نظم مراقبة صينية مثيرة للجدل... لمدن «ذكية آمنة»

تتعقب الهواتف وقد تزود بتقنيات التعرف على الوجوه

نظم مراقبة صينية مثيرة للجدل... لمدن «ذكية آمنة»
TT

نظم مراقبة صينية مثيرة للجدل... لمدن «ذكية آمنة»

نظم مراقبة صينية مثيرة للجدل... لمدن «ذكية آمنة»

تلتقط الكاميرات في الإكوادور صوراً لتتفحصها الشرطة والاستخبارات المحلية. وتعود جذور نظم المراقبة هذه... إلى الصين. وفي العاصمة الإكوادورية كويتو يشرف مبنى رمادي على مشهد شامل يكشف معالم المدينة الحيوية من منحدرات جبال الأنديز إلى الأحياء البهية في سفوحها، إلا إن ضباط الشرطة العاملين في هذه البقعة، يركّزون تحقيقاتهم على مكان آخر، ويمضون أياماً في معاينة مقاطع فيديو صوّرتها 4300 كاميرا في جميع أنحاء البلاد.

- كاميرات متطورة
ترسل هذه الكاميرات المتطوّرة ما تلتقطه إلى 16 مركز مراقبة في الإكوادور يعمل فيها أكثر من 3 آلاف موظّف. يتحكّم أفراد الشرطة المجهّزين بقضبان التحكّم بالكاميرات ويتفحّصون الشوارع لرصد عمليات ترويج المخدرات والسطو والقتل... وعند رصدهم أي حركة غير طبيعية، يكبّرون الصّورة.
تأتي التجهيزات التقنية المتطوّرة التي تنتشر في «جنّة التلصص» هذه، من دولة تسارع الخطى لتصبح عاصمة للمراقبة العالمية؛ أي الصين. ويمثل هذا النظام الذي نشرته الإكوادور مع بداية عام 2011، الإصدار الأوّل لنظام مراقبة كومبيوتري أنفق الصينيون ملايين الدولارات على تطويره خلال عقد من التطور التقني. وبحسب حكومة الإكوادور، فإن هذه الكاميرات تزود الشرطة بمقاطع الفيديو لإخضاعها لمراجعة «يدوية».
تشكّل الإكوادور اليوم مثالاً على اعتماد التقنية المطوّرة للمراقبة التي يمكن أن يساء استخدامها. وقد وصل عدد الدول التي تستخدم هذه الأجهزة «الاستخباراتية» الصينية إلى 18؛ من بينها الإمارات العربية المتحدة وألمانيا. تعمل الشركات حول العالم على تأمين مكوّنات ورموز هذه النظم المخصصة للمراقبة الرقمية؛ إذ تمتلك دول ديمقراطية كبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا أنظمة خاصة تتجسس من خلالها على مواطنيها. ولكنّ تفوّق السوق الصينية المتنامية أحدث تغييراً في المشهد.

- مدن ذكية وآمنة
يحمل النظام الذي اعتمدته الإكوادور اسم «إي سي يو 911»، وتعاونت في تطويره شركتان صينيتان هما: «سي إي آي إي سي». (C.E.I.E.C) التابعة للحكومة، و«هواوي».
في تصريح لها، قالت شركة «هواوي» إنها «توفّر هذه التقنية لدعم برامج المدن الذكية والمدن الآمنة حول العالم. (هواوي) لا تسعى للمشاركة في وضع السياسة العامة فيما يتعلّق بكيفية استخدام هذه التقنية».
في الإكوادور، ثبتت كاميرات النظام الصيني الجديد على الأعمدة والأسطح في المناطق الممتدة من جزر جالاباجوس وحتى غابات الأمازون. يتيح هذا النظام للسلطات تعقّب الهواتف، وقد يزوّد قريباً بميزة التعرّف إلى الوجوه. تسمح تسجيلات هذه الكاميرات للشرطة بمراجعة الأحداث السابقة وترتيبها من جديد.
روّجت الحكومة الإكوادورية نظام المراقبة الجديد على أنّه وسيلة للسيطرة على النسبة المرتفعة لجرائم القتل، إلا إن تركيب نظام «إي سي يو 911» تزامن، بحسب الإكوادوريين، مع فترة كانت فيها نسبة جرائم القتل منخفضة. وتحدّث المواطنون أيضاً عن كثير من جرائم السطو والاعتداء التي حدثت على مرأى من الكاميرات الجديدة دون أن تحرّك الشرطة ساكناً. ولكنّ الشرطة المحلية نجحت في بناء نوع من الدعم الشعبي عبر نشر مقاطع على «تويتر» وشاشات التلفزيون تظهر ضبط معتدين وسارقين على الكاميرات.
وبين الخصوصية والسلامة، يختار كثير من الإكوادوريين عين كاميرا المراقبة؛ التي لا تغفل أبداً.
كشف السيّد روبايو أن بناء هذا النظام، الذي بلغت تكلفته الأولية 200 مليون دولار، بدأ بالقرب من مدينة غواياكيول الساحلية المكتظة التي ترتفع فيها نسبة الجريمة، وتوسع ليشمل جميع أنحاء الإكوادور في 4 سنوات. تمّ تثبيت هذه الكاميرات في أي موقع يمكنها فيه أن ترصد رؤية واضحة، وجُهزت مراكز العمليات في أماكن مرتفعة. وسافر مسؤولون إكوادوريون كبار إلى الصين لتلقّي تدريب على النظام الجديد، وزار مهندسون صينيون الإكوادور لتعليم نظرائهم كيف يعمل هذا النظام.

