«هندسة الكوكب الأرضي»... هل ستوقف التغيرات المناخية؟

جدال علمي حول اختيار تقنيات عكس أشعة الشمس

رسم تخيلي لـ«عاكسات شمسية» في الفضاء لوقف التسخين الحراري للأرض
رسم تخيلي لـ«عاكسات شمسية» في الفضاء لوقف التسخين الحراري للأرض
TT

«هندسة الكوكب الأرضي»... هل ستوقف التغيرات المناخية؟

رسم تخيلي لـ«عاكسات شمسية» في الفضاء لوقف التسخين الحراري للأرض
رسم تخيلي لـ«عاكسات شمسية» في الفضاء لوقف التسخين الحراري للأرض

في عام 1965، أعد أفضل العلماء آنذاك تقريراً للرئيس لندن جونسون، حول التلوّث البيئي المتزايد تضمّن قسماً لخّصوا فيه فهمهم للتغيّر المناخي.
وفي ذلك التقرير، كتب روجر ريفيل، العالم المخضرم المتخصص بأبحاث المحيطات من جامعة كاليفورنيا، في سان دييغو: «في ثورته الصناعية العالمية، يقود الإنسان عن غير قصد تجربة جيوفيزيائية واسعة». وأضاف محذّراً أنّ «التغيّرات المناخية التي قد تنتج عنها قد تكون مضرّة من وجهة نظر الكائنات البشرية».
- وقف التغير المناخي
أشعل مقترح ريفيل في ذلك الوقت جدلاً لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا: هل يستطيع البشر تجنّب أسوأ تأثيرات التغيّر المناخي من خلال إجراء تجربة جيوهندسية واسعة؟
رأى ريفيل أنّ هذا الأمر ممكن واقترح حلّاً واحداً يتمثّل بعكس كمية أكبر من الطاقة الشمسية بعيداً عن الأرض «من خلال نشر ذرّات، أو دقائق، عاكسة» للضوء فوق مساحات واسعة من المحيطات. وفي العقود التي شهدت تغيّراً مناخياً، لم تقد فكرة الهندسة الجيولوجية للأرض إلّا لزيادة الجدال حولها.
يتوافق معظم خبراء المناخ على أنّ الطريقة الفضلى لإبقاء درجات الحرارة العالمية تحت السيطرة هي العمل على تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات الدفيئة بشكل فوري من خلال التحوّل إلى الاعتماد على مصادر نظيفة للطاقة. ولكن العلماء وصنّاع السياسات منقسمون بشدّة حول أنواع الهندسة الجيولوجية التي تستحقّ دراسة جدّية، وحول الزمان المناسب لاستخدامها.
واستبعد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أخيراً قراراً يهدف إلى إعداد تقرير حول هذا الموضوع لأنّ مجرّد دراسته قد تقود إلى إشعال الخلافات. (لعبت الولايات المتحدة دوراً في حجب هذا الطرح).
- بدايات «هندسة الأرض»
ويتمحور عدد كبير من الأسئلة حول الشكوك العلمية والحجج الاقتصادية، ولكنّ الجدل يغوص أيضاً في أسئلة فلسفية شائكة: هل يعتبر التعديل المتعمّد في المناخ محاولة أخيرة لدرء أضرار المناخ؟ أم خطوة خطيرة تتسم بالغرور؟ ما الذي قد يعتبر خيانة الأجيال القادمة: المبادرة بإجراءات جذرية كهذه أم الفشل بتطبيقها؟
تعود جذور هندسة الأرض إلى جهود محاربة الجفاف عبر عمليات الاستمطار في القرن التاسع عشر، تلتها محاولات قادها الجيش الأميركي للمشاركة في «الحرب المناخية»، وارتكزت هذه الإجراءات بمعظمها على أفكار الحرب الباردة.
