350 شركة تكنولوجية واعدة تبشر بثورة رقمية جديدة

قيمتها تتجاوز تريليون دولار... والريادة لأميركا والصين

«وي وورك» تعد إحدى كبرى الشركات التكنولوجية الناشئة على مستوى العالم (رويترز)
«وي وورك» تعد إحدى كبرى الشركات التكنولوجية الناشئة على مستوى العالم (رويترز)
TT

350 شركة تكنولوجية واعدة تبشر بثورة رقمية جديدة

«وي وورك» تعد إحدى كبرى الشركات التكنولوجية الناشئة على مستوى العالم (رويترز)
«وي وورك» تعد إحدى كبرى الشركات التكنولوجية الناشئة على مستوى العالم (رويترز)

يبلغ عدد الشركات الناشئة في قطاع الإنترنت وتقنيات المعلومات حول العالم نحو 350 شركة، وهذا العدد يضم تلك الشركات التي تبلغ قيمتها السوقية مليار دولار وما فوق. وتستحوذ الولايات المتحدة الأميركية على 173 شركة، مقابل 89 في الصين، و38 في أوروبا، و16 في الهند، و8 في كوريا الجنوبية، و4 في إندونيسيا، و4 في إسرائيل، و2 في البرازيل، و2 في جنوب أفريقيا، وواحدة في سنغافورة، وفقاً لدراسة مصدرها «سي بي إنسايت».
ويبلغ إجمالي قيمة هذه الشركات الناشئة «start – up» نحو 1.1 تريليون دولار. وتقول الدراسة إن العدد لم يكن يتجاوز الـ40 شركة في عام 2013. ومنذ ذاك العام تضاعفت الشركات الناشئة على نحو مضطرد وسريع.
ومن حيث العدد والحجم، تسيطر الولايات المتحدة على هذا القطاع، إذ فيها نحو نصف عدد الشركات العالمية الناشئة العاملة في تقنية المعلومات والإنترنت والتكنولوجيا الرقمية، وقيمة تلك الشركات الأميركية 537 مليار دولار، وتتمتع بميزات تنافسية حيوية ومتقدمة، وتستمر في مفاجأة العالم، كما حصل يوم الجمعة الماضي عند إدراج شركة «أوبر» في بورصة «وول ستريت». وهناك أيضاً شركات «وي وورك» و«جول» و«سترايب» و«سبيس إكس» و«أبيك» و«غيمز» التي تحتل 6 مراكز في قائمة أكبر 10 شركات من هذا النوع في العالم.
وتفسر دراسة «سي بي إنسايت» هذه الدينامية الأميركية بقوة الدفع الآتية من صناديق الاستثمار التي تراهن على هذا القطاع، وتضخ فيه استثمارات بمئات ملايين الدولارات سنوياً، على أمل أن تكبر تلك الشركات، وتتحول يوماً ما إلى نماذج تشبه «غوغل» و«أمازون» و«فيسبوك» و«آبل» و«مايكروسوفت»! فهذا الخماسي المسمى اصطلاحاً «غافام» هو النموذج الذي تريد الوصول إلى مكانته كل شركات التكنولوجيا في العالم. وعلى الرغم من انخفاض عمليات التمويل في الربع الأول من هذا العام، فإن تلك الشركات الأميركية الناشئة استطاعت إقناع صناديق استثمارية، وجمعت منها 345 مليون دولار، وفقاً لإحصائية أعدتها «كي بي إم جي».
والمنافس الأول للولايات المتحدة في هذا المجال هي الصين. ورغم أن عدد الشركات الناشئة الصينية أقل من نصف الأميركية، فإن بينها شركات بقيم سوقية كبيرة مثل «بايت دانس»، وقيمتها 75 مليار دولار، و«دي دي» وقيمتها 56 مليار دولار، علماً بأن هذه القيم السوقية ارتفعت على نحو لافت منذ إدراج «أوبر».
