العثماني يتهم أحزاباً مغربية باستغلال مؤسسات الدولة استعداداً لانتخابات 2021

سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» رئيس الحكومة المغربية يتحدث في اللقاء الحزبي أمس
سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» رئيس الحكومة المغربية يتحدث في اللقاء الحزبي أمس
TT

العثماني يتهم أحزاباً مغربية باستغلال مؤسسات الدولة استعداداً لانتخابات 2021

سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» رئيس الحكومة المغربية يتحدث في اللقاء الحزبي أمس
سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» رئيس الحكومة المغربية يتحدث في اللقاء الحزبي أمس

اتهم سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» رئيس الحكومة المغربية، أحزاباً من دون أن يسميها، باستغلال مؤسسات الدولة التي يشرفون عليها في بناء «شبكات من الشباب والجمعيات عن طريق الدعم الموجه لأهداف حزبية»، مؤكداً أنه يملك وقائع وحججاً تثبت ذلك.
وقال العثماني في كلمة ألقاها أمس (الأحد)، بمناسبة تأطيره للقاء حزبي بمدينة الرشيدية (جنوب شرقي البلاد)، إن «هناك أساليب تستعمل الآن نحن لا نقوم بها، وهناك من يستعمل الوسائل المتاحة له في بعض مؤسسات الدولة من أجل بناء شبكات من الشباب والجمعيات عن طريق الدعم الموجه لأهداف حزبية وبناء قاعدة انتخابية»، مؤكداً أنه يملك معطيات دقيقة «تثبت ذلك، وإذا اضطررنا في وقت من الأوقات لتقديم المعطيات سنفعل ذلك ونسمي الأسماء بتسمياتها».
وأضاف العثماني: «هؤلاء مخطئون والشعب المغربي ذكي ولن نشتغل بالوسائل العمومية من أجل توجيهها لخدمة الحزب». وزاد مهاجماً الأطراف التي لم يسمها: «هؤلاء لا يملكون كيف يضمنون استجابة المواطنين لخطابهم السياسي إلا بهذه الوسائل، وهذا مع الأسف بدأ من الآن»، معتبراً أن هؤلاء «يفكرون فقط في 2021. وأنا لا أعرف من أين جاءهم هذا الهوس بانتخابات 2021 فدعوها حتى تقترب، وتعالوا نخدم البلاد فقط».
وسجّل العثماني أن هناك أطرافاً من داخل الحكومة مسؤولة عن الوضع وتسهم فيه لكنها تروّج لخطابات «غير منطقية» و«تهدد بالانسحاب»، وقال: «كيفما كانت الحال، نحن حريصون على الغالبية الحكومية، وإذا لم يُرد حزب الاستمرار فيها فليأخذ هو القرار»، وذلك في رد غير مباشر منه على حزب «التقدم والاشتراكية» وأمينه العام نبيل بنعبد الله الذي لوّح بمغادرة حزبه الحكومة إذا استمرت الخلافات بين مكوناتها.
وشدد العثماني على أن حزبه «لا تخيفه المحن والمشاكل، ولكن لا نقبل الظلم ونصبر عليه، ونواجهه بما نملك من قدرات بما لا يضر بلدنا ولا نتجاوزه»، مبرزاً أن كثيراً من رؤساء الجماعات المنتمين لحزبه والأعضاء فيه «يعانون، وهناك ظلم نحاول ما أمكن رفعه عنهم، ولكن يجب أن تدركوا أن هذا الأمر جزء من الطريق»، في دعوة إلى أعضاء حزبه من أجل الثبات في مواجهة التحديات. وزاد: «الذي يسير في الطريق الصحيحة لمحاربة الفساد لا بد أن يحاربه الفساد بأساليبه الملتوية أحياناً والمباشرة حيناً آخر».
وأكد العثماني أن حزب «العدالة والتنمية» منذ بدايته «لم يكن ضد حزب بعينه، وإنما كان ضد ممارسة الفساد والإفساد؛ سواء الانتخابي أو السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو غيره». واعتبر أن مقاومة الفساد من بين «مهام حزبنا لأننا نؤمن بأنه لا تنمية ولا تقدم ولا نهضة ولا استقرار مع فساد يعشعش، ونحارب هذا الفساد بالوسائل المتاحة بما لا يؤدي إلى مشاكل أكبر».
وسجل رئيس الحكومة المغربية أن بلاده حققت كثيراً من الأمور الإيجابية والإصلاحات الكبرى قبل سنة 2011 وعلى الأقل قبل 20 سنة، مبرزاً أنه بعد 2011 التي شهدت ظهور شباب «حركة 20 فبراير (شباط)» الاحتجاجية «تسارعت وتيرة هذه الإصلاحات التي لا تكون دائماً كما نريد ولا تصل دائماً إلى المدى الذي يتمناه الشعب، وبعضها يتأخر عن الوقت المطلوب وهذا من ضعف البشر الذي يجب أن نعمل على تجاوزه بالتعاون مع القوى السياسية التي ترغب في ذلك».
وعاد العثماني فذكر أعضاء حزبه بـ«محنة 2003»، قائلاً: «لن ننسى محنة 2003 التي طالبت فيها قيادات سياسية بحل حزب العدالة والتنمية وسجل التاريخ ذلك، وما بث في التلفزيون ما زال موثّقاً وكذلك الصحف التي كتبت واتهمت الحزب بالإرهاب موجودة»، موضحاً أن الملك محمد السادس هو الذي رفض ذلك. وأضاف العثماني الذي كان حينها يشغل منصب نائب الأمين العام الدكتور عبد الكريم الخطيب: «كانوا يظنون أنهم سيتخلصون من وجع رأس سببه لهم حزب العدالة والتنمية، وحاولوا أن يستغلوا الأحداث الإرهابية لسنة 2003 من أجل تصفية الحسابات معه»، في إشارة إلى تصريحات قيادات حزب «الاتحاد الاشتراكي» التي دعت إلى حل الحزب وحمّلته المسؤولية المعنوية للأحداث التي هزت مدينة الدار البيضاء.
على صعيد آخر، عقد حزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، الدورة الرابعة والعشرين لأشغال مجلسه الوطني (برلمان الحزب) أمس الأحد، بضواحي الرباط، كان مرتقباً أن يتم فيه اختيار أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب المزمع عقده نهاية يونيو (حزيران) او بداية يوليو (تموز) لانتخاب أمين عام جديد.
وشهدت الدورة خلافات واضحة بين أعضاء برلمان {الأصالة والمعاصرة} الغاضبين من طريقة تدبير حكيم بنشماش لشؤون الحزب، حيث أكدت الدورة مجدداً أن أيام بنشماش في الأمانة العامة للحزب باتت معدودة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».