جيفري يبحث مع مسؤولين أتراك المنطقة الأمنية واتفاق منبج

TT

جيفري يبحث مع مسؤولين أتراك المنطقة الأمنية واتفاق منبج

يبدأ وفد أميركي برئاسة المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، مباحثات في أنقرة، اليوم (الأربعاء)، تستغرق يومين لبحث مستجدات الأوضاع في سوريا والمنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا المقترحة من جانب الولايات المتحدة وحدود مشاركة تركيا فيها.
وحسب بيان للخارجية الأميركية، صدر ليل الاثنين - الثلاثاء، يضم الوفد الأميركي نائب مساعد وزير الخارجية جويل رايبورن، وسيلتقي مسؤولين أتراكاً رفيعي المستوى حول الشأن السوري، وسيتم تناول «المخاوف الأمنية التركية المشروعة بخصوص شمال سوريا».
ومن المقرر أن تتناول المباحثات أيضاً الدعوة التي ستوجه لتحقيق الأمن والاستقرار في الشمال السوري، فضلاً عن سبل تحقيق المصالح المتبادلة الأخرى كإلحاق هزيمة دائمة بتنظيم «داعش» الإرهابي، حسب البيان.
وسيتوجه جيفري والوفد المرافق بعد زيارة تركيا إلى مدينة جنيف السويسرية، لعقد لقاءات مع ممثلي السعودية ومصر، وفرنسا، وألمانيا، والأردن، وبريطانيا، وعدد من الجماعات السورية.
وقال البيان إن «الوفود ستبحث آخر التطورات في الشأن السوري؛ وستطلب مزيداً من الدعم لجهود الأمم المتحدة لتعزيز عملية سياسية مقرها جنيف بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومزيداً من المساعدات الإنسانية في عموم البلاد دون أي عوائق».
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد الأميركي سيلتقي نائب وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط المعنيّ بالملف السوري سادات أونال، وعدداً آخر من مساعدي وزير الخارجية، وستركز المباحثات على الانسحاب الأميركي والمنطقة الآمنة المحتملة في شمال شرق سوريا، وتنفيذ خريطة الطريق في منبج، وجهود المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء سوريا.
كان جيفري قد صرح مؤخراً بأن الولايات المتحدة ستواصل العمل في «منطقة آمنة مستقرة» على طول الحدود التركية السورية تنسحب منها قوات حماية الشعب الكردية لضمان بقائها خالية من أي تهديد لتركيا.
وبدأت تركيا والولايات المتحدة محادثات لإقامة المنطقة الآمنة المحتملة، في أعقاب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سحب معظم القوات الأميركية من سوريا، بهدف إزالة مخاوف تركيا فيما يتعلق بالتهديد الذي تشكله وحدات حماية الشعب الكردية.
واقترحت الولايات المتحدة نشر قوات من دول التحالف الدولي للحرب على «داعش» دون وجود للقوات التركية أو الوحدات الكردية (حليف واشنطن في الحرب على «داعش») في المنطقة المقترحة، لكن أنقرة رفضت وتمسكت بالسيطرة الكاملة المنفردة على المنطقة.
وحسب مصادر تركية مطلعة على المفاوضات المتعلقة بالمنطقة لم تتلقَّ واشنطن التزامات محددة من أعضاء التحالف بشأن إنشاء المنطقة الآمنة التي يفترض أن تمتد من شرق نهر الفرات إلى الحدود العراقية.
وقال مسؤول تركي لصحيفة «حرييت» التركية، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن واشنطن «اقتنعت خلال المباحثات المطولة بأنه سيكون من (شبه المستحيل) النظر في إقامة مثل هذه المنطقة دون وجود القوات التركية، لكن لم يتم التوصل إلى إجماع نهائي بعد».
وإلى جانب ما صرح به جيفري عن «منطقة آمنة محدودة» على الحدود التركية - السورية، أشارت تقارير إلى أن واشنطن «تحثّ وحدات حماية الشعب الكردية على السماح لـ(عدد محدود من القوات التركية) بالانتشار على الجانب السوري من الحدود».
وتشترط تركيا انسحاب جميع مقاتلي وحدات حماية الشعب من المنطقة الآمنة التي يجب أن يكون عمقها 20 ميلاً (32 كلم) على الأقل. وتبدي استعدادها لإقامتها بمفردها إذا فشلت محادثات واشنطن مع أعضاء التحالف الدولي.
وأقر المسؤول التركي بأن معظم الزيارات الأخيرة التي قام بها جيفري لم تسفر عن تقدم كبير في الموضوعات الحاسمة التي كانت قيد المناقشة منذ أكثر من ثلاثة أشهر مع الجانب التركي.
وتشمل مباحثات جيفري والوفد المرافق مع المسؤولين الأتراك، موضوع انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من منبج، غرب الفرات، كجزء من اتفاق خريطة الطريق الموقّع بين وزيري خارجية تركيا والولايات المتحدة في واشنطن 4 يونيو (حزيران) 2018، والذي ينص على انسحاب جميع أعضاء وحدات حماية الشعب من منبج إلى شرق الفرات وتشكيل مجلس مدينة جديد من السكان العرب المحليين. كانت تركيا قد انتقدت منذ فترة طويلة الولايات المتحدة لإطالة أمد العملية وانتهاك الجدول الزمني للاتفاق المحدد بـ90 يوماً. وعلى الرغم من انسحاب غالبية مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من منبج، فإن أنقرة تحثّ الولايات المتحدة على سحب جميع مقاتليها.
وتأتي مباحثات جيفري والوفد الأميركي في أنقرة غداة اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والأميركي دونالد ترمب، مساء أول من أمس، تناول آخر المستجدات فيما يتعلق بالوضع شمالي سوريا إلى جانب موضوعات أخرى تخص العلاقات بين البلدين والملفات الخلافية العالقة وفي مقدمتها صفقة صواريخ «إس 400» الروسية التي تعترض واشنطن عليها.
وقالت الرئاسة التركية والبيت الأبيض، في بيانين حول الاتصال، إنه تناول التقدم الحاصل في المفاوضات بخصوص الهواجس الأمنية حيال شمال سوريا، وإن الرئيسين وافقا على مواصلة التعاون الوثيق في مكافحة الإرهاب.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.