وكان عام 2018 ذهبياً بالنسبة لشركات «التك» الصينية الناشئة، إذ قامت واشتهرت الكثير منها، لكن هذا العام يشهد ركوداً في النشوء، لأن التباطؤ الاقتصادي الصيني خفف سرعة حماس المستثمرين في هذا القطاع، كما أن المشكلات التي واجهت بعض الشركات خففت من ذلك الحماس أيضاً، كما حصل مع شركة «بيتمين» العاملة في «البلوكتشين»، و«أوفو» و«موبايك» العاملتين في الدراجات الهوائية، فضلاً عن تراجع القيمة السوقية في البورصة لشركة «كزياومي» المصنعة للأجهزة النقالة، التي تعتبر رائدة في الصين. فتلك الشركة، وبعد نجاحات متواصلة خلال السنوات الماضية تعاني حالياً من انخفاض سعر سهمها إلى ما دون سعر الإدراج الأول، فالقيمة حالياً 33 مليار دولار، علماً بأنها كانت 45 ملياراً.
أما في أوروبا، فأعين متابعي هذا القطاع تتجه ناحية بريطانيا وفرنسا وألمانيا. ومن الأحداث اللافتة في الأشهر القليلة الماضية استطاعة شركة «دوكتوليب» الفرنسية جمع 170 مليون دولار، ما رفع القيمة السوقية الإجمالية لهذه الشركة إلى أكثر من مليار دولار. لكن هذا الحدث اللافت لا يخفي أن في فرنسا 4 شركات ناشئة فقط هي: «بلابلا كار» و«ديزر» و«أو في اتش» و«دوكتوليب». أي أقل مرتين من عدد الشركات الألمانية الناشئة في قطاع الإنترنت وتقنيات المعلومات والتكنولوجيا الرقمية، وذلك وفقاً لإحصائية «سي بي أنسايت» التي تؤكد أن في أوروبا عموماً 37 شركة فقط من هذا النوع، ونصف هذا العدد في بريطانيا، حيث الأبرز هي شركة «غلوبال سويتش» الإنجليزية، وقيمتها السوقية 11 مليار دولار، وهي الأكبر حالياً في فئتها بعد إدراج شركة «سبوتيفي» السويدية.
وتشير الدراسة إلى أن شركات النقل التشاركي، على سبيل المثال لا الحصر، تشكل النموذج الذي يظهر الصعوبة الأوروبية في أحداث خرق جوهري على مستوى الشركات الناشئة العالمية. فشركتا «كابيفي» (1.4 مليار) و«بولت» (مليار دولار)، قيمتهما أقل بكثير من القيم التي وصلتها «أوبر» الأميركية (72 ملياراً) و«دي دي» الصينية (45 ملياراً) و«ليفت» الأميركية (15 ملياراً) و«غراب» السنغافورية (15 ملياراً) و«غو - جك» الإندونيسية (10 مليارات).
وتتناول الدراسة حالة الهند التي تشهد قيام شركات ناشئة واعدة. فعام 2018 كان مزدهراً جداً، وظهرت فيه 7 شركات جديدة قيمة الواحدة فوق المليار دولار. وفي الهند حالياً 16 شركة بقيمة إجمالية تبلغ 47 مليار دولار. وشهدت الأشهر الأولى من العام الحالي 2019 ظهور 3 شركات هي «دلهيفري» و«بيغباسكيت» و«دريم 11». وتتصدر القائمة الهندية شركة الخدمات المالية الرقمية «وان 97 كومينيكيشن» البالغة قيمتها 10 مليارات دولار.
يذكر أن الشركات الناشئة تقسم إلى عدة فئات؛ أبرزها هي تلك القادرة على جمع مليار دولار دفعة واحدة في جولة تسويق استثماري واحدة. وظهرت في 2018 نحو 24 شركة من هذه الفئة، مقابل 14 في 2017، و9 في 2016.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.