المشاهد الحزينة تطغى على الحلقات الأولى بالمسلسلات المصرية

«أبو جبل» و«ولد الغلابة» و«زلزال» و«قمر هادي»

لقطة من مسلسل «أبو جبل»
لقطة من مسلسل «أبو جبل»
TT

المشاهد الحزينة تطغى على الحلقات الأولى بالمسلسلات المصرية

لقطة من مسلسل «أبو جبل»
لقطة من مسلسل «أبو جبل»

طغت مشاهد الحزن على الحلقات الأولى بالمسلسلات المصرية مساء أول من أمس، وهو ما اعتبره متابعون بمثابة تكرار للحلقات الأولى من العام الماضي، التي غلب عليها مشاهد الموت والقتل. وفي الموسم الجاري، تشابهت بعض لقطات الحلقات الأولى إلى حد التطابق وخاصة في مشاهد «توديع ودفن الأطفال الذين لقوا حتفهم في بداية الحلقات».
وشهدت الحلقة الأولى من مسلسل «أبو جبل» بطولة الفنان المصري مصطفى شعبان، أحداثاً عصيبة، بدأت بمشاحنات بين البطل «حسن»، وأخيه من والده «سعد»، حيث يريد حسن أن يتبعوا أسلوباً معيناً في شركة المقاولات التي يمتلكها والدهما، ويدير «حسن» العمل فيها بالطريقة القانونية التي اعتاد عليها مع والده.
واتفق «رزق» و«سعد» على الانفصال عن شركة العائلة التي يديرها «حسن». وفي نهاية الحلقة، تعرض منزل العائلة للحريق، ونُقل الأب إلى المستشفى، وكان أولاد حسن في الشقة، في الوقت الذي كانت فيه أمهم «عائشة بن أحمد» تشتري بعض المستلزمات.
وعاد «حسن» إلى المنزل، وصعد إلى الشقة لإنقاذ طفليه، ودخل الشقة وسط ألسنة اللهب، وحاول إنقاذ طفليه، وانتشلهما من النيران، ولكن بعد فوات الأوان، حيث أكد المسعفون أنهما فارقا الحياة. وكان المشهد الأخير بالحلقة الأولى حزيناً للغاية.
ورغم أن الأعمال الدرامية التي اعتاد شعبان على تقديمها بالسنوات الأخيرة كانت كوميدية وخفيفة الظل، فإنه بدأ العام الماضي، عبر مسلسل «أيوب»، تقديم أعمال درامية اجتماعية إنسانية. مسلسل «أبو جبل» تأليف محمد سيد بشير، وإخراج أحمد صالح، من بطولة مصطفى شعبان، دياب، نجلاء بدر، مريم حسن، عائشة بن أحمد.
أما النجم أحمد السقا فقد ظهر في الحلقة الأولى من «ولد الغلابة» بدور مدرس تاريخ ينتمي إلى الطبقة الفقيرة بصعيد مصر، وسلطت الحلقة الأولى الضوء على أسرة عيسى الغانم (‬أحمد السقا) المكونة من 3 أشقاء، حيث يتعرض عيسى في الحلقة الأولى لجرح في ذراعه، وسرقة التاكسي الذي يعمل عليه بشكل إضافي لتحسين دخله بعد عمله بالمدرسة. «ولد الغلابة» من تأليف أيمن سلامة، وبطولة أحمد السقا وهبة مجدي ومحمد ممدوح، وإخراج محمد سامي.
وفي مسلسل «لآخر نفس»، بطولة النجمة ياسمين عبد العزيز، قُتل مهندس الديكور حازم ‬(فتحي عبد الوهاب) في حادث إرهابي، ودخلت سلمى (ياسمين عبد العزيز) في حالة انهيار. ويشارك في بطولة المسلسل هند عبد الحليم وأحمد صلاح حسني وإيهاب فهمي.
أما مسلسل «زلزال»، بدأت أحداثه بظهور شخصية الأب حربي كرامة (‬محمد رمضان)، الذي يعود من السفر بعد رحلة عمل طويلة ويشتري منزلاً كبيراً ولكن قبل أن ينتهي من أقساط هذا المنزل يحدث زلزال 1992 فيحطم المنزل ويتوفى هو وزوجته وباقي عائلته باستثناء ابنه محمد كرامة الذي يطلق عليه أهل منطقته اسم «زلزال» بسبب نجاته من الزلزال.
ولم تبتعد مشاهد «البرنسيسة بيسة»، بطولة الفنانة مي عز الدين، عن التطرق إلى معاناة بعض الأسر من زلزال عام 1992، حيث تبدأ الأحداث بانهيار منزل أسرة بيسة (مي عز الدين) في الزلزال خلال تحضيرهم للاحتفال بعيد ميلادها، ويتصادف وجودها خارج المنزل مما يكون سبباً في نجاتها في حين يموت والداها لتنتقل للعيش مع خالتها.
في السياق نفسه، شهدت الحلقة الأولى من مسلسل «زي الشمس» مقتل شقيقة ‬دينا الشربيني، خلال العمل، التي تعمل فنانة تشكيلية وتجسد شخصيتها ريهام عبد الغفور، لتبدأ دينا الشربيني في رحلة البحث عن القاتل، بالإضافة إلى رعايتها لأولاد شقيقتها ووالدتها.
كما شهدت الحلقة الأولى من مسلسل «قمر هادي» بطولة الفنان هاني سلامة، وفاة ابنة البطل هادي أبو المكارم الذي يجسده سلامة، وعودتها للحياة مرة أخرى، وتغيير زوجة البطل من الفنانة داليا مصطفى في بداية الحلقة إلى الفنانة يسرا اللوزي. وكشفت الحلقة عن حدوث حالة غريبة تحدث لهاني سلامة عند رؤيته للقمر ودخوله في حالة غير مفهومة ينجم عنها تصرفات غريبة تتكشف في الحلقات المقبلة.


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)