- رصد شامل
جذب هذا النشاط أنظار الدول المجاورة، فزار مسؤولون فنزويليون الإكوادور للاطلاع على النظام الجديد، بحسب ما كشف مسؤول إكوادوري يعمل في هذا المشروع عام 2013. واستوردت فنزويلا نسخة أكبر من البرنامج بهدف نشر 30 ألف كاميرا، وتبعتها بوليفيا.
ولكنّ طموحات العاصمة الصينية أكبر بكثير من الإمكانات التي استوردتها هذه الدول؛ إذ تعمل قوات الشرطة في جميع أنحاء الصين اليوم على جمع مواد من عشرات ملايين الكاميرات ومليارات تسجيلات السفر واستخدام الإنترنت والنشاطات التجارية، للسيطرة على مواطنيها. تتضمن لائحة المراقبة الوطنية الصينية التي تدرج أسماء المجرمين والمحرّضين السياسيين المحتملين، ما بين 20 و30 مليون اسم؛ أي ما يفوق عدد سكان الإكوادور الذي يقدّر بـ16 مليون نسمة.
وقد نصبت في العاصمة كويتو 800 كاميرا، ولكن خلال زيارتها للبلاد، وجدت «نيويورك تايمز» أنّ 30 من عناصر الشرطة فقط يعملون على التحقّق من تسجيلات الفيديو. وفي المبنى الرمادي نفسه، يمضي عناصر الشرطة بضع دقائق في مراقبة تسجيلات إحدى الكاميرات، ومن ثمّ ينتقلون إلى الأخرى، مما يعني أن محاربة الجريمة إحدى المهام؛ وليست المهمة الوحيدة لهذا النظام.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
TT

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)

أطلقت شركة «أبل» الأربعاء تحديثات لنظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها، «أبل إنتلدجنس»، الذي يدمج وظائف من «تشات جي بي تي» في تطبيقاتها، بما في ذلك المساعد الصوتي «سيري»، في هواتف «آيفون».

وستُتاح لمستخدمي هواتف «أبل» الذكية وأجهزتها اللوحية الحديثة، أدوات جديدة لإنشاء رموز تعبيرية مشابهة لصورهم أو تحسين طريقة كتابتهم للرسائل مثلاً.

أما مَن يملكون هواتف «آيفون 16»، فسيتمكنون من توجيه كاميرا أجهزتهم نحو الأماكن المحيطة بهم، وطرح أسئلة على الهاتف مرتبطة بها.

وكانت «أبل» كشفت عن «أبل إنتلدجنس» في يونيو (حزيران)، وبدأت راهناً نشره بعد عامين من إطلاق شركة «أوبن إيه آي» برنامجها القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، «تشات جي بي تي».

وفي تغيير ملحوظ لـ«أبل» الملتزمة جداً خصوصية البيانات، تعاونت الشركة الأميركية مع «أوبن إيه آي» لدمج «تشات جي بي تي» في وظائف معينة، وفي مساعدها «سيري».

وبات بإمكان مستخدمي الأجهزة الوصول إلى نموذج الذكاء الاصطناعي من دون مغادرة نظام «أبل».

وترغب المجموعة الأميركية في تدارك تأخرها عن جيرانها في «سيليكون فالي» بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعن شركات أخرى مصنّعة للهواتف الذكية مثل «سامسونغ» و«غوغل» اللتين سبق لهما أن دمجا وظائف ذكاء اصطناعي مماثلة في هواتفهما الجوالة التي تعمل بنظام «أندرويد».

وتطرح «أبل» في مرحلة أولى تحديثاتها في 6 دول ناطقة باللغة الإنجليزية، بينها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والمملكة المتحدة.

وتعتزم الشركة إضافة التحديثات بـ11 لغة أخرى على مدار العام المقبل.