قوات النظام تتقدم جنوب إدلب... ومنظمات إغاثية تعلق أنشطتها

اقتربت من نقطة تركية شمال غربي سوريا

عنصر من الدفاع المدني بعد قصف ريف إدلب (الشرق الأوسط)
عنصر من الدفاع المدني بعد قصف ريف إدلب (الشرق الأوسط)
TT

قوات النظام تتقدم جنوب إدلب... ومنظمات إغاثية تعلق أنشطتها

عنصر من الدفاع المدني بعد قصف ريف إدلب (الشرق الأوسط)
عنصر من الدفاع المدني بعد قصف ريف إدلب (الشرق الأوسط)

دخلت قوات النظام السوري بغطاء روسي حدود محافظة إدلب شمال حماة شمال غربي البلاد، في وقت علّقت منظمات إغاثية عدة، بينها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أنشطتها في مناطق تشهد تصعيداً في القصف في محافظة إدلب، وفق ما أفادت الأمم المتحدة.
ويتعرض ريف إدلب الجنوبي مع مناطق محاذية له في محافظات أخرى، لقصف كثيف منذ نهاية الشهر الماضي، تشنّه قوات النظام مع حليفتها موسكو مع أن المنطقة مشمولة باتفاق روسي - تركي تم التوصل إليه العام الماضي.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن «بعض المنظمات علّقت أنشطتها بعدما دُمرت مقراتها أو طالتها الأضرار أو باتت غير آمنة». كما اتخذت أخرى قراراً بوقف الأنشطة حفاظاً على سلامة العاملين معهم أو حتى نتيجة نزوح السكان بشكل كامل في مناطق معينة.
ومنذ الثامن من الشهر الجاري، علّق أكثر من «16 شريكاً في العمل الإنساني عملياتهم في المناطق المتأثرة بالنزاع»، وفق مكتب الشؤون الإنسانية الذي أشار إلى تقارير حول مقتل خمسة عمال إنسانيين نتيجة الغارات والقصف المدفعي.
من جهته، أفاد برنامج الأغذية العالمي عن «تعليق توزيع المساعدات على نحو 47 ألف شخص في قرى وبلدات في جنوب وغرب إدلب نتيجة تعرضها للقصف»، مشيراً إلى أن بعض المتعاونين مع البرنامج اضطروا إلى النزوح وآخرين أُصيبوا بجروح.
ودعا برنامج الأغذية العالمي أطراف النزاع كافة إلى توفير إمكانية وصول آمن لشركائها الإنسانيين لبلوغ عائلات لا تزال عالقة بين النيران.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) مع فصائل جهادية على إدلب وأرياف حلب الغربي وحماة الشمالي واللاذقية الشمالي الشرقي. وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً منذ توصل موسكو حليفة دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة إلى اتفاق في سبتمبر (أيلول)، نصّ على إقامة منطقة «منزوعة السلاح» تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ فبراير (شباط) وتيرة قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً. ومنذ نهاية أبريل (نيسان)، بلغت وتيرة القصف حداً غير مسبوق منذ توقيع الاتفاق، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأحصى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الفترة الممتدة بين 29 أبريل و9 مايو (أيار) نزوح أكثر من 180 ألف شخص جراء القصف، مشيراً إلى أن التصعيد طال 15 منشأة صحية و16 مدرسة وثلاثة مخيمات نزوح.
وتواصل قوات النظام وحليفتها روسيا قصفها بعشرات الغارات والقذائف الصاروخية، لبلدات وقرى عدة في ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، حسب المرصد.
ويأتي ذلك غداة مقتل عشرة مدنيين، بينهم طفلان، جراء القصف لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ نهاية أبريل إلى 106 مدنيين بينهم 15 طفلاً. ويتزامن القصف، مع استمرار العمليات الميدانية لقوات النظام في ريف حماة الشمالي بعدما تمكنت قبل أيام من السيطرة على عدة قرى وبلدات.
وأسفرت الاشتباكات أمس (السبت)، عن مقتل 14 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، فضلاً عن تسعة عناصر من الفصائل المتطرفة والمقاتلة، وفق المرصد.
