سوق «نزوى» في سلطنة عمان تستعيد وهجها في رمضان

تشكل مع القلاع والحصون والبيوت الأثرية أيقونة تراثية فريدة

جانب من سوق «نزوى»
جانب من سوق «نزوى»
TT

سوق «نزوى» في سلطنة عمان تستعيد وهجها في رمضان

جانب من سوق «نزوى»
جانب من سوق «نزوى»

لشهر رمضان نكهة خاصة في سلطنة عُمان. فالطبيعة العُمانية التي تتعانق فيها الجبال والسهول والأودية مع البحر، تعطي مساحة كبيرة للتلون البصري وفسحة للتأمل، وإذا مُزجت بالتراث العُماني التقليدي فإنها تشكل لوحة فلكلورية عابقة بالتفاصيل.
لا تزال التقاليد القديمة على حالها في عُمان وتشكل حلقة الوصل بين الأجيال، وتحافظ على أصالتها، خصوصاً فيما يتعلق بالشهر الكريم، فالحارة العُمانية لا تزال ملتقى أبنائها مهما باعدت بينهم مسافات المدينة الحديثة، وعادات الإفطار الجماعي، وأمسيات الليالي الرمضانية، واجتماع الأسرة، وتبادل أطباق الطعام التقليدي بين الجيران... كلها ألوان تطرز المشهد الرمضاني.
أما الأسواق في عُمان؛ فهي الأخرى تشهد حركة دؤوباً خلال الشهر الفضيل، وهي حافلة بأنواع المنتجات الغذائية والحرفية. وتُعدّ سوق «نزوى» من أعرق الأسواق الشعبية التقليدية التي تحكي تفاصيل حياة الإنسان العماني منذ قديم الزمان، وتشكل مع القلاع والحصون والبيوت الأثرية والحارات القديمة والأفلاج أيقونة تراثية متفردة.
وتضم السوق تصميماً معمارياً تراثياً بني على الطراز العماني التقليدي، كما تمتاز بموقعها المميز قرب أسوار قلعة «نزوى». وتمثل تحفة معمارية ومثالاً للأسواق الشعبية التقليدية التي حافظت على تراث ولاية نزوى وتاريخها وحضارتها المتمثلة في قلاعها وحصونها وبيوتها الأثرية، والتي ترمز إلى الحياة القديمة التي عرفها الإنسان العُماني وأصبحت تلهم خياله.
منذ القدم، كانت سوق «نزوى» مركزاً تجارياً تقليدياً يشكل ملاذاً للمتبضعين ومكاناً لبيع المنتجات المحلية وحاضنة للحرفيين والصناعيين سواء أولئك الذين يعملون في الخياطة أو صناعة الخناجر أو تشكيل النحاس وصناعة الفضة أو الخزفيات والفخاريات المشهورة في هذه السوق، وعلى مدى السنوات أصبح الحرفيون يورثون مهنهم إلى أبنائهم وإلى الأجيال اللاحقة، حتى أصبحت هذه السوق تمتلك خبرات ماهرة وحرفية.
وتُشكل سوق «نزوى» وجهة سياحية فريدة لما تحتويه من مشغولات تقليدية محلية تتمثل في الحُلي والصناعات النسيجية والنحاسيات والمقتنيات القديمة والفخاريات، خصوصاً السوق الغربية التراثية، إضافة إلى الماشية والمواد الغذائية؛ إذ يقصده المتسوقون لشراء الحلوى العُمانية. وتضم السوق أقساماً تشمل: السوق الغربية، والسوق الشرقية، مروراً بأقسام: الفواكه، والخضراوات، واللحوم، والأسماك، وفي أحد أجنحتها تقع سوق التمور، التي تعرض أفخر المنتجات العُمانية والخليجية من التمور التي تلاقي إقبالاً خاصاً خلال شهر رمضان.
وتعج السوق بالحياة؛ خصوصاً يوم الجمعة، حيث يتوافد إليها المواطنون والمقيمون من مختلف محافظات السلطنة للتبضع واقتناء حاجياتهم اليومية.


مقالات ذات صلة

تطلُّع خليجي لعودة السلام في لبنان بعد انتخاب جوزيف عون

الخليج البديوي يأمل بأن تتعزز العلاقات التاريخية بين الخليج ولبنان (مجلس التعاون)

تطلُّع خليجي لعودة السلام في لبنان بعد انتخاب جوزيف عون

تطلّع جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، لأن يسهم انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للبنان، في استعادة الأمن والسلام في البلاد وتحقيق تطلعات الشعب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الغرابة (SWNS)

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
يوميات الشرق التقرير المناخي المعني بفصل الشتاء في السعودية يُشير إلى اعتدال نسبي هذا العام (واس)

موجة باردة تؤثر على دول الخليج... والحرارة تصل للصفر

موجة باردة تشهدها دول الخليج تسببت في مزيد من الانخفاض لدرجات الحرارة، لتقترب من درجة صفر مئوية في عدد من المناطق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عربية لاعبو الكويت وحسرة عقب الخروج من البطولة (خليجي 26)

الكويتي خالد إبراهيم: خسرنا اللقب وكسبنا نجوم المستقبل

أكد خالد إبراهيم، مدافع منتخب الكويت، أنهم خرجوا بمكاسب كبيرة من بطولة الخليج، وذلك عقب خسارتهم على يد البحرين 0-1 في نصف النهائي.

علي القطان (الكويت )
رياضة عالمية بيتزي يوجه لاعبيه خلال المباراة (خليجي 26)

بيتزي مدرب الكويت: لست قلقاً على مستقبلي

قال الأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي مدرب الكويت، إنه ليس قلقاً على مستقبله مع الفريق رغم الهزيمة 1 - صفر أمام البحرين الثلاثاء.

نواف العقيل (الكويت )

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.