ازدياد عمليات انتحار الأطفال والشبان بتناول الأدوية

أصبحت زيادة أعداد المنتحرين من المراهقين تمثل ظاهرة مقلقة وخطيرة في الأوساط الصحية الأميركية حيث تضاعف عدد المراهقين الذكور الذين أقدموا على الانتحار في السنوات العشر الأخيرة، بينما بلغت النسبة ثلاثة أضعاف في المراهقات.
وعلى الرغم من تعدد وسائل الانتحار، فإن الانتحار عن طريق تناول جرعات زائدة من الأدوية self - poisoning يعتبر من أشهر هذه الطرق. وكلمة الأدوية ليس المقصود بها الأدوية المخدرة فقط والتي يمثل الحصول عليها صعوبة إلى حد كبير، ولكن تكمن المشكلة في أن المراهقين يتناولون الأدوية العادية التي يمكن صرفها من دون وصفة طبية ولكن بكميات كبيرة جدا وهو الأمر الذي يتسبب في حدوث الوفاة، وذلك حسب البيانات الخاصة بالمركز الوطني للسموم بالولايات المتحدة National Poison Data System information، حسب أحدث دراسة تم إجراؤها.

أدوية متاحة
أوضحت الدراسة التي اعتمدت على بيانات تم جمعها على مدار 19 عاما ومن خلال 55 مركزا للسموم عبر الولايات المتحدة وتم نشرها في مطلع شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة طب الأطفال، The Journal of Pediatrics، أن ما يزيد الأمر صعوبة هو أن أي مراهق يمكنه الحصول على أدوية مضادة لنزلات البرد أو مسكنات على سبيل المثال، والتي يمكن أن تحتوي على مواد عادية جدا وليست مخدرة ويتناولها الجميع ولكن بالطبع لها أعراض جانبية في الجرعات الكبيرة نتيجة للتأثير التراكمي للمادة الفعالة. وكان عدد المراهقين الذين أقدموا على الانتحار بالفعل نحو مليون و600 ألف، في الفترة الزمنية من عام 2000 وحتى عام 2018. وأوضحت البيانات أن الجرعات الزائدة كانت بنية الانتحار وليس خطأ في الجرعة، حيث إن الفئة العمرية التي أقدمت على ذلك كانت فوق عمر 10 سنوات. وبلغت نسبة الفتيات في هذه الفئة 71 في المائة بعدد بلغ 1.1 مليون فتاة، وبينما تفوقت الفتيات في المحاولات تفوق الذكور في الانتحار الفعلي لأنه يستلزم شجاعة أكبر حيث يتم استبدال الأقراص بإطلاق النار على النفس.
تعتبر محاولات الانتحار عن طريق تناول الجرعات الزائدة هي أشهر طرق «المحاولات» وثالثة الوسائل في حدوث الانتحار بالفعل. وعلى الرغم من أن أعداد المنتحرين ما زالت قليلة، فإن الانتحار يعتبر ثاني أهم سبب للوفاة بين المراهقين الأميركيين بعد الحوادث، وهو الأمر الذي يمثل مصدر قلق للأوساط الطبية والنفسية الأميركية لمحاولة الحد من هذه الظاهرة، خاصة في حالة التسمم بالأدوية نظرا لتوافرها الدائم في جميع المنازل على وجه التقريب. وأشار الباحثون إلى أن الزيادة في نسبة الانتحار بين الشباب بشكل عام سواء كانوا فتيات أو فتيانا عن طريق هذه الطريقة (تسمم العقاقير) بلغت 141 في المائة في الفترة من 2010 وحتى عام 2018 فقط، وفي الفتيات ما قبل 18 عاما وصلت النسبة إلى 338 في المائة وهي نسبة كبيرة جدا حسب وصفهم. وكانت أكبر زيادة في الفئة العمرية من 10 وحتى 15 عاما، وحتى وإن كانت أرقام الانتحار الفعلي أقل من الفئة الأكبر عمرا (ما فوق 15 عاما) فإن أفكار الانتحار وحتى المحاولات في ازدياد مستمر. ويكفي أن نعرف أنه من جميع حالات التسمم عن طريق الجرعات الزائدة هناك 90 في المائة من نصيب المراهقين في الفئة العمرية من 15 وحتى 19 عاما.

نصائح للآباء
نصحت الدراسة الآباء والمتعاملين مع المراهقين بضرورة عدم الانزعاج الشديد من هذه الأرقام ولكن شددت على أنه يجب وضعها جيدا في الحسبان والتعامل معها بعناية. وأوضحت أن هناك دائما خدمات يتم تقديمها للمراهقين الذين يقدمون على الانتحار في أي وقت على مدار الساعة، وضرورة التحفظ في صرف الدواء عبر الصيدليات حتى الأدوية العادية وألا يتم صرف أكثر من الجرعة المحددة سلفا من الطبيب للفترة المرضية ويتم تكرارها تبعا لتوصيات الطبيب أيضا.
وحذرت الدراسة من أن نسبة التفكير والمحاولات في الفتيات المراهقات كبيرة جدا وأن هناك نسبة أكبر من الفتيات يعانين من الاكتئاب ولكن لم يقدمن بعد على المحاولة، كما أوضحت أنه يجب أن يتم علاج الأمور التي تؤدي إلى الإحباط وبالتالي الاكتئاب منذ البداية مثل التنمر الإلكتروني والعزلة وعدم التقبل.
وأشار الباحثون إلى أن هناك بعض الملاحظات التي يجب أن تلفت نظر الآباء إلى أن المراهق يعاني من الاكتئاب وربما يفكر في الانتحار وبالتالي يجب أن يتم التحفظ على الأدوية الخاصة بالأسرة في درج محكم الإغلاق وألا يستجيبوا لطلب المراهق في حاجاته لشريط دواء كامل. ولكن يتم إعطاؤه القرص تبعا للعرض الذي عانى منه مثل الصداع أو الرشح أو خلافه. وهذه الملاحظات تكون عضوية أو نفسية مثل فقدان الوزن بشكل كبير ومن دون سبب واضح والصداع المستمر واحمرار العين نتيجة لعدم النوم أو تعاطي مادة معينة وكذلك السعال الدائم من دون سبب واضح (في الأغلب دليل على تعاطي الأفيون ومشتقاته) وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية وتغير المزاج بشكل حاد مثل الضحك المستمر من دون سبب واضح أو العكس بالبكاء والعزلة والبقاء في الحمام فترات طويلة.
ونصح الباحثون الآباء بضرورة التوجه الفوري إلى مراكز السموم في حالة وجود المراهق فاقدا للوعي وبجانبه شريط أدوية فارغ أو علبة أقراص مفتوحة، حيث يتم عمل غسل المعدة. ومن الضروري جدا معرفة نوع المادة التي تم تناولها؛ لذلك يجب الاحتفاظ باسم الدواء حتى يتمكن الأطباء من معرفته وإعطاء الأدوية المثبطة لعمله، في حالات الأدوية التي يكون لها تأثير على الجهاز العصبي.

- استشاري طب الأطفال