ولكن خلال حرب فيتنام، أقدمت القوات الجويّة الأميركية على رمي نحو 50000 شعلة من يوديد الفضّة في سماء جنوب شرقي آسيا في هجوم استمطار كان هدفه إغراق ممر هوتشي منة (طريق مموهة تصل بين فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية).
وكشف المؤرخ جيمس فلينينغ من كولبي كولدج أنّ هذه الخطوة أسهمت في تحفيز الأمم المتحدة لإقرار اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عسكرية أو لأي أغراض عدائية أخرى في 1978 وحثّت الحكومة الأميركية على تمويل بحث حول التعديل المناخي.
ولكنّ الاهتمام بهندسة الأرض عاد للظهور مع استمرار العالم في نفث مزيد من الغازات الدفيئة. وترجّح الأبحاث الحالية أنّ الوقت تأخر ربّما على تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، أي إبقاء التسخين دون درجتين مئويتين، من خلال الحدّ من الانبعاثات فقط.
- التخلص من غاز الكربون
هذه المقاربات أو المنطلقات المتنوعة جميعها يمكن أن تساعد في الحلّ، ولكلّ واحدة منها مخاطرها ومكاسبها، وتنقسم إلى فئتين مختلفتين: تنظيف الجوّ من ثاني أكسيد الكربون، وتقليل كمية الطاقة التي تمتصها الأرض من الشمس.
يمكن القول إنّ التخلّص من ثاني أكسيد الكربون هو الأقلّ إثارة للجدل من بين الفئتين، ويتوافق معظم الباحثين على أنّها خطوة ضرورية لتصفير انبعاثات الغازات الدفيئة.
قلّة هم الأشخاص الذين يعترضون على أفكار مثل تشجير الغابات وإدارة الأراضي لزيادة الكربون المخزّن في التربة. ولكن المقترحات الأخرى كتنمية محاصيل لإنتاج الوقود الحيوي للطاقة، والتقاط ثاني أكسيد الكربون عند انبعاثه لتخزينه في باطن الأرض، أدّت إلى زيادة الاعتراضات. فرغم أنّ النباتات تسحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء خلال نموّها، فإنها تستغل أراضي قيّمة وكميات من المياه قد تكون ضرورية لتنمية الغذاء.
ومن الخيارات الأخرى المطروحة أيضاً التخلّص من ثاني أكسيد الكربون من الجوّ مباشرة من خلال سحب الهواء بواسطة مراوح كبيرة وامتصاص الكربون عبر فلترات، أو من خلال تفاعلات كيميائية بمحاليل الهيدروكسيد.
وكانت شركة في كندا قد بدأت حقاً اختبار تقنية «التقاط الهواء مباشرة» في مصنع تجريبي، بينما افتتحت شركة أخرى في سويسرا عملاً مشابهاً عام 2017.
ولكنّ الكلفة وقابلية التوسع لتقنيات إزالة الكربون لا تزال غير واضحة، ويعتبر باحثون كثر أن المغامرة بكثير من المال عليها سيكون بمثابة المقامرة.
من جهتها، قالت درو شينديل، عالمة مناخية من جامعة ديوك: «في حال، ولأي سبب من الأسباب، لم يصر إلى تخفيض الانبعاثات فعلاً، لن نتمكّن هذه المرة من العودة إلى الوراء للتعهد بتخفيض الانبعاثات أكثر، لأنّ الأوان سيكون قد فات».
وحتى إن وصلنا إلى مرحلة لم تعد فيها تقنية التخلّص من الكربون فعالة، تبقى فكرة العبث بأشعة الشمس مستبعدة. إذ يخشى البعض من مجرد احتمال التوصل إلى إصلاح تقني للتغيرات المناخية قد يؤدي إلى تراجع حافز العالم تجاه حلّ هذه المعضلة.
- عكس الأشعة الشمسية
