة الذين يرغبون في العيش بسلام»، رأى أنه «لا شيء يمنعنا من القيام الآن بالعمل الجاد لضمان حصول الفلسطينيين الذين يتلقون خدمات (الأونروا) على خدمات صحية وتعليمية موثوقة أكثر ومستدامة أكثر»، معتبراً أن «الوقت حان (...) لمواجهة حقيقة أن نموذج (الأونروا) خذل الشعب الفلسطيني» لأن «نموذج أعمال (الأونروا)، المرتبط بطبيعته بمجتمع متوسع لا متناهٍ من المستفيدين، في حال أزمة دائمة». وأفاد بأن «هذا هو السبب في أن الولايات المتحدة قررت أنها لن تلتزم بتمويل هذه العملية المعيبة بشكل لا يمكن إصلاحه». ورأى أيضاً أن الوكالة «لم تمنح الفرصة للفلسطينيين في مخيمات اللاجئين لبناء أي مستقبل»، بل «جرى تضليلهم واستخدامهم بيادق سياسية وسلعاً بدلاً من معاملتهم كبشر»، مضيفاً أنه «لا شيء يمنع المجتمع الدولي من اختيار أن يمد يده للفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين اليوم لتلبية حاجاتهم اليومية الحقيقية بطريقة مستدامة، بينما نواصل جميعاً العمل من أجل سلام دائم وشامل».
ودعا إلى «التواصل مع الحكومات المضيفة لبدء محادثة حول التخطيط لنقل خدمات (الأونروا) إلى الحكومات المضيفة، أو إلى منظمات غير حكومية دولية أو محلية أخرى، بحسب الاقتضاء»، مبدياً استعداد الولايات المتحدة للمشاركة في هذه المحادثات. ورأى أنه «لا تقدم بسلام شامل ودائم من خلال تجاهل حقيقة أن (الأونروا) غير قادرة على الوفاء بالولاية التي أناطتها بها الجمعية العامة». وقال: «الشهر المقبل، في البحرين، نحن وآخرون سنشارك في ورشة عمل اقتصادية على طريق بديل، مع إمكان فتح مستقبل مزدهر للفلسطينيين. هذه هي المرحلة الأولى من العملية التي نريد أن نبدأ في عرض ما يمكن أن يكون؛ فإذا استطعنا التوصل إلى حل سياسي للنزاع، فيمكننا أيضاً تحويل حياة الفلسطينيين»، معتبراً أنه «سيكون من الخطأ ألا ينضم الفلسطينيون إلينا».
وأكد أن مؤتمر البحرين «يمكن أن يمهّد الطريق لتحقيق الرخاء للفلسطينيين». وأكد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أنه «لا بديل من حل الدولتين في تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي»، فيما قال نائب المندوبة البريطانية الدائمة جوناثان آلن إن المملكة المتحدة «ستبقى داعماً ملتزماً لـ(الأونروا) وللاجئين الفلسطينيين في كل أنحاء الشرق الأوسط».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف إسرائيلي على مستشفى الوفاء وسط الحرب بقطاع غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة قد تشكل جرائم حرب

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم (الثلاثاء) أن الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات في قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مسعفون بالقرب من مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أرشيفية- أ.ف.ب)

تقرير أممي: مستشفيات غزة صارت «مصيدة للموت»

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن نمط الاعتداءات الإسرائيلية المميتة على مستشفيات غزة، دفع بنظام الرعاية الصحية إلى شفير الانهيار التام.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مستشفى «الوفاء» حسب الدفاع المدني الفلسطيني وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة 29 ديسمبر 2024 (رويترز)

الأمم المتحدة: النظام الصحي في غزة «على شفير الانهيار التام»

خلص تقرير للأمم المتحدة نُشر الثلاثاء، إلى أن الضربات الإسرائيلية على المستشفيات أو قربها في قطاع غزة تركا النظام الصحي في القطاع الفلسطيني على حافة الانهيار.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».