خدمات المواصلات مثل «أوبر» تتسبب بالزحام المروري ولا تخفضه

ارتفاع ساعات التأخير بنسبة 62 % في سان فرانسيسكو

خدمات المواصلات مثل «أوبر» تتسبب بالزحام المروري ولا تخفضه
TT

خدمات المواصلات مثل «أوبر» تتسبب بالزحام المروري ولا تخفضه

خدمات المواصلات مثل «أوبر» تتسبب بالزحام المروري ولا تخفضه

قال باحثون من الولايات المتحدة إن خدمات المواصلات، مثل خدمة «أوبر»، تتسبب في زحام مروري إضافي بالمدن، وذلك خلافاً للانطباع الشائع بشأن هذه الخدمات.
واستند الباحثون في دراستهم لتحليل حركة المرور بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية.
وقال الباحثون، تحت إشراف جريجوري إيرهارت، من «جامعة كنتاكي» بمدينة ليكسينغتون، إن خدمات الوساطة، مثل خدمة «أوبر» وخدمة «ليفت»، تساهم هناك، وبشكل كبير، في تزايد الحركة المرورية.
ونشر الباحثون نتائج دراستهم في العدد الحالي لمجلة «ساينس أدفانسيس» المتخصصة.
في إطار تعليقه على الدراسة، قال كريستيان فينكلر، من معهد أبحاث المواصلات التابع للمركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء في برلين، إن نتائج الدراسة لم تفاجئه، «حيث إن توفر عرض مواصلات جديد يعني أيضاً زيادة جاذبية المرور في حد ذاته».
ورأى خبير المواصلات الألماني أن خدمات المواصلات لا تحل على ما يبدو بالدرجة الأولى محل التنقل بالسيارات الخاصة، حيث إن الناس يستخدمون هذه الخدمات بدلاً من التاكسي أو الحافلة أو القطار أو الدراجة، كما يستخدمونها بدلاً من السير.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن الباحثين تحت إشراف أرهارت أعدوا نموذجاً حاسوبياً لحركة المواصلات في مدينة سان فرانسيسكو عام 2016، مرة باستخدام الرحلات التي تتم بوساطة خدمتي «أوبر» و«ليفت»، ومرة أخرى من دونها، ثم قارنوا حركة المرور في المدينة عام 2016 بحركة المرور عام 2010، حيث إن الشركات الموفرة لهذه الخدمات تمتلك القدرة على خفض الاعتماد على السيارات الخاصة، فإنها توفر رؤية للمستقبل تخفض من خلالها الزحام المروري، بما يسمح باستخدام الطرق والشوارع لأغراض أخرى.
وقال الباحثون إنهم أرادوا اختبار هذه الرؤية، واستخدموا في سبيل ذلك نماذج حاسوبية، إضافة إلى قواعد بيانات عن التنقلات التي تتوسط فيها «أوبر» و«ليفت»، ثم ربطوا بينها وبين بيانات السرعة التي حصلوا عليها بواسطة نظام التموضع العالمي (GPS)، ونموذج الاستفسار عن الرحلات داخل مدينة سان فرانسيسكو.
وضبط الباحثون هذا النموذج الحاسوبي على عام 2010، عندما لم تكن هذه الخدمات تلعب دوراً في المواصلات داخل المدينة، ثم قارنوا الزحام المروري في ذلك العام مع الزحام المروري عام 2016، آخذين في الاعتبار ارتفاع عدد سكان المدينة في هذه الفترة من 805 آلاف إلى 876 ألف نسمة، إضافة إلى ارتفاع عدد الوظائف في المدينة من 545 ألفاً إلى 703 آلاف.
كما راعى الباحثون مناطق العمل الكبيرة في المدينة، إضافة إلى إجراءات تهدئة المواصلات، وغير ذلك من التغيرات التي طرأت على المدينة في هذه الفترة.
وأراد الباحثون بهذه الطريقة معرفة حجم المواصلات عام 2016 من دون خدمات المواصلات.
فإذا كانت شركتا «أوبر» و«ليفت» تخففان الزحام المروري فعلاً، فكان لا بد أن تكون حركة المرور التي تم رصدها أقل عن الحركة التي يظهرها النموذج الحاسوبي.
ولكن الباحثين وجدوا العكس، حيث ارتفعت المسافة المقطوعة من قبل كل مركبة بنسبة 13 في المائة، في حين أنه، ومن دون شركتي «أوبر» و«ليفت»، فإن هذه الزيادة كانت ستبلغ 7 في المائة فقط.
وقال الباحثون إن عدد ساعات التنقل لكل مركبة ارتفع بنسبة 30 في المائة، في حين أنهم قدروا أنها لم تكن للتجاوز 12 في المائة من دون «أوبر» و«ليفت».
بل وارتفع عدد ساعات التأخير، أي الساعات الضائعة بسبب الزحام أو الحركة المرورية المتعثرة، بنسبة 62 في المائة عام 2016 مقارنة به عام 2010، في حين أن حسابات الباحثين تشير إلى أنه ومن دون خدمتي «أوبر» و«ليفت»، فإن نسبة الارتفاع لم تكن لتتجاوز 22 في المائة.
وبشكل إجمالي، فإن متوسط السرعة في طرق سان فرانسيسكو وشوارعها ارتفع بنسبة 13 في المائة، و4 في المائة فقط من دون «أوبر» و«ليفت».
وفسر الباحثون ذلك بعدة عوامل؛ منها أن تجاوز السيارات الأخرى، وإنزال المرافقين في السفريات على حافة الشوارع يؤدي لتعثر الحركة المرورية.
كما لم ترتفع نسبة استخدام الحافلات، خلافاً لاستخدام القطارات، في الفترة التي شملها التحليل، وهو ما يدل على زيادة أعداد مستخدمي «أوبر» و«ليفت».
يضاف إلى ذلك أنه، ووفقاً لدراسة سابقة، فإن 70 في المائة من الذين يقدمون عروضاً للسفر باستخدام «أوبر» أو «ليفت»، يعيشون خارج مدينة سان فرانسيسكو، وهو ما يزيد عدد الرحلات إلى داخل المدينة.
وقال خبير المواصلات الألماني، فينكلر، إن خصم أعداد الركاب من وسائل المواصلات الأخرى معروف في دراسات سابقة، ولكن لا يمكن بالضرورة سحب النتيجة التي توصل إليها الباحثون في مدينة سان فرانسيسكو على مدن أخرى، مثل مدن ألمانيا، على سبيل المثال، وذلك في ضوء الاختلاف الكبير في الظروف المحلية.
كما رأى فينكلر أن الدراسة يعيبها أنها لم تراع تزايد المواصلات الناتجة عن نقل الطرود بسبب تزايد التجارة عبر الإنترنت.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».