ترى سيكينا جينا، التي تدرس السياسات البيئية العالمية في جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، أنّه كلّما طال انتظار العالم قبل الحدّ من الانبعاثات، ستضطر الأجيال القادمة إلى التفكير بحلول أكثر، مشدّدة على أنّ «الوقت قد حان للبدء في دراسة بعض هذه الأفكار الكثيرة».
تعتمد الفكرة التي حصلت على الحصة الكبرى من الاهتمام على حقن ذرّات مجهرية من الكبريتات في طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوّي، لتنتشر هذه الذرّات حول الكوكب في غضون بضعة أسابيع وتعكس أشعة الشمس قبل وصولها إلى الأرض.
يعي العلماء الذين يدرسون الثورات البركانية، التي لها التأثير نفسه، أنّ هذه الخطوة من شأنها أن تبرّد حرارة الأرض رغم أنّ عملية الحقن ستتطلّب تكرارها كلّ بضع سنوات.
وبدأ المهندسون أيضاً تصميم مركبات خاصة لرشّ ملح البحر في الهواء لتفتيح الغيوم البحرية وزيادة قدرتها على الانعكاس. كما اقترح مهندسون آخرون تطبيق فكرة تبييض المحيطات، التي طرحها ريفيل في الماضي، أو تركيب مرايا في المدار الأرضي.
صحيح أن التخلّص من الكربون يعالج مصدر المشكلة المناخية، أي كمية الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي، إلّا أنّ استخدام هذه الاستراتيجيات لإدارة الأشعة الشمسية لن يؤدي إلى أكثر من حجب بعض العوارض. إن اعتماد تقنية إدارة الأشعة الشمسية سيرسي توازناً مع التسخين، ما سيسهم في استقرار الأنهار الجليدية ويحمي الفصائل الحيوانية من الانقراض. ولكنّه في الوقت نفسه لن يمنع ثاني أوكسيد الكربون من زيادة حموضة المحيطات أو يقلل التلوث الناتج عن حرق الوقود الأحفوري، بحسب شينديل.
ويرى بيتر إرفاين، عالم المناخ في جامعة هارفارد في حيث بصحيفة «لوس أنجليس تايمز»، أنّ «هذه الاستراتيجية لا تحلّ محلّ تخفيف الانبعاثات، ولكنّها قد تسهم في تقليل المخاطر».
- اضطراب الطقس
لا تزال تقنية إدارة الإشعاع الشمسي محاطة ببعض الشكوك. إذ تشير نماذج الكومبيوتر إلى أنّ انعكاس كثير من الأشعة الشمسية قد يؤدي إلى اضطراب أنماط المتساقطات (الأمطار والندى وما شابه)، خصوصاً في الدول التي لم تسهم بحصة كبيرة من التغيّر المناخي.
قد نحصل على بعض الإجابات في هذا المجال قريباً، إذ تعمل الأكاديميات الأميركية الوطنية المختصة بالهندسة والعلوم والطبّ على إطلاق دراسة لإرشاد الأبحاث المستقبلية باتجاه إدارة الأشعة الشمسية. ومن المقرّر أن تدرس اللجنة الدولية للتغيرات المناخية الموضوع في تقريرها التقييمي المقبل الذي سيصدر عام 2021.
ولكن العالم لا يزال يعاني من حساسية شديدة تجاه الاختبارات التي تحصل على أرض الواقع. عام 2011، تمّ إلغاء تجربة يقودها علماء بريطانيون، كان من المفترض أن يستخدموا خلالها منطاداً مناخياً لرمي كمية من المياه في الغلاف الجوي المنخفض.
ويأمل باحثو هارفارد اليوم إجراء تجارب مشابهة فوق مدينة نيو مكسيكو، حتى إنّهم كانوا يخططون لإطلاق واحدة في أوائل 2019. ولكنها لا تزال معلّقة بانتظار التوصل إلى وسيلة لتنفيذها على أرض غير خاضعة للقوانين الأميركية.


