غودزيلا يبيد أعداءه وآن هاذاواي تحتال على الرجال

عروض السينما هذا الشهر بين التشويق والخيال

«غودزيلا: ملك الوحوش»
«غودزيلا: ملك الوحوش»
TT

غودزيلا يبيد أعداءه وآن هاذاواي تحتال على الرجال

«غودزيلا: ملك الوحوش»
«غودزيلا: ملك الوحوش»

في أعقاب الزلزال التجاري الحاصل الآن بخروج الجزء الأخير (كما يعدون) من «أفنجرز: إندغيم»، ستتعرض الحياة على الأرض لزلزال آخر هذا الشهر.
ذلك أن «غودزيلا»، ذلك الوحش الذي يخرج دوماً من أعماق البحر، سيعود تحت عنوان جديد هو «غودزيلا: ملك الوحوش» ووجهة نظر صانعيه هنا هي دفعه لمواجهة وحوش أخرى، بعضها برأس واحد (مثل رودان) وبعضها بثلاث رؤوس (غيدورا). بعضها يطير (كحال موثرا) والبعض يزحف والبعض الآخر يخرج من البحر أو يأتي من الفضاء.
في هذا الفيلم سنرى غودزيلا وهو يطحن العمارات كلما رفع قدمه ليخطو إلى الأمام. في أحد مشاهد الصراع بينه وبين رودان سيتساءل بعض العقلاء منا إذا كان هناك من بقي حياً في ذلك الجزء من المدينة حيث تدور المعركة.
لكن هذا هو جزء من اللعبة الكبرى التي ينتظرها المشاهدون مرات ومرات كل سنة. وهو الجزء اللاحق من فيلم «غودزيلا» الذي قدمه غارث إدواردز أخرجه - بنجاح - سنة 2014 والتمهيد الجديد للفيلم المقبل الذي يجري الإعداد له الآن تحت عنوان «غودزيلا ضد كونغ» حيث سيتواجه الوحشان في العام المقبل.
- الفانوس السحري
«غودزيلا: ملك الوحوش» (من إنتاج وورنر) هو أحد 47 فيلماً جديداً سوف يتم عرضه في الولايات المتحدة بينها 22 فيلماً ستطرح للعروض العالمية أيضاً. وهو أحد القلة الذي سيخلو من بطولات آدمية خارقة فالإنسان هنا (كما يجسده تشارلز دانس، وكايل شاندلر، وفيرا فارميغا، وسالي هوكنز ولفيف كبير من الممثلين الآخرين) لا حول لهم ولا قوّة. الإنسان عاجز عن مواجهة الوحوش، لذلك فإن الخلاص هو أن ينبري أحد تلك الوحوش للدفاع عمن يراهم كائنات ضعيفة تستحق شفقته.
تتبدل الصورة في النسخة الجديدة من «علاء الدين» ذلك لأن الممثل الذي يقف لأداء هذه الشخصية الأسطورية (المصري مينا مسعود) يستطيع بالحيلة والمهارة البشرية (ومع مساعدة المؤثرات الخاصة) الوقوف في مواجهة الوزير جعفر (التونسي مروان كنزاري) بمعاونة المارد اللطيف (الأميركي ول سميث).
كما هو معلوم، أثار آخر فيلم عن علاء الدين والذي أنتجته ديزني (سنة 1992) المسلمين بسيل من الشتائم صورة وصوتاً، لكن صانعي النسخة الجديدة (التي أمّ إخراجها غاي ريتشي) يقولون إن الفيلم الجديد لن يتضمن أياً من تلك الإساءات.
سترتكز الحكاية هنا على قصّة ذلك الفانوس السحري الذي حلم بعضنا باكتشافه. والمفاد هنا حاجة البطل إلى من يسانده في نضاله وإن كان هذا النضال محض عاطفي إذ وقع علاء الدين في حب ياسمين (ناوومي سكوت) من النظرة الأولى.