وكان القائد العام لهيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني قد اعتبر في تصريحات الأسبوع الحالي أن العمليات العسكرية لقوات النظام تظهر «سقوط الخيارات السياسية، وهذا ما كنا ننادي به منذ زمن، وبات خيار الشعب والفصائل (...) هو الخيار العسكري». وأشار إلى أن الهيئة وضعت الخطط اللازمة لمواجهة أي تقدم لقوات النظام، وأرسلت تعزيزات عسكرية إلى جنوب إدلب.
ولم يعلن الجيش السوري بدء هجوم على محافظة إدلب ومحيطها التي تؤوي نحو ثلاثة ملايين نسمة، إلا أن الإعلام الرسمي ينشر يومياً تقارير عن استهداف مواقع «الإرهابيين» في المنطقة. ويتحدث محللون عن عملية محدودة.
وأعلن مسؤول عسكري سوري دخول القوات الحكومية لأول مرة حدود محافظة إدلب الإدارية بعد تقدمها في ريف حماة الغربي. وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية: «سيطر الجيش السوري على بلدتي العريمة وميدان غزال في ريف إدلب الجنوبي، واقتربت قواتنا من نقطة المراقبة التركية في بلدة شيرمغار، وتخوض قواتنا معارك على أطراف بلدة الكركات». وأضاف المصدر: «استعاد الجيش قرية الشريعة غرب مدينة قلعة المضيق، والتي سيطرت عليها المعارضة بعد ظهر (أول من) أمس».
وأكد المصدر أن سلاح الجو السوري شن غارات على مواقع مسلحي المعارضة في مدينة خان شيخون وبلدتي أحسم والهبيط بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى إصابات مباشرة في مواقعهم.
من جانبه، قال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش السوري الحر، إن فصائل المعارضة استعادت السيطرة على حرش الكركات بريف حماة الغربي، بعد معارك عنيفة مع قوات الحكومية، وقُتل خلال المعارك أكثر من 15 عنصراً من القوات الحكومية وأُصيب آخرون، كما تم تدمير سيارتين للقوات الحكومية ومقتل من بداخلها.
وأضاف القائد العسكري: «شنت طائرات حربية روسية عدة غارات على بلدة البارة في جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، كما تناوبت الطائرات الحربية الروسية والمروحية السورية في قصف بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي».
من جانبه، أفاد مصدر في الدفاع المدني بسقوط أكثر من 13 قتيلاً وعشرات الجرحى في قصف الطائرات الحربية الروسية طال مدينة خان شيخون، وبلدات أحسم والهبيط والبارة.
وأشار إلى أن طائرات مروحية سورية قصفت بالبراميل المتفجرة بلدتي ركايا سجنة والشيخ مصطفى بريف إدلب الجنوبي، وخلّفت دماراً كبيراً في منازل المدنيين وممتلكاتهم، لافتاً إلى استهداف المقاتلات الروسية مراكز صحية في ريفي حماة وإدلب. وقال المصدر: «خرج مستشفى الشام في ريف حماة من الخدمة، بعد تعرضه لقصف جوي روسي، كما خرج مركز الغاب الأوسط الصحي من الخدمة بعد استهدافه ببراميل متفجرة من قبل الطيران المروحي، وخرج مركز مشفيين الصحي في ريف إدلب من الخدمة بعد تعرضه للقصف».
وبدأت القوات الحكومية عملية عسكرية واسعة من منتصف الأسبوع الماضي، استطاعت خلالها السيطرة على مدينة قلعة المضيق وبلد كفرنبودة بريف حماة الغربي، وعدد من القرى، وشنت فصائل المعارضة التي توحدت في غرفة عمليات مشتركة باسم «غرفة عمليات فتح دمشق» واستعادت السيطرة على أطراف بلدة كفرنبودة وقرية الشريعة لتعود وتخسرها أمس.
وأفاد المرصد أمس، بـ«أنه بعد 270 ساعة من التصعيد، شنت طائرات روسية وسورية 7750 ضربة جوية وبرية شردت أكثر من 300 ألف مدني، وتسببت في مقتل 265 شخصاً، وتقدمت قوات النظام في 7 بلدات وقرى وتلة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».