افتتاح مهرجان الفنون الإسلامية في دورته الـ16 بالشارقة

يضم معرضا لاتحاد المصورين العرب بعنوان «مشارق ومغارب إسلامية»

جانب من المعروضات
جانب من المعروضات
TT

افتتاح مهرجان الفنون الإسلامية في دورته الـ16 بالشارقة

جانب من المعروضات
جانب من المعروضات

بمناسبة الاحتفالات بتتويج الشارقة كعاصمة للثقافة الإسلامية، تقام حاليا فعاليات في جميع مدن إمارة الشارقة والمنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية، ومن ضمنها مهرجان الفنون الإسلامية الذي افتتحه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، وتستمر فعالياته حتى 6 فبراير (شباط) المقبل. وتنظم إدارة الفنون دوراتها الفنية في مركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة بالترافق مع المهرجان.
يتضمن اليوم الأول افتتاح 18 معرضا فنيا حول الفنون المعاصرة لـ41 فنانا مشاركا من الدول التالية: الأرجنتين، مصر، أذربيجان، العراق، إيران، إيطاليا، والمملكة العربية السعودية، حيث يقدمون خلاصة تجاربهم التي دمجت بين الفن الحديث والمعاصر للفنون الإسلامية، لتتذوقها الأبصار وتترجمها عقول الجمهور في صياغة التوالف بين الفنون التقليدية وعصرنتها بإبداع الفنانين، وذلك من خلال عدة عناوين للمعارض أبرزها «الداخل الأعمق، شفافية شعرية، العزيمة، هنا الآن، حقائق متوازية، سجادة إيرانية، بيض العنقاء، كواكب داخلية، حقول، تواضع وخشوع، نون النسوة، مظلات، وغيرها»، ويصاحب المهرجان عرض فيديو عن فن الآبرو بمركز الذيد الفنون.
ويلقي المهرجان الضوء على الاتجاهات المعاصرة التي ركز عليها المشاركون ليواكبوا حركات الفنون البصرية الحديثة في العالم ليؤكدوا أن الفن الإسلامي من الفنون الحية التي تتطور وتتقدم بجهود فنانيها، وخصوصا الشباب منهم.
وصرح هشام المظلوم، المنسق العام لمهرجان الفنون الإسلامية، بأن الشارقة تؤكد الاهتمام بالثقافة والحضارة الإسلامية من خلال تنظيم المهرجانات الثقافية والفنية النوعية لكنوز التراث الحضاري الإسلامي، وقد هيأت الشارقة البنى ومسارات التواصل البناء من أجل الحفاظ على هذا الإرث وتداوله استلهاما للبديع من الزمان في مختلف ظروف المكان. ويأتي مهرجان الفنون الإسلامية هذا العام ونحن نحتفل، مع العالم الإسلامي بالشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2014، هذه المكانة التي احتلتها الشارقة عن جدارة واستحقاق.
وهناك 46 معرضا فنيا من 16 دولة عربية وصديقة، يشارك فيها 252 فنانا وفنانة بمجموع أعمال تبلغ 731، منها المعارض الشخصية التي تطرح أفكارا معاصرة وتعرض لأول مرة في هذا المهرجان، كذلك هناك معارض مهمة أخرى، منها معرض «تنويعات تركية» الذي يضم مجموعة متنوعة من الأعمال الخطية الكلاسيكية، كذلك مجموعة من المسابح المشغولة بمختلف الأحجار والأشكال، إضافة إلى مجموعة من أعمال الآبرو المتصلة بالتراث الإسلامي. أما أوزبكستان فتشارك بمجموعة من الصناعات اليدوية المزينة بأجمل الزخارف والخطوط الإسلامية. ويقام أيضا معرض لاتحاد المصورين العرب يضم نماذج مهمة من أعمال التصوير الضوئي بعنوان «مشارق ومغارب إسلامية»، وهو على شكل مسابقة تمنح جوائزها لأفضل الأعمال المشاركة، كما تقيم جمعية الإمارات للفنون التشكيلية مسابقة لأحسن الأعمال الفنية المتعلقة بالفنون الإسلامية، كما تقام 86 ورشة فنية متعددة الاتجاهات والأساليب، كما سيقام 13 عرضا لأفلام الفيديو التخصصية وأربع دورات تدريبية، و58 زيارة ميدانية وحفلة للإنشاد الديني.
وانعقدت ندوة «انعكاسات مكانية في الفنون الإسلامية» شارك فيها د. محمد أبو سبيب ود. إياد الحسيني ود. غازي إنعيم، وأدار الجلسة الدكتور عبد الكريم السيد، باحث وناقد فني بإدارة الفنون، التي استهلت كيفية انتشار الدين الإسلامي الحنيف في معظم بقاع العالم باختلاف الأفكار والعادات والتركيبات الاجتماعية، إضافة إلى الفنون الإسلامية المختلفة (الخط العربي، العمارة، الأدب والمخطوطات) وانتشار الزخرفة الإسلامية والأرابيسك وفن المنمنمات والنحت. كما غطت الندوة محاور عدة منها الفن الإسلامي الموحد الذي يجمع كل الدول الإسلامية واختلاف هذه الفنون من بلد لآخر، أيضا أهم الأمكنة التي ازدهرت فيها وتأثيرها على هذه الفنون، وأهم المعالم التاريخية التي تبين عظمة الفنون الإسلامية ومقارنتها بالأمكنة المختلفة، وأشهر الفنانين وأماكن وجودهم وتأثرهم بالمكان في طرحه الفني الحديث.
