المصريون يحتفلون بـ«شم النسيم» في الحدائق والمتنزهات

المصريون يحرصون على الخروج إلى حدائق قصر المنتزه
المصريون يحرصون على الخروج إلى حدائق قصر المنتزه
TT

المصريون يحتفلون بـ«شم النسيم» في الحدائق والمتنزهات

المصريون يحرصون على الخروج إلى حدائق قصر المنتزه
المصريون يحرصون على الخروج إلى حدائق قصر المنتزه

في محاولة منه للهروب من ضغوط الحياة اليومية، قرر رضا عبد السميع، 48 سنة، موظف بالقطاع الحكومي في مصر، الاستمتاع بأجواء عيد شم النسيم، وتوجه بصحبة أسرته المكونة من 8 أفراد إلى حديقة الحيوان بالجيزة. وبعد مرور ساعة ونصف الساعة، على انطلاق رحلته من مدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية، (شمال شرقي القاهرة) وصل إلى بوابة الحديقة الرئيسية، ليفاجأ بزحام شديد من الزوار.
وتستقبل حديقة الحيوان بالجيزة العتيقة، عشرات الآلاف من المواطنين في يوم شم النسيم فقط، في تقليد سنوي تحرص عليه الأسر لقضاء ساعات بالحديقة، إذ تتيح إدارة الحديقة للمواطنين تناول الأسماك المملحة والمشروبات وأدوات الطعام بداخلها.
«الشرق الأوسط» تجولت داخل حديقة الحيوان بالجيزة، ورصدت الاحتفالات الفولكلورية للمصريين، في شم النسيم، التي من بينها رسم وجوه الأطفال بالألوان المائية لإدخال البهجة والسرور في نفوسهم، بجانب تلوين البيض المسلوق بأشكال متنوعة، وبيع «غزل البنات» صاحب الألوان اللافتة، وألعاب أطفال.
وفي مشهد متكرر كل عام تحظى أقفاص الحيوانات بإقبال كثيف من الصبية والشبان الذين يقومون في كثير من الأحيان بمضايقة تلك الحيوانات. يقول رضا عبد السميع لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت إسعاد أحفادي وبناتي، بأجواء شم النسيم داخل الحديقة، ورؤية الحيوانات المتنوعة، لكني فشلت في ذلك بسبب الزحام، وسأعود بهم مرة أخرى بعد عيد الفطر المقبل، لتعويض الأطفال بسبب الزحام، حيث إنهم لم يتمكنوا من رؤية حيوانات كثيرة كانوا يتمنون رؤيتها مثل الأسد والفيل والدب».
في السياق نفسه، استقبلت الحدائق والمتنزهات العامة في مختلف المحافظات المصرية أمس الاثنين، آلاف المواطنين للاحتفال بأعياد الربيع وشم النسيم. كما حظي شاطئ نهر النيل الممتد بطول مصر، بجانب فروعه والترع والرياحات الكبرى، بإقبال لافت من المواطنين المصريين.
وتوافد الشباب والأطفال والأسر بمحافظة القاهرة على كورنيش النيل والمراكب النيلة، إضافة إلى التوجه إلى حدائق مدينة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية شمال القاهرة، عبر رحلات نيلية مميزة.
وتجاوز الكثير من المصريين أمس تحذيرات وزارة الصحة المصرية من تناول الأسماك المملحة، كذلك لم تؤثر الأخبار التي نقلتها الصحف عن ضبط كميات كبيرة من الأسماك المملحة الفاسدة قبل توزيعها في الأسواق، وحرصوا على تناول الفسيخ والرنجة بالبيوت والحدائق والمتنزهات، وهو ما احتفى به الكثيرون بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي أمس عبر نشر صور أطباق الأسماك قبل تناولها.
وفي محافظات الوجه القبلي، كان نهر النيل أيضاً هو الوجهة المفضلة الأولى لكل الزائرين، ففي محافظة أسيوط، (جنوب القاهرة) شهدت الرحلات النيلية إقبالاً لافتاً من المواطنين، وقال عثمان الحسيني، مدير هيئة تنشيط السياحة بأسيوط، في بيان صحافي أمس إن «المتنزهات شهدت زحاماً شديداً، كما قامت المحافظة بتشغيل العبارات النهرية بكامل طاقتها، لاستيعاب أعداد المواطنين المقبلين على التنزه بنهر النيل». وفتحت الحدائق والمتنزهات العامة أبوابها منذ الساعة التاسعة صباحاً، وسط تشديدات أمنية مكثفة من قوات الشرطة.
وفي مدينة الإسكندرية شمالاً، انطلق «موكب الزهور» من أمام «مكتبة الإسكندرية» وحتى قلعة قايتباي الأثرية، في إطار الاحتفال بأعياد الربيع. وتضمن الموكب سيارات محملة بكافة أنواع الزهور المزينة بالألوان والبالونات وأشكال مختلفة من النباتات والأزهار بمشاركة كافة الأحياء. وشهدت شواطئ المدينة حضوراً لافتاً من المصطافين والمحتفلين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».