لمن لا يكترث لعلاء الدين أو للوحوش آنفة الذكر، فإن اللقاء المتجدد بين كيانو ريفز ولورنس فيشبورن هو البديل المتاح.
كلاهما سبق وأن ظهر في سلسلة «ماتريكس» (الثلاثية التي انطلقت من عام 1999) وهما يلتقيان في «جون وِك: الفصل الثالث - بارابيلوم». في هذا الجزء سنجد القاتل المحترف جون وِك (كيانو ريفز) مضطر للدفاع عن نفسه فهناك صائدو جوائز من القتلة الماهرين في أعقابه بعدما تم الإعلان عن 14 مليون دولار لمن يقتله. جون لن يستطع الثقة بأحد وعليه أن يتحاشى الرصاص (بارابيلوم هو نوع من ذخيرة مسدسات 9 ملم) الذي قد يأتيه من قبل هالي بيري أو إيان مكشين.
- أم متسلطة
وهناك تشويق آخر، ولو مختلفاً، في هيئة فيلم «جثة عند برايتون روك» يبدأ عندما تضل بطلة الفيلم (كارينا فونتيس) طريقها في إحدى الغابات المعزولة لتكتشف جثة رجل مقتول. القتلة ما زالوا في الجوار، وهي قد تصبح الضحية التالية.
في «المتطفل» يكتشف الزوجان (ميغان غود ومايكل إيلي) بأن البيت الذي انتقلا للعيش فيه هو أسوأ قرار اتخذاه منذ زواجهما. ويأتي دنيس كوايد في دور الرجل ذي النوايا الغامضة لينقذ الفيلم.
«الدير» هو فيلم رعب آخر من تلك التي تحتشد طوال العام، كل عام. هنا حكاية راهبات في دير يبعث على الرهبة وسريعاً ما تحيط بأركانه أرواح شريرة بعدما تم وضع إحدى الراهبات أمام محكمة وجدتها مذنبة.
على صعيد مخفف، هناك عدة أفلام كوميدية جديدة تنطلق معاً هذا الشهر أحدها هو Ma عن أم أفرو - أميركية تعيش وحدها في بلدة صغيرة تعرض على مجموعة من المراهقين استخدام غرفة في منزلها وهؤلاء يرحبون بالفكرة ويا ليتهم لم يفعلوا فهذه «الأم» الكبيرة (أوكتافيا سبنسر) تؤمن بالسلطة وتمارسها إلى حد ترهيب هؤلاء الشبان.
لا يبدو هذا الفيلم كوميدياً، لكن صانعيه يؤكدون ذلك. وربما نجد في «الحيلة» موضوعاً أرق وألطف. هنا تؤدي آن هاثاواي (تحت إدارة الجديد كريس أديسون) دورها فنانة حيل ونصب محترفة تتعرف على فتاة جديدة على هذا «الكار» (ريبل ولسون) تدربها وتخطط معها القيام بأكبر عملية نصب في التاريخ.
هذا الفيلم هو إعادة صنع لفيلم Dirty Rotten Scoundrells الذي كان إعادة صنع لفيلم من الستينات عنوانه Bedtime Story الذي كان أحد الأفلام السيئة القليلة التي قام مارلون براندو ببطولتها. آنذاك كُتب السيناريو ليدور حول رجلين - محتالين (الآخر هو ديفيد نيفن) لكن الفيلم الجديد يأخذ في عين الاعتبار احتمال أن يجد قبولاً أعلى بين الإناث من المشاهدين.
في الإطار ذاته فيلم «احتمال بعيد» (Long Shot) الذي تقوده (إنتاجاً وتمثيلاً) تشارليز ثيرون. هي من ترشح نفسها لرئاسة الجمهورية وهي من تعين سث روغن معاوناً لها في كتابة الخطب السياسية في هذه الكوميديا التي تستند إلى التوليفة التي سبق لها وأن حققت نجاحات: حبكة طريفة تتعالى فيها المواقف الزائدة عن الحاجة لتخلق فانتازيا تعجب الباحثين عن فيلم سعيد.
