طلاب جزائريون يتظاهرون لمناشدة الإبراهيمي رئاسة البلد مؤقتاً

سجن أحد وجهاء نظام بوتفليقة لارتباطه بمساعٍ استهدفت عزل قائد الجيش

TT

طلاب جزائريون يتظاهرون لمناشدة الإبراهيمي رئاسة البلد مؤقتاً

ناشد المئات من الطلبة الجامعيين أمس خلال مظاهرات في العاصمة الجزائرية وفي عدد من المناطق، وزير الخارجية السابق طالب الإبراهيمي بتولي رئاسة المرحلة الانتقالية، وبتنحية رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء أحمد أويحيى. وجاء ذلك فيما أمرت محكمة الجزائر العاصمة بسجن شخصية بارزة في نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة للاشتباه بارتباطه بمسعى عزل قائد الجيش.
وتجمع أمس آلاف الطلاب الجزائريين مع أساتذتهم ككل يوم ثلاثاء وسط العاصمة الجزائرية، في أول مظاهرة خلال شهر رمضان، للمطالبة برحيل «النظام» بكل رموزه ومحاسبة الفاسدين. وردّد الطلاب شعاراتهم المعتادة «ارحلوا جميعا»، وكرروا رفضهم إجراء انتخابات في يوليو (تموز) المقبل، في رد على تمسك رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح ورئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح بتنظيم الانتخابات في الرابع من ذلك الشهر، كما جاء في خطاب لبن صالح، عشية أول يوم من شهر رمضان.
ورفع المتظاهرون شعارات كثيرة، منها «لا نريد دولة عسكرية... نريد دولة مدنية». كما هتفوا بحياة وزير الخارجية سابقا طالب الإبراهيمي، الذي ناشدوه رئاسة الدولة لفترة تدوم عامين، يجري خلالها مراجعة الدستور وقانون الانتخابات، قبل العودة إلى المسار الانتخابي العادي. علما بأن الإبراهيمي انسحب من المشهد بعد إقصاء ترشحه لرئاسية 2004، وكان من أشد خصوم بوتفليقة.
إلى ذلك، وفي سياق حملة ملاحقة وجهاء النظام السابق، أودع أمس قاضي التحقيق بمحكمة «سيدي امحمد»، حميد ملزي، مدير شركة السياحة الحكومية المشرفة على إدارة إقامات الدولة، التي تؤوي كل المسؤولين المدنيين والعسكريين، الحبس الاحتياطي بعد أسبوع من اعتقاله. وقاد ملزي الشركة السياحية لمدة 25 سنة، وكان مقربا من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ومحمد مدين مدير المخابرات سابقا، الموجودين في السجن العسكري منذ ثلاثة أيام، بتهمتي «التآمر على الدولة» و«التآمر على سلطة الجيش».
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، إن التهم التي وجهت إلى ملزي، تتعلق باجتماعات عقدها سعيد ومدين بغرض تنحية قائد الجيش أحمد قايد صالح. وجرت الاجتماعات التي بحثت هذه القضية في «إقامة الدولة الساحل» (غرب العاصمة) التي كان يديرها ملزي، حيث حاول شقيق الرئيس عزل رئيس أركان الجيش نهاية مارس (آذار) الماضي، بعد أن أظهر قايد صالح عزما على تنحية بوتفليقة، استجابة لمطالب الحراك الشعبي المعارض للنظام. لكن المصدر القضائي أكد أن ملزي لم يحضر تلك الاجتماعات، غير أنه كان على علم بما جرى فيها.
ويثار جدل كبير داخل الأوساط القانونية حول مدى تخصص القضاء العسكري في محاكمة السعيد وطرطاق ومدين، على اعتبار أن الثلاثة مدنيون. فإذا كان الطابع المدني واضحا بالنسبة لكبير مستشاري بوتفليقة سابقا، وأصغر أشقائه، فعلاقة الجنرالين طرطاق ومدين بالجيش انقطعت منذ سنوات، ولم يعد لهما انتساب للمؤسسة العسكرية. وقد طرح هذا الإشكال بحدة عام 1992، عندما حاكم القضاء العسكري رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» عباسي مدني، ونائبه علي بن حاج، وأدانهما بـ12 سنة سجنا. ولم يكن للقياديين الإسلاميين أي علاقة بالجيش. لكن هناك بعض التهم تعتبرها قيادة الجيش من اختصاص المحاكم العسكرية، من بينها «تهديد أمن الدولة»، التي يشترك فيها وجهاء النظام القابعون في السجن حاليا، مع قيادة «الإنقاذ» سابقا.
في موضوع ذي صلة، رفع مجموعة محامين، بقيادة الناشط الحقوقي عبد الغني بادي، بلاغا للنائب العام أمس، طالبوه بالتحقيق مع قادة أربعة أحزاب كانت موالية لبوتفليقة، بحجة أنهم «هددوا السلم الاجتماعي» بسبب إلحاحهم على الرئيس السابق الترشح لولاية خامسة. والمعنيون هم أحمد أويحيى أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي»، وهو رئيس الوزراء سابقا، ومعاذ بوشارب أمين عام «جبهة التحرير الوطني» الذي عزل حديثا، وهو رئيس البرلمان حاليا، وعمر غول رئيس «تجمع أمل الجزائر»، وهو وزير سابق، وعمارة بن يونس رئيس «الجبهة الشعبية الجزائرية»، وهو وزير سابق أيضا. وكان هؤلاء الأربعة قد نظموا تجمعا كبيرا بالعاصمة في التاسع من فبراير (شباط) الماضي لمناشدة بوتفليقة الترشح لانتخابات 18 أبريل (نيسان) التي ألغيت لاحقا. وفي اليوم الموالي أعلن الرئيس السابق في «رسالة إلى الأمة» عزمه على تمديد حكمه.
يشار إلى أن أويحيى يقع تحت طائلة مساءلة قضائية في ملفات فساد، مرتبطة بمشروعات وقروض من مصارف حكومية، حصل عليها رجال أعمال بفضل قربهم منه.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».