بارقة أمل وسط تعقيدات الحياة بعد «مسافة أمان» على شاشات رمضان

الكاتبة إيمان سعيد  -  من مسلسل «مسافة أمان»
الكاتبة إيمان سعيد - من مسلسل «مسافة أمان»
TT

بارقة أمل وسط تعقيدات الحياة بعد «مسافة أمان» على شاشات رمضان

الكاتبة إيمان سعيد  -  من مسلسل «مسافة أمان»
الكاتبة إيمان سعيد - من مسلسل «مسافة أمان»

يبدو أن الدراما السورية المحلية التي عانت من عثرات الإنتاج والمستوى المتردي في السنوات الأخيرة، تُسجل هذا العام عودة يتوقع لها أن تكون ذات سوية أفضل وخاصة مع عودة كتاب ومخرجين متميزين. ومع اهتمام واضح إن كان من جانب المشاهدين أو شركات الإنتاج بالأعمال الخفيفة، الكوميدية والطريفة، كانت حيثيات «الواقع اليومي» الذي تعيشه سوريا، والنظرة لمجتمعها بعد الحرب مصدر إلهام رئيسي لعدد من الأعمال التلفزيونية هذا العام، ومنها مسلسل «مسافة أمان» من تأليف الكاتبة إيمان سعيد وإخراج الليث حجو، ويتشارك بطولته مجموعة من النجوم السوريين، مثل سلافة معمار، وكاريس بشار وقيس شيخ نجيب، وعبد المنعم عمايري ونادين تحسين بيك وجرجس جبارة وآخرين.
«مسافة أمان» شكل منذ مرحلة التحضيرات لتصويره بشرى بـ«بارقة أمل للسوريين»، إذ كان اسمه في البداية «الأرض المحروقة»، وبعد اتفاق بين الكاتبة والمخرج تم اعتماد هذا الاسم الجديد له. ورأت الكاتبة أن هذا الاسم يعكس محتوى العمل، حيث «تقف اليوم كل الشخصيات بمسافة أمان عن بعضها بعضاً، من حيث انتهى صوت رصاص الحرب، وبداية حصد الانهيار الإنساني الذي يسبق أي خراب وخاصة في بنية الأخلاق والمبادئ والتشوهات النفسية لدى أبناء النسيج الاجتماعي الواحد أو ما كان يعتقد أنه واحد» على حد قول الكاتبة. مسافة أمان يرصد من خلال حبكة متميزة جملة علاقات إنسانية في إطار درامي مشوق غير متوقع، عبر قصص تنتهي وفق ما تقول إيمان سعيد، إلى ثلاثة احتمالات، تركز جميعها على المصير الذي سينتهي إليه السوريون كمكون اجتماعي، هل سينتهون إلى المطالبة بتحقيق العدالة، أم الانتقام، أو المسامحة وطي صفحة الماضي.
وفي وصفها بعض شخصيات العمل الذي تقدم فيه البطولة النسائية على الذكورية في قصصها، على اعتبار أن نصيب المرأة من ويلات وآثار الحرب قد تبدو أكبر، قالت الكاتبة إيمان سعيد في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن كاريس بشار تقدم شخصية «سراب»، وهي امرأة عالقة في الانتظار منذ سنوات. انتظار لم الشمل من قبل زوجها الموجود في أوروبا، فيما هي كامرأة تعاني غياب الحب في كل أشكاله، يُضاف إليه مسؤولية قيامها بدور الرجل والمرأة في مجتمع بات به النسيج الاجتماعي مفككاً بسبب الكثير من الأسباب. «سراب» تعيش صراعها الإنساني والأخلاقي بين مشاعرها وحاجتها، بين خيبتها وبحثها عن الحب، بين مسؤوليتها تجاه ابنتها وبين مشاعر الذنب تجاه صديقتها. وتمثل شخصية «سراب» بالشراكة الدرامية مع غيرها من الشخصيات الخط الرومانسي في هذا العمل. وسبق للممثلة كاريس بشار أن صرحت بأن دورها هنا من أصعب الأدوار عليها لشدة واقعيته وأنه يتقاطع معها على المستوى الإنساني والشخصي.
