السلطة تطالب بتدخل دولي لوقف «المس بقدسية المسجد الأقصى»

اقتحامات متتالية للمستوطنين واقتلاع أشجار ومنع إدخال وجبات للصائمين

مصلون متجهون للصلاة في «الأقصى» عند حاجز قلندية الإسرائيلي الجمعة الماضي (رويترز)
مصلون متجهون للصلاة في «الأقصى» عند حاجز قلندية الإسرائيلي الجمعة الماضي (رويترز)
TT

السلطة تطالب بتدخل دولي لوقف «المس بقدسية المسجد الأقصى»

مصلون متجهون للصلاة في «الأقصى» عند حاجز قلندية الإسرائيلي الجمعة الماضي (رويترز)
مصلون متجهون للصلاة في «الأقصى» عند حاجز قلندية الإسرائيلي الجمعة الماضي (رويترز)

طالبت السلطة الفلسطينية ومرجعيات دينية، بتدخل دولي لوقف الإجراءات الإسرائيلية التي تمس «بقدسية المسجد الأقصى» في القدس.
وأصدرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية بياناً، طالبت فيه المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بالتدخل لوقف إجراءات إسرائيل، منددة بدخول وزير الزراعة الإسرائيلي يوري أرئيل إلى المسجد الأقصى «في تحدٍّ واضح لمشاعر المسلمين في فلسطين والعالم الإسلامي، وفي شهر رمضان».
وقالت الأوقاف إن الخطوة تمت «في وقت تلاحق فيه السلطات الإسرائيلية المصلين والمعتكفين، وتطردهم بشكل يومي من ساحات (الأقصى)». كما استنكرت الوزارة «اقتلاع الشرطة الإسرائيلية أشجار الزيتون التي زرعت في محيط باب الرحمة، في خطوة لا يمكن أن يفهم منها إلا كل عداء لفلسطين، بإنسانها وشجرها؛ بل وحتى حجارتها». واتهمت الشرطة الإسرائيلية بالسماح لوزير الزراعة الإسرائيلي ونحو 17 يهودياً، بإجراء جولات ميدانية في المسجد الأقصى.
وكان أرئيل قد اقتحم صباح أمس المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، برفقة مستوطنين، وبحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة. وقال مسؤول العلاقات العامة والإعلام في دائرة الأوقاف، فراس الدبس، بأن أرئيل والمستوطنين أدوا طقوساً تلمودية علنية. وأضاف: «تلقوا خلال اقتحامهم للأقصى شروحات عن الهيكل المزعوم، وأدوا طقوساً تلمودية في أماكن مختلفة، بحماية من الشرطة الإسرائيلية».
ودأب المستوطنون على اقتحام «الأقصى» بشكل يومي خلال شهر رمضان الحالي، استجابة لدعوات أطلقتها منظمات يهودية متطرفة. وكانت جماعات الهيكل، دعت أنصارها وجمهور المستوطنين إلى المشاركة الواسعة في اقتحام المسجد الأقصى، في الشهر الذي شهد كثيراً من الأعياد اليهودية.
وأدان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، محاولة أفراد شرطة الاحتلال اقتحام «المصلى القديم» داخل المسجد الأقصى المبارك، بأحذيتهم لملاحقة المصلين فيه، في مشهد عدواني واضح، يمس قدسية المسجد وأمن رواده، ويفتح المجال واسعاً لحدوث اضطرابات في باحاته.
كما استنكر في بيان لدار الإفتاء، أصدرته أمس: «قرار شرطة الاحتلال العنصري والجائر بمنع إدخال وجبات الإفطار للصائمين في المسجد الأقصى المبارك، بحجة (قيام الشبان بأعمال ترميم وتنظيف في مصلى باب الرحمة)، وقيام هذه السلطات بخلع غراس الزيتون في منطقة باب الرحمة، في محاولة منهم لاستفزاز المصلين والصائمين، وفي تحدٍّ واضح لمشاعرهم في هذا الشهر الفضيل، وذلك في ظل حرمانهم من حقهم في أداء عباداتهم، الأمر الذي من شأنه أن يشعل فتيل التوتر في المنطقة بأكملها».
وندّد المفتي بالتهديدات التي أطلقتها ما سماها «جماعات الهيكل المزعوم» حول نيتها اقتحام المسجد الأقصى المبارك، خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وتحديداً في الثاني من يونيو (حزيران) المقبل، بذريعة ما يسميه الاحتلال «يوم القدس»، مؤكداً أن المسجد الأقصى المبارك سيكون سداً منيعاً في وجه كل من تسول له نفسه تدنيس ساحاته وأروقته، كما استنكر سماحته اقتحامات سلطات الاحتلال المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك، ومنعهم للمصلين والمعتكفين من الوجود داخل المصلى القبلي والمرواني.
ودعا المفتي الأمتين العربية والإسلامية، والمجتمع الدولي بمؤسساته كافة، إلى وقفة حقيقية لرد هذا العدوان الآثم على المسجد الأقصى المبارك، محذراً من التداعيات الخطيرة على المنطقة بأسرها، جراء هذا الصمت على هذه الأفعال، التي تنتهك الشرائع السماوية والأعراف والمواثيق الدولية كافة، التي تعتبر الأماكن المقدسة، الإسلامية والمسيحية، جزءاً أصيلاً من القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية.
وجدد المفتي الدعوة «لشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك، لنصرته والذود عنه في ظل هذا الاستهداف الخطير والممنهج».
وتخالف اقتحامات المستوطنين هذه اتفاقاً قائماً بين إسرائيل والمملكة الأردنية، بصفتها راعية المقدسات الإسلامية، وينص على تحديد عدد اليهود الذين ينوون زيارة المسجد الأقصى، وامتناعهم عن القيام بأي صلوات أو طقوس دينية. ويعرف هذا الاتفاق بالوضع القائم منذ احتلت إسرائيل الشق الشرقي في مدينة القدس عام 1967.
وتستمر الاقتحامات على الرغم من تحذير السلطة الفلسطينية والأردن من تدهور كبير في الأوضاع، بسبب استفزاز المسلمين. وطالما حذرت السلطة من إشعال إسرائيل حرباً دينية، بإصرارها على السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى والمس به. وفي المقابل تمنع إسرائيل الاعتكاف في المسجد الأقصى في رمضان، وتقيد دخول المصلين طيلة أيام الأسبوع، باستثناء الجمعة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.