- التون جون وغورباتشوف
لجانب ما سبق وسواه، تحتشد عدة أفلام بيوغرافية وبعضها تسجيلي. من أهمها فيلم بعنوان «بولدن» يدور حول الحياة الصعبة للموسيقار بَدي بولدن الذي عرف بأنه أول من عزف آلة الكورنيت في نيو أورليانز وذلك في القرن الثامن عشر. الفيلم الروائي مستمد من الحقيقة مع غاري كار (في الدور الأول) ومايكل روكر وإيان مكشاين ورينو ولسون (في الأدوار المساندة).
هناك فيلم روائي آخر عن حياة شخص حقيقي هو «تولكين». ج. ر.ر. تولكين مبتدع حكايات «سيد الخواتم» و«ذا هوبيت». لن يلتزم هذا الفيلم بسرد السيرة كما حدثت في الواقع بل سينتقل منها لزيارة مشاهد خيالية نابعة من عقل الكاتب المعروف. هذا ما يثري الفيلم بمشاهد من المؤثرات الخاصة ولو أنه لا يصل إلى ما ابتدعه بيتر جاكسون في مسلسليه الشهيرين المستمدين من حكايات المؤلف.
في إثره سيتم عرض فيلم «روكتمان» الذي لا يدور عن «سوبرمان» آخر من الخيال، بل عن حياة المغني ألتون جونز. العنوان ذاته مستوحى من أغنيته المعروفة Rocket Man. أفضل منه «صدى في لورِل كانيون» الفيلم التسجيلي يبحث في تلك الضاحية من لوس أنجليس التي شهدت في الستينات انبثاق فرق موسيقية شهيرة مثل «ذا بيردز» و«ذا بيتش بويز» و«بافالو سبرينغز».
من عاصر تلك الفترة سيريد إغماض عينيه والتمتع بذلك الجو الموسيقي المختلف عن أغاني الروبوتس الحالية. ومن لم يعاصره سيجدها فرصة مناسبة و- ذكية - للتعريف بها.
أحد أهم الأفلام التسجيلية المقبلة «لقاء غورباتشوف» للألماني فرنر هرتزوغ حول الحوار الطويل مع الرئيس الروسي الأسبق وعرض للفترة السياسية المميزة التي عاصرها خلال حكمه.
لن يخلو الأمر، في نهاية هذا الاستعراض، من ضرورة تداول بعض أفلام التشويق الأخرى. نعم «جون وِك» سيتقدمها بفعل حجم إنتاجه ونوعية بطولته، لكن الأخرى ستعرض ولو لحين سريع حاملة المزيد من مشاهد العنف والحركة.
أحدها «انتقام» الذي يستند إلى أقدم حكايات الانتقام: رجل (سكوت أدكنز) يخرج من السجن وفي باله شيء واحد… الانتقام ممن تسبب في إيداعه هناك.
في «زناد قاتل» ينبري دولف لاندغرن ليواجه الزومبيز مع قوة عسكرية باطشة، وذلك لأجل إنقاذ العالم (مرّة أخرى) من ناهشي الأجساد.
وتتعرض «داعش» إلى هزيمة في الفيلم الدنماركي الإنتاج «دومينو» على أيدي ضابط ينطلق لتحقيق العدالة منفرداً إثر سقوط زميل له قتيلاً على أيدي تلك الزمرة.
بمفرده يحاول الممثل والمخرج كنيث براناه إنقاذ العالم من هذه الأفلام على طريقته. في «كله حقيقي» يعود إلى ويليام شكسبير (للمرّة السادسة)، لكنه لن يقتبس إحدى مسرحياته، كما فعل في المرات الخمس السابقة، بل سيلعب دور الكاتب الكبير في سنوات حياته الأخيرة.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».