مستعمرات النمل الأبيض تهدد آلاف العقارات بالإسكندرية

إنشاء مركز متخصص لمكافحته... ومطالبات بتشريع قانوني لردعه

النمل الأبيض يهدد عقارات الإسكندرية (جامعة الإسكندرية)
النمل الأبيض يهدد عقارات الإسكندرية (جامعة الإسكندرية)
TT

مستعمرات النمل الأبيض تهدد آلاف العقارات بالإسكندرية

النمل الأبيض يهدد عقارات الإسكندرية (جامعة الإسكندرية)
النمل الأبيض يهدد عقارات الإسكندرية (جامعة الإسكندرية)

كائن صغير قد يصل حجمه بضع مليمترات، لكنه قادر على التهام محتويات شقة بأكملها في صمت خلال سنوات، بجانب قدرته على التهام أساسات العمارات القديمة والرطبة... إنه النمل الأبيض الذي بات يمثل مصدر قلق بمدينة الإسكندرية (شمالي القاهرة بنحو 200 كيلومتر) بعد تزايده بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة بالمدينة الساحلية؛ ما دفع جامعة الإسكندرية إلى إنشاء مركز لمكافحة النمل الأبيض أخيراً.
الدكتور ممدوح إدريس، رئيس «مركز مكافحة النمل الأبيض» بجامعة الإسكندرية، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «النمل الأبيض يهدد الإسكندرية؛ لأنه يجد طرقاً مختصرة للانتشار في البنايات، ويقوم بالتهام الأحجار والأخشاب». وأضاف: «النمل الأبيض ينقسم إلى نوعين، فوق الأرض وتحت الأرض».
وكشفت دراسة أعدها إدريس، عن أن نسبة الإصابة بالنمل الأبيض تحت الأرض بمنطقة سموحة بلغت 90 في المائة بين عامي 2003 و2005، بينما ينتشر النمل الذي يتغذى على الخشب الجاف والأثاث بنسبة تصل إلى 60 في المائة في سموحة، وبنسبة 40 في المائة في باقي الإسكندرية
ورغم ذلك، يرى إدريس أن انتشار النمل الأبيض لا يؤثر على أساسات العقارات، حيث إنه لا يتمكن من تناول حديد الخرسانة المسلحة القوية، لكنه يلتهم الطوب والخرسانة القديمة المتآكلة. أما خطورته الأكبر فهي في إمكانية تدميره جميع الممتلكات والمشغولات الخشبية داخل العقار.
وأرجع إدريس سبب انتشار النمل الأبيض بمنطقة سموحة إلى استخدامها مخازن وشوناً للأخشاب في خمسينات وستينيات القرن الماضي، حيث ساهمت طبيعة الأرض الطينية، في الاحتفاظ بالكثير من المواد العضوية؛ الأمر الذي جعلها بيئة صالحة ونموذجية لمستعمرات النمل الأبيض تحت الأرض».
وتابع إدريس: «تزامن مع بناء النمل الأبيض لمستعمراته المليونية على مدار العقود الماضية، انطلاق ثورة عمرانية بالمنطقة نفسه خلال فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تم خلالها البناء دون معالجة التربة بالمبيدات المتخصصة، وتكدست الأبراج السكنية في سلاسل خرسانية متراصة».
بدوره، يؤكد الدكتور مصطفى بخشوان، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الإسكندرية، وجود النمل الأبيض منذ عشرات السنين بالمدينة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تلقينا منذ بداية هذا عام 121 بلاغاً بوجود النمل الأبيض، بينما تخطت بلاغات العام الماضي أكثر من 600 بلاغ وتمت معالجتهم جميعاً»
وعن آلية مقاومة مديرية الزراعة للنمل الأبيض، أوضح قائلاً: «فور وصول بلاغ لدينا يتم تشكيل لجنة لفحص الوضع على الطبيعة، وصرف المبيد المناسب لمقاومته، حيث يتم منح أصحاب الشقق ربع لتر مجاناً ويتحمل العميل ما يزيد على ذلك، حيث تتراوح تكلفة اللتر الواحد من المبيد من 180 - 200 جنيه تقريباً «نحو 12 دولاراً».
واعتبر بخشوان أن «الحل الجذري لظاهرة النمل الأبيض يتمثل في إصدار تشريع قانوني يلزم المقاولين وشركات المباني بضرورة فحص التربة، والتأكد من خلوها من النمل الأبيض أو معالجته قبل البناء».
وأضاف: «يجب إلحاق مكافحة حشرات الأرض وبخاصة النمل الأبيض بقرار البناء الموحد حتى نضمن الحفاظ على المبنى مستقبلاً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».