وتقام عدة ورش منها ورشة «تنويعات في خط الثلث» للفنان أيوب القوشجي، وورشة «أسرار عملية لصق اللوحات» للفنان أوزكور أوكور ببيوت الخطاطين وورشة «تصميم حروفيات إسلامية» للأستاذ خالد حنيش بمعهد الشارقة للفنون، كما ستقام محاضرتان، الأولى في «صناعة الورق اليدوي» للدكتور بسام داغستاني بمركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة، والثانية عن «فن الكانفاس» للأستاذ عدنان الشريفي إلى جانب افتتاح معرض فن الآبرو للفنان ألب أرسلان بمركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة، وكذلك افتتاح معرض فنون يدوية من طشقند لمجموعة من الفنانين من أوزبكستان ببيوت الخطاطين، كما تضمن المعرض أكثر من 70 عملا فنيا للفنانين الأوزباكستانيين (شيخة عبد الله، عبد العزيز أرماتوف، وزايركون زوكيدوف) تميزت أعمال الفنانة شيخة عبد الله بالخطوط على الجلد، أما الفنان عبد العزيز أرماتوف، فقد تميزت أعماله بالزخارف المذهبة على شكل لوحات فنية تنتمي في أسلوبها للحقبة التيمورية من الفن الإسلامي، وهي إحدى أهم المدارس الفنية في الزخرفة والتذهيب. كما تضمن المعرض أيضا أعمال الخشب المحفور والمزخرف بطريقة متقنة في النقش التقليدي على الأسس القديمة في التراث الفني الإسلامي الذي كان أسلوب الفنان زايركون زوكيدوف، حيث تنوعت أعماله بين حوامل للمصاحف وطاولات مزخرفة وعلب.
كما تقام خلال المهرجان ندوة فكرية بعنوان «انعكاسات مكانية في الفنون الإسلامية»، حيث إن الدين الإسلامي الحنيف قد انتشر إلى معظم أنحاء العالم ليشمل مناطق مختلفة من الشرق والغرب والشمال والجنوب، وهذه الأماكن مختلفة تاريخيا وجغرافيا، كما تختلف فيها الأفكار والعادات والتركيبات الاجتماعية، وحتى المناخية. بانتشاره الواسع هذا، انتشر مع الإسلام، إضافة لمبادئ الدين، الفنون الإسلامية المختلفة، سواء الخط العربي، أو العمارة، أو حتى في الأدب والمخطوطات، كما انتشرت الزخرفة الإسلامية والأرابيسك وفن المنمنمات، وحتى فن النحت في بعض الأوقات والأماكن. وجرت دعوة مجموعة من الأكاديميين المتخصصين من دول عربية عدة للمشاركة فيها.
وإلى هذا كله يقام معرض «مداد الوطن» في دورته الخامسة بقاعه المعارض التابعة لمركز كلباء الثقافي، ضمن البرنامج الثقافي الرسمي لمهرجان الفنون الإسلامية الذي تنظمه إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، يشارك فيه 21 خطاطا من أبناء وبنات الإمارات بــ37 عملا، وهم: شيخة محبوب، فاطمة راشد عبيد، مريم خليفة الصاحي، عذيبة سالم القايدي، عيدة مطر القايدي، هيا عبيد الكتبي، مريم البلوشي، ندى المازمي، مروان الحمادي، مريم سويدان، فاطمة جوري، عمران الهاشمي، إيمان البستكي، علياء المهيري، ثريا إبراهيم الظهوري، فاطمة الظنحاني، فاطمة السلامي، فاطمة سالمين، عائشة حمدان، خولة علي، مريم راشد، حيث يقدمون أعمالهم الخطية المستجيبة في عمومها لموازين الخطوط الكلاسيكية الإسلامية بحسب تكوين كل خطاط ومحصلة خبراته، وصقل مواهبهم عبر سلسلة من البرامج والمتابعات العلمية لمركز الخط العربي والزخرفة في الشارقة، إضافة لمراكز الفنون في المنطقة الشرقية، وغيرها من مرافق إدارة الفنون والمنتشرة في ربوع أمارة الشارقة.
وضمن فعاليات المهرجان أيضا أقيمت في قاعة بيوت الخطاطين بالشارقة ورشة متخصصة حول «تنويعات في خطي الثلث والنسخ» أشرف عليها الخطاط أيوب القوشجي (العراق) الذي قدم شرحا تفصيليا عن عملية بناء السطر والتكوين في خطي الثلث والنسخ، ويعد الخطاط أيوب القوشجي من أهم الخطاطين العراقيين، شارك في الكثير من المسابقات والمعارض الدولية في فن الخط العربي، حائز على المركز الأول بجائزة البركة التركي.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».