مهرجان فينيسيا السينمائي

الممثل مايكل كيتون يصوّر جمهوره خلال الحفل
الممثل مايكل كيتون يصوّر جمهوره خلال الحفل
TT

مهرجان فينيسيا السينمائي

الممثل مايكل كيتون يصوّر جمهوره خلال الحفل
الممثل مايكل كيتون يصوّر جمهوره خلال الحفل

* الحفلة الرسمية للمهرجان، تلك التي توجه فيها الإدارة الرسمية الدعوة لمن تختارهم من الحضور، والتي أمّتها «الشرق الأوسط» كالعادة، شملت على قاعتين. واحدة كبيرة والأخرى أكبر منها. الكبيرة خصصت للسينمائيين ومنهم فريق فيلم الافتتاح «بيردمان»، والثانية لمدعوين كثيرين منهم ينتمون إلى النوع الذي تخاله المهرجانات لأجل الحفلات وليس لأجل الأفلام.
لكن الجو الساهر كان ممتعا بفضل من توزّع حول الموائد: شخصيات سينمائية وثقافية وإعلامية متعددة معظمها أوروبي لكن الوجود الهوليوودي فيها كان أيضا متاحا. ومن بقي لما بعد انصراف الغالبية وجد أن فريق فيلم «بيردمان» من المخرج أليخاندرو غونزاليز إيناريتو إلى الممثلين الرئيسين فيه وهم مايكل كيتون وإيما ستون وإدوارد نورتون ملّ الجلوس بمعزل عن الغالبية ونزح إلى حيث جالسنا وأخذ يروي الحكايات عن الفيلم وعن المهرجان وانعكاسات الحفل الكبير عليه.
خلال هذا، وبعد أن جرى الافتتاح الرسمي للمسابقة بعرض «بيردمان»، جرى افتتاح تظاهرة «آفاق» بفيلم «الرئيس» وهو فيلم للمخرج الإيراني محسن مخملباف ونال، كما الأول، الكثير من الاستحسان مع وجود فريق من المناوئين. البعض يعيبون عليه أنه لم يقم بإدانة الشخصية المحورية بما فيه الكفاية. كلام غريب إلى حد بعيد على أساس أن الفيلم كله يتحدّث عن هذا الديكتاتور في واحدة من الجمهوريات غير المحددة الذي أفاق يوما ليجد نفسه مضطرا للنفاذ بجلده بعدما انقلب عليه الشعب والجيش معا.
لكن إيران بقيت في الصورة على أكثر من وجه يوم أول من أمس، فلجانب أن محسن مخملباف من المخرجين الإيرانيين الهاربين من النظام وفيلمه يدور عنه كما عن أي من الجمهوريات التي يتحوّل فيها منصب الرئيس إلى وظيفة أبدية، أصدر المهرجان بيانا أدان فيه قيام السلطات الإيرانية باعتقال السينمائية الإيرانية مهناز محمدي وإصدار حكم بالسجن لخمس سنوات، ارتفعت إلى سبع قبل صدور البيان بأيام قليلة.
مساء عرض فيلم إيراني في المسابقة الرئيسة من تلك المناوئة للحال السائد عنوانه «حكايات» للمخرجة راشخان بني اعتماد ولو أن مناوأته تلك مكتوب عليها أن تأتي متداخلة مع الخطوط العريضة للمشكلات الفردية التي تطرحها. هذا ليس كل ما هو إيراني، لأن المهرجان عرض أيضا الفيلم الجديد للأميركي ذي الأصل الإيراني رامين بحراني وعنوانه «99 منزلا»، وهو الذي كان قدّم قبل عامين، وفي المسابقة ذاتها، «بأي ثمن». في أفلامه عموما يعمد المخرج للنقد الاجتماعي، وإذا ما تحدث «بأي ثمن» عن متاعب أصحاب المزارع في الوسط الأميركي، فإن «99 منزلا» يتناول جشع المؤسسات العقارية التي تسلب المواطنين بيوتهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».