معرض «ما يطفو في الفضاء»... الغوص في شريط ذكريات حالم

تقدمه الرسامة تمارا السامرائي في بيروت

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

معرض «ما يطفو في الفضاء»... الغوص في شريط ذكريات حالم

جانب من المعرض
جانب من المعرض

لم تستثنِ الرسامة التشكيلية، تمارا السامرائي أي تفاصيل صنعتها ذاكرتها الحالمة لتترجمها في لوحات معرضها الجديد «ما يطفو في الفضاء». فأعمالها المعروضة في غاليري «مرفأ» في وسط بيروت تنقلك إلى حالة خيال تنبثق من فضاء خاص بها، استوحتها من سلسلة مشاهد رأتها. فخزّنتها في ذاكرتها لتشكل شريطاً سينمائياً بحد ذاتها. فيعيش ناظرها تلك اللحظات بصورة تلقائية ليشعر كأنه على صلة بها؛ خصوصاً أنها مغطسة بريشة دافئة استخدمتها الفنانة بتأنّي مخرج سينمائي. وفي غالبية لوحاتها المتشحة بالأسود، يلفتك طيف أشخاص، وكأنهم يتنقلون خفية في داخل كل لوحة. «في الماضي كنت أركن إلى الأبيض من أجل إخفاء بعض التفاصيل، ما يصبغ اللوحة بالغموض. اليوم استبدلتها بالأسود، فألعب من خلاله بعملية إضاءة العمل، بحيث يتكوّن محتوى اللوحة من نهار وليل». توضح تمارا السامرائي في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتتابع: «مع الأسود استحدثت توازناً بين ما أرغب في إظهاره والعكس». ولكنكِ تريدين إخفاء ماذا؟ «هو شيء نابع من أعماقي، له صلة بشخصيتي على ما أعتقد، فعملية التغطية أو الإخفاء هنا ليست حسية، بقدر ما هي وجدانية وسوريالية».
تعبق لوحات تمارا السامرائي بالدفء وسرّ الوجود، من خلال تقنية رسم ترتكز على الفحم والأكليريك والأكواريل. «غالباً ما ألجأ إلى الأكواريل، لأن مواده تجف بسرعة، فتقولب اللوحة بشكل طبيعي، وأحياناً تضع لها نقطة النهاية دون سابق إنذار».
وعن موضوعات لوحاتها، تقول: «هي أماكن أليفة، مررت وعشت فيها، وأخرى أجهلها، لم تتسنّ لي مشاهدتها بتاتاً. فأحيك حولها صوراً واقعية وخيالية بعد أن أفنّد عناصرها بأسلوبي. وعادة ما أختار موضوعاتي من صور فوتوغرافية، أشاهدها هنا وهناك، أو أسرقها من أصدقائي، لأن شيئاً ما جذبني فيها. كما أنني ألجأ إلى فن الهندسة بعيداً عن الذاكرة كي أضعها في القالب الذي أطمح إليه. وهذا الأمر يمكن أن يلاحظه زائر المعرض في عدد من لوحاتي كـ(بورت رومانو) مثلاً.
فهذه المنطقة لم أزرها يوماً حتى إنني أضفت إليها عناصر مشهدية من مكان آخر، وقد استشفيت أجواءها من صور فوتوغرافية لها. أعددتها على طريقتي، مع أنواع نباتات وفراشات ملونة، بالرغم من أنه للوهلة الأولى تطغى على مشهديتها فنون العمارة الرومانية، من خلال أعمدة رخامية ضخمة تتصدرها».
الطبيعة تأخذ حيزاً لا يستهان به من لوحات تمارا السامرائي، كما في «السجادة الخضراء» و«شجيرة الليل» و«غرفة النوم» و«الانتشار المقبل» وغيرها. «إنها تعيد إحياء المكان الذي أرسمه مهجوراً كان أم مسكوناً. فهي تمثل لي هذه الازدواجية الموجودة في عناصر حياتية كثيرة، كالضعف والقوة والموت والحياة، فأستمد منها نبضاً فنياً مغايراً. فالثنائيات هي ركيزة أساسية في حياتنا، وهي مولودة من رحم الطبيعة».
وتمارا، المقيمة في لبنان، تستبعد تناول هويتها في لوحاتها، وتقول: «مما لا شك فيه أنني متأثرة بالأماكن التي عشت فيها في الماضي، وكذلك في الحاضر.
ولكني لا أهتم بوضعها بشكل نافر في لوحاتي، إذ إنها تخرج تلقائياً إلى النور، بصورة غير مباشرة، لأنها تسكنني، وهي جزء لا يتجزأ مني. وما يمكنني قوله هو أنني متأثرة جداً بمنطقة الحوض المتوسط التي تترك إثرها على شخصيتي وأدائي بشكل عام». ومع منحوتتين سوداويتين، تحت عنوان «مستوعبات»، تخرج فيهما الفنانة التشكيلية عن صمتها، وبعيداً عن ريشتها: «كنت أحاول أن أرسمهما. ولكن فجأة توقفت ريشتي وحدها عن الدوران، وقررت أن أختم عملي بمجسمين يتواجهان بقوتهما، رغم أنهما مجرد كبسولتين. جسّدت فيهما الثنائية التي تؤلّف رموزاً كثيرة في حياتنا، ووضعتهما وحيدتين في صالة عرض، أطلقت عليها اسم (غرفة الموت)».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.