فضيحة «مصورة» تطيح بزعيم اليمين المتطرف في النمسا

تشكل تهديداً لصدقية الحكومة قبل أيام من الانتخابات الأوروبية

هاينز - كريستيان شتراخه
هاينز - كريستيان شتراخه
TT

فضيحة «مصورة» تطيح بزعيم اليمين المتطرف في النمسا

هاينز - كريستيان شتراخه
هاينز - كريستيان شتراخه

قبل ثمانية أيام من الانتخابات الأوروبية، اهتز اليمين المتطرف في النمسا أمس على وقع فضيحة مدوية، تمثلت في اتهام زعيمه هاينز - كريستيان شتراخه، الذي يتولى أيضاً منصب نائب المستشار، بمحاولة التآمر مع سيدة مقربة من شخصية روسية نافذة، أدت إلى استقالته من منصبه أمس.
وتأتي الاستقالة بعد نشر تسجيل فيديو لشتراخه، بدا فيه وكأنه يناقش عقوداً حكومية مع داعم روسي محتمل، مقابل مساندته السياسية. وظهر شتراخه في الفيديو، الذي نشر أول من أمس الجمعة، في اجتماع عقد في 2017 ضم امرأة، تقول إنها قريبة لرجل أعمال روسي نافذ، ويبدو أنه يعرض تحويل عقود حكومية إلى شركة مقابل دعم مالي وسياسي. وقال شتراخه (49 عاماً) في مؤتمر صحافي في فيينا أمس: «قدمت للمستشار سيباستيان كورتس استقالتي من مهامي كنائب مستشار وقبلها».
وجاءت هذه الاستقالة الطارئة للتخفيف من وقع الفضيحة، التي تهدد أيضاً صدقية حكومة كورتس، زعيم الحزب الشعبي النمساوي المحافظ المتحالف منذ عام 2017 مع «حزب الحرية» برئاسة شتراخه.
وتفجرت «فضيحة إيبيزا» مساء الجمعة مع نشر وسائل إعلام ألمانية لفيديو صوّر بكاميرا خفية، يظهر فيه شتراخه وهو يناقش في فيلا بجزيرة إيبيزا، وقبل أشهر من انتخابات 2017 التشريعية، مع امرأة يعتقد أنها مرتبطة بشخصية روسية نافذة، احتمال تقديم مساعدات مالية، مقابل منحها مدخلاً لعقود حكومية مع النمسا.
وأضاف شتراخه في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «ارتكبت هفوة، ولا أريد أن يشكل ذلك ذريعة لإضعاف التحالف». مؤكداً أيضاً استقالته من رئاسة «حزب الحرية» النمساوي المتحالف مع التيارات اليمينية المتطرفة الأكثر تأثيراً في الاتحاد الأوروبي، كتيار ماتيو سالفيني في إيطاليا، وتيار مارين لوبان في فرنسا.
ووفق نص المحادثة، فقد قال شتراخه إن المستثمرة الروسية «ستحصل على كافة العقود العامة التي هي اليوم بيد ستراباغ»، وهي مجموعة بناء نمساوية نافذة جداً في هذا القطاع. كما أبلغ شتراخه أيضاً المستثمرة الروسية بأنه يرغب في «بناء مشهد إعلامي مماثل للذي بناه أوروبان» في المجر. علماً بأن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان يُنتقد كثيراً لانتهاكه لتعددية الصحافة.
وقالت وسائل الإعلام الألمانية إن هذا اللقاء في إيبيزا كان محاولة للإيقاع بزعيم حزب الحرية، لكنها أكدت عدم معرفتها بالجهة المنظمة لهذه العملية. ونفى شتراخه قيامه بأي فعل مستهجن بعد ذلك اللقاء، وأكد أنه ضحية «استهداف سياسي». مشيراً إلى كمية الكحول الكبيرة التي تناولها ذلك المساء، والتي دفعته إلى الحديث دون توقف «مثل المراهقين» من أجل إثارة إعجاب محدثته، لدرجة دفعته إلى قول كلمات «كارثية». وقال بهذا الخصوص: «كان ذلك تصرفاً غبياً وغير مسؤول».
وبحسب المقاطع التي نشرت، فقد تحدث شتراخه أيضاً للسيدة الروسية عن آلية لتمويل الحملة الانتخابية تسمح بالتحايل على ديوان المحاسبة، عبر دفع الأموال لجمعية وليس مباشرة للحزب. وأشار إلى منح تتراوح بين 500 ألف إلى مليوني يورو، ذاكراً أسماء كبار رؤساء الشركات النمساويين الذين يمولون حزب الحرية. وتولى النائب يوهان غودينوس الذي يجيد الروسية ترجمة المحادثة.
ووقع حزب الحرية قبل وصوله إلى السلطة اتفاق تعاون مع حزب فلاديمير بوتين «روسيا الموحدة»، مما تسبب باتهامه مراراً بارتباطات مشبوهة مع موسكو.
وفي مؤشر على الاضطراب داخل أوساط حزب الحرية، ألغى النائب الأوروبي هارالد فيليمسكي، رئيس لائحة حزب الحرية للانتخابات الأوروبية، زيارة إلى ميلانو أمس، حيث يعقد زعيم اليمين المتطرف الإيطالي ماتيو سالفيني اجتماعاً للمعسكر القومي في أوروبا قبل الانتخابات الأوروبية. واعتبر الحزب الاشتراكي في النمسا هذه الشبهات بأنها «أكبر فضيحة» في تاريخ البلاد منذ 50 عاماً. فيما رأى الحزب الليبرالي «نيوس» من جهته بأنه لا يمكن تفادي إجراء انتخابات تشريعية جديدة في البلاد. ورافق اجتماع الأزمة في ديوان المستشارية النمساوية المنعقد في فيينا أمس احتجاجات شعبية على خلفية فضيحة النائب المستقيل للمستشار النمساوي. وبحسب بيانات الشرطة، فقد تجمهر في ميدان «بالهاوسبلاتس» وسط العاصمة النمساوية ما يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف متظاهر، مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة.


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.