القضاء يستدعي الدولة المغربية طرفاً في قضية قتل السائحتين الاسكندنافيتين

حراس مغاربة أمام غرفة الجنايات المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب الملحقة بمحكمة الاستئناف في مدينة سلا المجاورة للرباط أمس (أ.ب)
حراس مغاربة أمام غرفة الجنايات المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب الملحقة بمحكمة الاستئناف في مدينة سلا المجاورة للرباط أمس (أ.ب)
TT

القضاء يستدعي الدولة المغربية طرفاً في قضية قتل السائحتين الاسكندنافيتين

حراس مغاربة أمام غرفة الجنايات المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب الملحقة بمحكمة الاستئناف في مدينة سلا المجاورة للرباط أمس (أ.ب)
حراس مغاربة أمام غرفة الجنايات المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب الملحقة بمحكمة الاستئناف في مدينة سلا المجاورة للرباط أمس (أ.ب)

قررت غرفة الجنايات، المكلفة قضايا مكافحة الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بمدينة سلا المجاورة للرباط، أمس، إرجاء النظر في محاكمة المتهمين الـ24 بقضية قتل السائحتين الاسكندنافيتين بضواحي مراكش، إلى 30 مايو (أيار) الحالي، مع استدعاء الدولة المغربية طرفاً في القضية.
ويأتي هذا التأجيل الثاني من نوعه للمحاكمة التي تستأثر باهتمام واسع من طرف وسائل إعلام دولية ومحلية، بعد قبول المحكمة طلب دفاع الضحيتين، الذي تقدم بطلب تنصيب الدولة طرفاً في القضية وتحميلها مسؤولية التعويض عن جبر الضرر لذوي الضحيتين، الذي ستقضي به المحكمة في القضية.
وقال الحسين الراجي، محامي دفاع الضحية النرويجية مارين أولاند (38 عاماً): «نطالب بتأجيل النظر في الملف، نظراً لأن الطرف المهم في القضية غير حاضر»، وأضاف: «نلتمس من المحكمة استدعاء الدولة المغربية، في شخص رئيس الحكومة كطرف في القضية».
وأكد الراجي في كلمة بعد افتتاح الجلسة، أن استدعاء الدولة كطرف في القضية يعزز شروط المحاكمة العادلة لأطراف القضية، مشدداً على ضرورة التزامها بضمان أداء التعويض المادي لذوي الضحيتين، على اعتبار أن المتورطين في الحادث غير قادرين على الأداء.
وأضاف المتحدث ذاته أن الدولة المغربية تتحمل المسؤولية المعنوية في القضية وضمان التعويض المستحق لذوي الحقوق، لافتاً إلى أن هذا الطلب يستند على أسس قانونية، والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب بخصوص مكافحة الإرهاب.
واستدرك الراجي، موضحاً أن «استدعاء الدولة المغربية كطرف في القضية لا يعني تحميلها مسؤولية التقصير في الحادث، وعدم توفير الحماية اللازمة للضحيتين».
ولفت المحامي ذاته إلى أن عائلة إحدى الضحيتين لوّحت باللجوء إلى القضاء الدولي لإنصافها، معتبراً أن هذا الأمر سيمثل خدشاً لصورة المغرب واستقلالية قضائه.
في المقابل، عارضت النيابة العامة طلب دفاع الضحيتين بإدخال الدولة طرفاً في الملف؛ حيث اعتبرت أن هذا الأمر يمكن أن يتم اللجوء إليه في القضاء الإداري، بعد صدور الحكم، إذا أحس أي طرف بأنه لم ينصف، وشدّد ممثلها على أن حقوق الضحايا مكفولة دولياً ووطنياً.
ودعت النيابة العامة إلى رفض طلب دفاع الضحيتين، على اعتبار أن تحديد مسؤولية الدولة في الملف يحددها القضاء الإداري، وأكدت أن الحديث عن التعويض ومن يتحمل مسؤولية أدائه أمر «سابق لأوانه»، قبل أن يرفع القاضي الجلسة للتشاور من أجل البتّ في الموضوع؛ حيث أعلنت المحكمة قبول الطلب واستدعاء الدولة للحضور في القضية طرفاً، ويرتقب أن تسجل حضورها في جلسة 30 مايو التي حددت لاستئناف المحاكمة.
وشهدت الجلسة، أمس، نوعاً من الشدّ والجذب بين النيابة العامة وأحد محامي الدفاع عن المتهمين؛ حيث اعتبر المحامي سعيد السهلي، دفاع المشبه به الإسباني - السويسري كيفن زولر غويرفوس، البالغ من العمر 25 عاماً، أن المحاكمة لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العلنية، بسبب غياب الترجمة.