أما عن شخصية «سلام» فهي تمثل الخط البوليسي في العمل، على حد قول إيمان سعيد، التي أوضحت أن «سلام تستيقظ في يوم لتجد حياتها قد قلبت رأساً على عقب بسبب حادث تعرضت له. وعلى أثره يطلب منها مهمة غير متوقعة. وهنا تبدأ في عيش صراعها في القبول بتنفيذ المهمة لصالح إنقاذ الزوج المختطف مما يعني تحولها لشريكة في الجرم أو التضحية بالزوج المختطف مقابل إنقاذ أرواح أخرى. ثم تبدأ رحلتها في الكشف عن ملابسات هذا الحادث وماضي زوجها. لنجدها أمام حقائق أكبر من أن يحتملها عقلها. فإلى أين ستنتهي الشخصية بخياراتها، إلى أي من الاحتمالات السابقة».
وأخيراً توقفت إيمان سعيد عند شخصية «صبا» التي تجسدها الممثلة هيا مرعشلي، وقالت إنها «من أكثر الشخصيات الدرامية التي فرضت نفسها على الورق بسبب الخط الدرامي شديد الاضطراب في خط هذه الشخصية وطبيعة تحولاتها». وتأمل مؤلفة المسلسل أن تحقق الممثلة فرصتها في تجسيد هذا الدور كما هو مكتوب. هذه الشخصيات وغيرها في «مسافة أمان» تخوض في قصص تتطرق خلالها لموضوعات إشكالية مثل أولاد الشوارع، تجارة الأعضاء البشرية، أزمة دور النشر، الاختطاف، وغيره من الخطوط التشويقية في واقع متغير وجديد يعيشه المجتمع السوري اليوم ضمن قصة تحمل بعداً إنسانياً وتشويقياً درامياً.
ومن غير الواضح بعد كيف سيتقبل المشاهد، وتحديداً السوري، هذا النوع من المسلسلات، فهو من جانب أول يبحث عن شيء يدخل البهجة إلى روحه، بعد سنوات طويلة من الألم، ومن جانب آخر بحاجة لرؤية أعمال تتناول الواقع الذي يعيشه، وتحاكي همومه وتعبر عن آماله. محمد شاب مقيم في دمشق، اطلع على المعلومات المتوفرة عن مسلسل «مسافة أمان»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المشاهد السوري يميل حالياً نحو الكوميديا السوداء، أي الساخرة التي تتضمن إشارات نقد»، وأشار إلى أن السوريين «بحاجة اليوم إلى مساحة من الفرح والضحك». وفي الوقت ذاته يرى أن «الناس في سوريا باتوا يدققون في العلاقات الاجتماعية»، وتحدث عن «انقلاب وتحولات في المفاهيم الاجتماعية» نتيجة الحرب «لكن ليس نحو الأفضل»، لذلك «جميل أن يتم تسليط الضوء على الشرخ الاجتماعي»، وقال إن الناس تهتم الآن بشكل أكبر بالأعمال التي تسلط الضوء على المجتمع أكثر من تسليطه على الحرب، وإنه «في سوريا اليوم لا وجود لشيء اسمه مؤيد أو معارض، وإنما هناك غني وفقير، ضعيف وقوي. وهذا أمر يشغل الناس بصورة رئيسية».
رغم تعطشهم للابتسامة ولأعمال تلفزيونية تُنعش عندهم بقايا «فرحة في الروح»، فإن «المشاهدين بحاجة إلى أعمال تناقش همومهم»، على حد تعبير أمينة، المواطنة السورية من مدينة حلب، التي رأت أنه «من المهم بالطبع عرض مثل هذا العمل ليتعرف المشاهد العربي من خلاله على ما نعانيه، عبر حبكة درامية وقصص يومية يعيشها أبطال المسلسل، ويعرضون فيها قصصاً مأخوذة من واقع السوريين». وتمنت أمينة ألا يقتصر مسلسل «مسافة أمان» على عرض «المأساة» بل أن «يطرح حلولاً ويساهم في بث الأمل بغدٍ نعيش فيه الأحسن».


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.