مقالات ذات صلة

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري سامح شكري (إ.ب.أ)

مصر: غالبية الدول تعتبر مشاريع قرارات «كوب 27» متوازنة

أكد رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) سامح شكري اليوم (السبت) أن «الغالبية العظمى» من الدول تعتبر مشاريع القرارات التي قدمتها رئاسة مؤتمر المناخ «متوازنة» بعدما انتقدها الاتحاد الأوروبي. وأوضح وزير خارجية مصر سامح شكري للصحافيين بعد ليلة من المفاوضات المكثفة إثر تمديد المؤتمر في شرم الشيخ أن «الغالبية العظمى من الأطراف أبلغتني أنها تعتبر النص متوازنا وقد يؤدي إلى اختراق محتمل توصلا إلى توافق»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وتابع يقول «على الأطراف أن تظهر تصميمها وأن تتوصل إلى توافق».

«الشرق الأوسط» (شرم الشيخ)
بيئة البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

البيئة في 2021... قصص نجاح تعزز الأمل في تخفيف أزمة المناخ

شهدت سنة 2021 الكثير من الكوارث والخيبات، لكنها كانت أيضاً سنة «الأمل» البيئي. فعلى الصعيد السياسي حصلت تحولات هامة بوصول إدارة داعمة لقضايا البيئة إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. كما شهدت السنة العديد من الابتكارات الخضراء والمشاريع البيئية الواعدة، قد يكون أبرزها مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أطلقتها السعودية. وفي مجال الصحة العامة، حقق العلماء اختراقاً كبيراً في مواجهة فيروس كورونا المستجد عبر تطوير اللقاحات وبرامج التطعيم الواسعة، رغم عودة الفيروس ومتحوراته. وفي مواجهة الاحتباس الحراري، نجح المجتمعون في قمة غلاسكو في التوافق على تسريع العمل المناخي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

فرقة «كولدبلاي» تراعي المعايير البيئية في جولتها سنة 2022

أعلنت فرقة «كولدبلاي» البريطانية، الخميس، عن جولة عالمية جديدة لها سنة 2022 «تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة»، باستخدام الألواح الشمسية وبطارية محمولة وأرضية تعمل بالطاقة الحركية لتوفير كامل الكهرباء تقريباً، فضلاً عن قصاصات «كونفيتي» ورقية قابلة للتحلل وأكواب تحترم البيئة. وذكرت «كولدبلاي» في منشور عبر «تويتر» أن «العزف الحي والتواصل مع الناس هو سبب وجود الفرقة»، لكنها أكدت أنها تدرك «تماماً في الوقت نفسه أن الكوكب يواجه أزمة مناخية». وأضاف المنشور أن أعضاء فرقة الروك الشهيرة «أمضوا العامين المنصرمين في استشارة خبراء البيئة في شأن سبل جعل هذه الجولة تراعي قدر الإمكان متطلبات الاستدامة» و«

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

بعد انخفاضها بسبب الإغلاق... انبعاثات الكربون تعاود الارتفاع

انخفضت انبعاثات الغازات المسببة للاحترار العالمي بشكل كبير العام الماضي حيث أجبر وباء «كورونا» الكثير من دول العالم على فرض الإغلاق، لكن يبدو أن هذه الظاهرة الجيدة لن تدوم، حيث إن الأرقام عاودت الارتفاع بحسب البيانات الجديدة، وفقاً لشبكة «سي إن إن». وتسببت إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الفيروس التاجي في انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7 في المائة على مدار عام 2020 - وهو أكبر انخفاض تم تسجيله على الإطلاق - وفق دراسة نُشرت أمس (الأربعاء) في المجلة العلمية «نيتشر كلايميت شينج». لكن مؤلفيها يحذرون من أنه ما لم تعطِ الحكومات الأولوية للاستثمار بطرق بيئية في محاولاتها لتعزيز اقتصاداتها الم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة 5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

5 ملفات بيئية هامة في حقيبة بايدن

أعلن الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن وزير الخارجية السابق جون كيري سيكون له مقعد في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وهي المرة الأولى التي يخصّص فيها مسؤول في تلك الهيئة لقضية المناخ. ويأتي تعيين كيري في إطار التعهدات التي قطعها جو بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة الولايات المتحدة إلى الطريق الصحيح في مواجهة تغيُّر المناخ العالمي ودعم قضايا البيئة، بعد فترة رئاسية صاخبة لسلفه دونالد ترمب الذي انسحب من اتفاقية باريس المناخية وألغى العديد من اللوائح التشريعية البيئية. وعلى عكس ترمب، يعتقد بايدن أن تغيُّر المناخ يهدّد الأمن القومي، حيث ترتبط العديد من حالات غياب الاستقرار

«الشرق الأوسط» (بيروت)

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».