مصري ينشر البهجة بين سكان القاهرة بزينة دائمة لرمضان

أعماله حازت إعجاب السيّاح الأجانب

هاني يصنع زينة رمضان داخل ورشته في القاهرة  -  هاني يشير إلى الأشكال التي صنعها في المنطقة  -  شارع عتيق يتزين بزينة رمضان بأشكال مميزة
هاني يصنع زينة رمضان داخل ورشته في القاهرة - هاني يشير إلى الأشكال التي صنعها في المنطقة - شارع عتيق يتزين بزينة رمضان بأشكال مميزة
TT

مصري ينشر البهجة بين سكان القاهرة بزينة دائمة لرمضان

هاني يصنع زينة رمضان داخل ورشته في القاهرة  -  هاني يشير إلى الأشكال التي صنعها في المنطقة  -  شارع عتيق يتزين بزينة رمضان بأشكال مميزة
هاني يصنع زينة رمضان داخل ورشته في القاهرة - هاني يشير إلى الأشكال التي صنعها في المنطقة - شارع عتيق يتزين بزينة رمضان بأشكال مميزة

تمثل زينة رمضان جزءاً أساسياً من الثقافة المصرية المرتبطة بحلول الشّهر الكريم منذ مئات السنين، فيؤكد معظم الباحثين أنّها عادة أصيلة بدأت منذ العصر الفاطمي، حيث كان المصريون يستخدمون الحبال التي تُعلّق الفانوس بها في الشّوارع لوضع بعض الزينة المصنوعة من الورق، وكان كبار التجار يتبارون في تزيين الشّوارع، لا سيما أثناء الاحتفالات الرّسمية حين كان الخليفة الفاطمي يخرج في مهرجان إعلان حلول شهر رمضان من أحد أبواب القصر الفاطمي وحوله الوزراء على خيولهم بسروجها المذهبة، والأسلحة المطعّمة بالذّهب والأعلام الملونة، ويسيرون في شوارع مصر القديمة المزينة في أجواء من الفرحة والبهجة والترحاب بشهر الصوم.
وتوالت السنوات وبقيت هذه العادة مستمرة، فما إن يقترب شهر رمضان حتى تبدأ الاستعدادات، ويصبح من المناظر المألوفة طرق الأطفال أبواب المنازل، لتجميع الأموال اللازمة لشراء الزينة وأسلاك الكهرباء في كل شارع من شوارع المحروسة.
وشهدت السنوات الأخيرة انتقال هذه البهجة من قلب الحارات والشّوارع والميادين إلى الشّرفات والنّوافذ، لتتحوّل إلى عادة فردية، فأصبحت كل أسرة تعلّق ما يحلو لها من زينة وإضاءة، حتى لو لم تتسق مع الشرفة المجاورة لها في البناية الواحدة، وهو ما سبب تخوفاً من اندثار هذه العادة الرمضانية الجماعية. وهو ما دفع هاني حسني، صانع حقائب يدوية، في منطقة السيدة زينب، إلى التفكير في توسيع نشاطه الحرفي وتوظيفه لصنع زينة رمضان هذا العام بتصاميم راقية وخامات مختلفة وبثمن زهيد، كي يحاول الإبقاء على هذه العادة الجميلة، لأنّها على حد تعبيره: «لا تمثّل مجرد فرحة وبهجة، لكنّها تساهم في المحافظة على تماسك الحارة المصرية، وترسيخ الانتماء لها والالتفاف حول هدف واحد جميل».
هكذا يرى هاني هذه العادة التي قرّر من أجلها أن يتوقّف قبيل شهر رمضان وخلاله بداية من هذا العام، عن حرفته الأساسية التي يعمل بها منذ أكثر من ربع قرن، ويتفرغ لصنع زينة رمضان، وأضاف: «بدأت بتصنيع زينة يدوية من قماش خفيف قادر على الصّمود لمدة عام كامل، وهو أيضاً يسهل تشكيله وتصميمه وتصنيعه، وذلك للرد على من ينتقدون تعرض الزينة لسرعة التمزق وتشويه الشّوارع، لذلك فإنّ الزينة الجديدة تستطيع الصّمود أمام التقلبات الجّوية لمدة عام كامل. ثمّ صنعت فانوساً على شكل (جامع المحمودية)، وهو جامع شهير في منطقة مصر القديمة (جنوب القاهرة)، ولاقت الزينة ترحاباً غير مسبوق من جميع أبناء الشّارع الذي أسكن فيه».
وفي ورشته بشارع شيخون، الذي يجاور سبيل «أم عباس» الأثري، في حي السيدة زينب، يستطيع الزائر أن يلمس أيضاً قدر سعادة الجميع بالزينة أثناء تصنيعها وليست فقط المعلقة، فكل من يمرّون على ورشته يلتفّون حوله، ويطلبون أن يشرح لهم طريقة الصّنع وخطواتها، ويلمسون الأقمشة التي تملأ المكان، وكأنّهم يلمسون قطعاً من الأصالة والسّعادة، وتجدهم يرقبونه وهو يقصّ القماش بمقاسات معينة على منضدة، إلى قطع تبلغ كل منها نحو 9 سم تتميز بألوان مبهجة.
ويجذب هاني السّياح الذين يحرصون على التقاط الصّور التذكارية له، حيث يبادلهم عبارات الترحيب والود. ويوضح: «كانت سعادتي لا تُوصف حين حدث ما كنت أطمح إليه، بعد طلب سكان الشوارع المجاورة لصنع هذه الزّينة لهم، كما فوجئت بحارات قريبة ثمّ بعيدة تطلبها مني أيضاً، أمّا ما لم أكن أتوقعه، فهو أن تأتي لي طلبات من مناطق راقية على أطراف القاهرة، مثل «التجمع الخامس» و«6 أكتوبر»
ويتابع هاني حسني سرد تطوّر حكايته مع تصنيع زينة رمضان قائلاً: إنّ «الأكثر من ذلك هو أن السّياح الذين يأتون لزيارة المعالم الأثرية والسّياحية في المنطقة التي أقطنها، طلبوا مني أن أصنع لهم زينة مماثلة، ونماذج لبعض المعالم المصرية في المنطقة».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.