«مسك جدة التاريخية» تنعش ذاكرة جيل الألفية باللوحات والأهازيج الحجازية

240 دقيقة تشبع ذاكرة المكان بالجمل الترحيبية... والفنانون يخلدون بيوت المنطقة تشكيلياً

يستطيع الزائر لحارات مسك جدة التاريخية التعرف على حكايات البنايات الأثرية (الشرق الأوسط)
يستطيع الزائر لحارات مسك جدة التاريخية التعرف على حكايات البنايات الأثرية (الشرق الأوسط)
TT

«مسك جدة التاريخية» تنعش ذاكرة جيل الألفية باللوحات والأهازيج الحجازية

يستطيع الزائر لحارات مسك جدة التاريخية التعرف على حكايات البنايات الأثرية (الشرق الأوسط)
يستطيع الزائر لحارات مسك جدة التاريخية التعرف على حكايات البنايات الأثرية (الشرق الأوسط)

تمكنت فعاليات «مسك جدة التاريخية» التي ينظمها مركز المبادرات بمؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (مسك الخيرية)، من أن تعيد لزوارها تفاصيل الحياة اليومية التي كانت سائدة قبل هدم سور المدينة القديم في عام 1947، ليعيش الزائر وأفراد أسرته أجواءً رمضانية آسرة في ليالٍ محفوفة بالثقافة والفن والتراث والبهجة.
ونجحت ما يمكن تسميتها «الحناجر الحجازية» في كسر لحظات انتظار الزائرين للفعاليات منذ أن تطأ أقدامهم ما بعد خط بوابة المدينة في العاشرة من مساء كل ليلة، بالجمل الترحيبية الخالدة في ذاكرة المكان بالمجسات والأهازيج الوطنية، وإشعارهم بحيثيات الزمان التليد، حيث ما زالت تلك المعاني الواردة في الأهازيج يتردد صداها بين عموم الجداويين، وهو ما يشبه الأمسية الفنية الحية.
وتحت لوحة ترحيبية كبيرة من «مسك» بالزوار، اصطف فريق «حجازيون» المكون من 9 أعضاء، مرحبين بالضيوف، مبرزين من خلالها صورة «طبق الأصل» لجدة القديمة، ويرتدون أزياء فلكلورية متمثلة في «الثوب والعقال المقصّب»، تيمناً بما كان يرتديه المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - وابناه من بعده؛ الملكان سعود وفيصل رحمهما الله.
وأشار رئيس فريق «حجازيون» أحمد الزبيري، إلى أن الأهازيج والمجسات لا تتوقف على مدار 240 دقيقة متواصلة مدمجة التراث بالفن بالترفيه الهادف، وهو ما جعل المرحبين بزيهم الفلكلوري تحت دائرة توثيق كاميرات هواتف الزوار و«سنابات» الجيل الجديد، الذين يحاولون بجهود ذاتية صرفة أن يوثقوا عبر ذلك الترحيب المتواصل بعضاً مما تبقى من ذاكرة مدينة الثلاثة آلاف عام.
وبين مناطق فعاليات «مسك جدة التاريخية»، كان الفنان خالد الأمير قد شارف على الانتهاء من لوحته الفنية الجديدة التي خلدت ذاكرة بيوت المنطقة، مستلهماً في ذلك المدرسة التشكيلية الواقعية، مشاركاً بإبداع أنامله وفكره الفني في إعادة إحياء المكان الذي يمثل بالنسبة له شريان جدة النابض.
وأتاح معهد مسك للفنون من فعاليات مبادرة «مسك جدة التاريخية» لعدد من الفنانين والفنانات المشاركة بحكاية «تفاصيل هذا المكان» برؤية فنية هادئة انعكست على الزوار الذين لم يجدوا من لغات التواصل فيما بينهم سوى الهمس ونظرات العيون، خشية أن يقطعوا برفع أصواتهم أفكار من جندوا إبداعهم الفني من أجل المكان.
وإذا أرادوا رؤية مغايرة لما هو موجود في بطون كتب التراث عن جدة التاريخية، فما عليهم سوى ثني الركب عند هؤلاء التشكيليين الذين يقصّون حكايتهم عن المكان بطريقة مختلفة وفريدة، فهم كما وصفهم خالد الأمير - رجل التعليم المتقاعد والعاشق للرسم التشكيلي - جنود خيال وإبداع المنطقة والمعززين لهذا التراث الأصيل بكل مكوناته وحيثياته.
بينما باتت «اللوحات تتحدث عن ذاتها»، عبارة تمثل «الإجابة عن الأسئلة الشائعة» التي تجدها في بعض المواقع الإلكترونية المتخصصة، لكثرة الأسئلة والاستفسارات التي ترد للتشكيليين من الزائرين، عن سبب اختيار هذه الفكرة دون غيرها في اللوحة.
ويعد مكان الفعالية استراتيجياً كونه يتوسط منتصف «مسك جدة التاريخية»، حيث تعبر رسومات أفضل اللوحات الفنية عما تحمله المنطقة في بطنها من جمالية بيوتها ورواشينها دون الحاجة إلى المرشد السياحي ليدلهم على أسرارها.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
TT

فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)

احتفالات تحيي الموروث وتسترجع التاريخ وتعزز من الثقافة المحلية تقيمها وزارة الثقافة في عدد من المدن السعودية بمناسبة عيد الفطر، لإبراز ثقافة المجتمع السعودي، والعادات الاحتفالية الأصيلة المرتبطة به، وتجسيدها في قوالب إبداعية تستهدف جميع شرائح المجتمع.
«حي العيد» أحد هذا الاحتفالات التي تقيمها «الثقافة» في الرياض بدعمٍ من برنامج جودة الحياة - أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030» - حيث تقام في 3 مواقع بالمدينة، هي: ساحة المصمك، وسوق الزل، وشارع السويلم، وهي مناطق اعتاد سكان الرياض على التردد عليها؛ كونها تمثل جزءاً مهماً من تاريخ مدينتهم.
وأعدت الوزارة المهرجان بأسلوبٍ مميز يأخذ الزائر في رحلة ثقافية إبداعية تعكس عادات المجتمع السعودي بهذه المناسبة، تبدأ بمنطقة «عيدنا في البيت الكبير» التي تقدم طابع البيوت السعودية المفعمة بالحب والمودة، وممرات العيد التي تشهد «مسيرة العيد» لتُدخِل البهجة على قلوب الزوار، وتنشر الفرحة بينهم بأجوائها العائلية.

يهتم أهالي الطائف بوردهم بشكل كبير ويقيمون له مهرجاناً كل عام للاحتفال به  (واس)