وأضاف السهلي أن والدة المشتبه به الأجنبي «لم تفهم أي شيء في الجلسة، وبقيت تعيش على أعصابها، وهو ما يمثل خرقاً لمبدأ رفع السرية عن المحاكمة»، كما طالب المحامي السهلي بتوفير الترجمة لاطلاع الأجانب بتفاصيل وأجواء المحاكمة. الأمر الذي رفضته النيابة العامة وأكدت وجود المترجم.
ونفت والدة المتهم زولر غويرفوس تشكيل ابنها «عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية، وتدريب وتجنيد أشخاص لتنفيذ أعمال إرهابية، وتقديم المساعدة عمداً لمن يرتكب أفعالاً إرهابية»، كما نفت أي صلة لابنها بالإرهاب.
ورددت المواطنة السويسرية في تصريحات أمام مبنى المحكمة عقب رفع الجلسة: «ابني لا صلة له بالموضوع، هو مسيحي، وليس مسلماً»، وأكدت أنه كان يتردد على «الكنيسة ويحرص على أداء صلاته فيها، ولا يدخل المساجد». ويواجه المتهمون، الذين حضروا الجلسة مجتمعين وسط حراسة أمنية مشددة، بتهم «تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية، والاعتداء عمداً على حياة الأشخاص مع سبق الإصرار والترصد، وارتكاب أفعال وحشية لتنفيذ فعل يعد جناية، وحيازة أسلحة نارية، ومحاولة صنع متفجرات خلافاً لأحكام القانون، في إطار مشروع جماعي يستهدف المسّ الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف».
وكان قاضي التحقيق قد أمر بإحالة المتهمين في حالة اعتقال إلى غرفة الجنايات الابتدائية لمحاكمتهم، وذلك إثر مقتل سائحتين اسكندنافيتين، هما الدنماركية لويسا فيستراجر سبيرسن (24 عاماً)، والنرويجية مارين أولاند (38 عاماً)، بضواحي مدينة مراكش في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي في جريمة بشعة هزت الرأي العام.
وتعرضت الضحيتان اللتان قدمتا إلى المغرب في إجازة، لطعنات عدة، وعُثر على جثتيهما في اليوم الموالي مقطوعتي الرأس بمنطقة شمهاروش بدائرة إمليل بإقليم الحوز.
ورجّحت السلطات المغربية في البداية أن تكون الجريمة عملاً جنائياً، إلا أن انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر جزّ رقبة إحدى الضحيتين، أكّد الدوافع الإرهابية للجناة.
ويوجد 4 متهمين رئيسيين في هذه الجريمة؛ 3 منهم متورطون بشكل مباشر في ذبح السائحتين؛ وهم عبد الصمد الجود، البائع المتجول الذي يبلغ من العمر 25 عاماً، وهو متحدر من مراكش، ويعد «أمير» أو زعيم الجماعة. ويونس أوزياد، البالغ من العمر 27 عاماً، وكان اعتقل مع المتهم الرئيسي عند محاولتهما الفرار من مراكش بهدف عبور الحدود إلى ليبيا، وفق المحققين. أما المتهم الثالث، فهو رشيد أفاط، البالغ من العمر 33 عاماً، وهو أيضاً بائع متجول يعيش في حربيل، القرية الواقعة على بعد 20 كيلومتراً من مراكش. أما المشتبه به الرابع فهو عبد الرحيم خيالي، البالغ من العمر 33 عاماً، وكان ذهب مع رفاقه إلى جبال الأطلس، لكنه غادر قبل ارتكاب الجريمة.
وإلى جانب الأربعة الرئيسيين؛ أوقف الأمن المغربي 20 مشتبهاً بهم آخرين، في مدن مراكش والصويرة وسيدي بنور وشتوكة آيت باها وطنجة، ينتمون إلى الجماعة التي أسسها الجود، ويعتنقون الأفكار نفسها.


مقالات ذات صلة

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري.

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد)
آسيا خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)

أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

قال أنس حقاني، ابن شقيق القائم بأعمال وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» بأفغانستان، خليل الرحمن حقاني، إن الوزير وستة آخرين قُتلوا في تفجير بالعاصمة كابل.

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».