لتنتقل الرحلة بعدها إلى منطقة «عيدنا في جمعتنا»، وهي عبارة عن ساحة خارجية تحتوي على جلسات مميزة بطابع المهرجان متضمنة عدة أنشطة، وهي حوامة العيد التي تقام في شارع السويلم 3 مرات باليوم وتوزع خلالها الحلوى؛ لتُحاكي في مشهدٍ تمثيلي عادة الحوامة القديمة في نجد، بحيث كان الأطفال يحومون انطلاقاً من مسجد الحي، ومروراً بالبيوت، منشدين خلالها أهازيج مختلفة مرتبطة بهذه المناسبة السعيدة.
وفي شمال السعودية، تقيم الوزارة مهرجان «أرض الخزامى» في نسخته الأولى بالتزامن مع العيد ولمدة 15 يوماً في مدينتي سكاكا، ودومة الجندل في منطقة الجوف، لإبراز التاريخ العريق للمنطقة والاحتفاء بعادات وتقاليد سكانها.
وسيتم إحياء المناطق المفتوحة حول قلعة زعبل بمعارض فنية مفتوحة بمشاركة فنانين من المنطقة ومن مختلف مناطق المملكة، إلى جانب إحياء شوارع القلعة بالألعاب الشعبية التي تُقدَّم بمشاركة أطفال المنطقة، كما ستوضع منصات لكبار السن لرواية قصص عن قلعة زعبل على المستوى الاجتماعي والنهضة التي تمت خلال المائة عام السابقة، التي أثرت بشكل عام على المنطقة.
كما سيوفر المهرجان فرصة التخييم للزوار ضمن أنشطة ثقافية مختلفة تتضمن السرد القصصي، والفنون الأدائية، والطهي الحي، في الوقت الذي سيقدم فيه شارع الفنون الشعبية كرنفالاً من الخزامى، يحوي مناطق لصناعة الزيتون وصناعات السدو.
وتحتضن بحيرة دومة الجندل عدة فعاليات، تشمل مقهى حديقة اللافندر، ومنطقة نزهة الخزامى، وسوق الخزامى لبيع مختلف المنتجات المستخلصة من نبتة الخزامى، وكذلك منطقة مخصصة لورش العمل التي تتناول صناعة مختلف منتجات الخزامى، والتعريف بها، وكيفية زراعتها.
كما يستضيف المسرح في مناطق المهرجان عروضاً موسيقية وأدائية لاستعراض تراث الخزامى في منطقة الجوف، والمعزوفات المختلفة باستخدام الناي والطبول والدفوف، إضافة إلى العديد من الأمسيات الشعرية التي ستستضيف نخبة من الشعراء.
وتسعى وزارة الثقافة إلى جعل مهرجان «أرض الخزامى» واحداً من أهم 10 مهرجانات ثقافية، عبر تقديم فعاليات بقوالب مبتكرة ومستوى عالمي، مع تأصيل التراث المادي وغير المادي، بما يضمن تغطية جميع الجوانب الثقافية، والتراثية، والإبداعية للمنطقة، مع إشراك الأهالي من ممارسين، ومثقفين، ومهتمين، في أنشطة المهرجان الرامية إلى إبراز نبتة الخزامى بوصفها هوية حضارية تمتاز بها المنطقة.
وفي غرب السعودية، تبدأ الوزارة بمهرجان «طائف الورد» الذي يهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية للمدينة وإبراز مكتسباتها الطبيعية والتاريخية ونشر ثقافة أهاليها وتسليط الضوء على الورد الطائفي وأهميته.
ويصاحب المهرجان مسيرة استعراضية للورد، تضم مؤدِّين، ومركبات مزينة بالورود، ومجسمات ضخمة تعكس هوية المهرجان بالورود تجوب شوارع مدينة الطائف، وصولاً إلى متنزه الردف حيث تقام هناك فعاليات «جبل الورد»، ومعرض «ترانيم الورد»، و«سوق الورد».
وسيكون رواد الأعمال، والشركات المحلية والعالمية، والمنتجون المحليون والمزارعون، على موعد مع ملتقى «مهرجان طائف الورد» الذي يمثل منصة تجمع المزارعين مع رواد العلامات التجارية العالمية، مما يوجِد فرصاً استثمارية، واتفاقيات تعاون كُبرى مع العلامات التجارية العالمية؛ ليكون ورد الطائف ضمن أعمالهم المعتمدة.
وتأتي في مقدمة أنشطة متنزه الردف فعالية جبل الورد التي تعكس قصة ساحرة عبر عرض ضوئي على الجبل وممر الانطباعية الذي يعيد إحياء أعمال فنية بمشاركة فنانين محليين، كما يضم متنزه الردف، سوق الورد المتضمنة مجموعة من الأكشاك المصممة بطريقة عصرية تتلاءم مع طبيعة المهرجان؛ دعماً للعلامات التجارية المحلية والأسر المنتجة التي تحوي منتجاتهم مواد مصنوعة من الورد الطائفي، فيما يستضيف المسرح مجموعة من الفنانين، محليين وعالميين، وتقام عليه عدة عروض فنية وموسيقية ومسرحية تستهدف الأطفال والعائلات وأيضاً الشباب.
وعلى جانب آخر من متنزه الردف، تقام فعالية «الطعام والورد»، بمشاركة نخبة من الطهاة المحليين في أنشطة متخصصة للطهي، بهدف تعزيز المنتجات المستخلصة من الورد الطائفي في الطبخ وتعريفها للعالم، كما خصص مهرجان «ورد الطائف» منطقة للأطفال في متنزه الردف، صُمّمت بناءً على مبادئ التعليم بالترفيه، حيث يشارك المعهد الملكي للفنون التقليدية بمتنزه الردف بورشتي عمل، من خلال حفر نقوش الورد على الجبس، وتشكيل الورد بالخوص في الوقت الذي يقدم «شارع النور» رحلة ثقافية وعروضاً فنية حية تقام على امتداد الشارع بمشاركة فنانين محليين.
وتسعى وزارة الثقافة من خلال تنظيم مهرجان «طائف الورد» إلى إبراز مقومات الطائف الثقافية، والترويج لمنتجاتها الزراعية، وأبرزها الورد الطائفي، والاحتفاء بتاريخها وتراثها بشكلٍ عام، مما يعزز من قيمتها بوصفها وجهة ثقافية جاذبة.