عودة بيكيت إلى المسرح اللبناني

أنشطة على مدار 5 أيام حول العبثية وجدوى الموت

كارول عبود في مشهد من مسرحية لبيكيت
كارول عبود في مشهد من مسرحية لبيكيت
TT

عودة بيكيت إلى المسرح اللبناني

كارول عبود في مشهد من مسرحية لبيكيت
كارول عبود في مشهد من مسرحية لبيكيت

في المكان المعروف في بيروت باسم «البيت الأصفر»، وفي الطابق الأرضي من هذا القصر القديم الذي يعود إلى الحقبة العثمانية، تحلّ نصوص صموئيل بيكيت لأربع ليال متوالية، بدءاً من الليلة (الاثنين)، في عمل مسرحي يحمل اسماً لبنانياً هو «يا ويلي النهاية». وإلى جانب المسرحية، عروض لتجهيزات، وورشة عمل، ولقاءان يجمعان ناشطين وفنانين، وتوقيع لكتاب.
مسرحية «يا ويلي النهاية» مأخوذة من أربع مسرحيات قصار لبيكيت ترجمتها إلى اللبنانية «منشورات صنوبر بيروت» تحت عناوين: «هيديك المرّة» و«مش أنا» و«فاصل دير القمر» و«ضلّك عم بتهزّيلا»، إضافة إلى نص خامس غير مسرحي للمؤلف. والعمل من إخراج هاشم عدنان، الذي يشارك في الأداء، إضافة إلى كارول عبّود، وساسين كوزلي والمترجم.
وعبر نصوص بيكيت، وطوال ساعة وثلث الساعة، يكون المتفرج أمام عمل يطرح تساؤلات حول الموت، ليس كنهاية، وإنّما كفاتحة للخلاص ومعانقة مصائر الآخرين، بحيث يدخلنا الممثلون إلى محنة تشظي الجسد المعاصر، وتحوله إلى نتف، تحت وطأة العنف والفوضى. لكنّ المخرج يرفض الحديث عن عمل سوداوي. ويقول تعليقاً: «على العكس من ذلك في نصوص بيكيت سخرية من الذات والوجود، بهذا المعنى ليس في العمل سوداوية، بل رؤية لهذا التشظّي الفردي على أنّه يعيدنا إلى شيء من اللحمة الجماعية والجانب الروحاني من الحياة». ويضيف هشام عدنان أنّ «العمل يحاول استكشاف الصوت الدّاخلي للإنسان وعلاقته مع كوابيسه وأعماقه، وقدرته على السخرية من نفسه».
المشهديات تستعين بمؤثرات مختلفة؛ تسجيلات سمعية وأفلام فيديو وموسيقى. والعمل المسرحي تجريبي بامتياز يشارك فيه فنانون، كلٌ من زاوية اختصاصه، ورؤيته الخاصة للنصوص. شارك في الإنتاج «بيت الفنان - حمانا»، و«منشورات صنوبر بيروت»، و«دواوين»، و«استديو وان هيرتز»، وذلك بالتعاون مع «هاينرش بول ستيفتانغ»، وبدعم من «الصندوق العربي للثقافة والفنون - آفاق». وقامت بالترجمة «منشورات صنوبر بيروت»، وهي تعكف على نقل بيكيت وكتاب آخرين على طريقتها إلى العربية بالفصحى، أو لغة هي خليط من اللبنانية والفصحى، وأحياناً العامية وحدها. وتصدر ترجمة كتاب جديد لصموئيل بيكيت يتم توقيعه بالمناسبة يحمل عنوان «كيف الحال»، والعنوان الأصل «كومان سي»، وكان قد صدر بالإنجليزية عام 1961.
رواد «البيت الأصفر» أو «منشن»، بدءاً من اليوم وحتى الخامس من الشهر، سيحظون بمتابعة نشاطات عدة تدور حول بيكيت والمسرحية التي هي المحور والأساس. ومن بين هذه الأنشطة، تجهيزات فنية ستحتل مختلف أنحاء البيت، إن في الطابق الأرضي أو الحديقة أو الطّابق العلوي. وهي تجهيزات تشرح مسار العمل المسرحي الجماعي، وكيف تم إنجاز التسجيلات، وصورت الأفلام، ونفذ الديكور، بحيث يحاول كل من الفنانين المشاركين، التعامل وتبعاً للزاوية التي يرى منها، مع نصوص بيكيت. والتجهيزات المعروضة بينها ما هو تشكيلي ومسموع ومرئيّ، كذلك ثمة استخدام للصور المتحرّكة والثابتة. والمعروضات هي لكل من دافيد حبشي، ورامي الصبّاغ، وسارة صحناوي، وجنى طرابلسي، وهاشم عدنان، وكونستانز فلام، ولاريسا فون بلانتا، وحسين نخّال.
هناك أيضاً، ومن ضمن الأنشطة، حلقة نقاش حول المسرح والمسار، يشارك فيها كل من أسامة حلال، وأوريليان الزوقي، وعمر أبي عازار، وحنان الحاج علي، وميسّر النقاش، وهاشم عدنان.
وهناك حلقة نقاش أخرى حول مسألة اللغة، ورغبتنا بالكتابة والقراءة بالعامية، يشارك فيها كل من سحر مندور، وجنيد سري الدين، وسوزان أبو غيدا، وآنا إيريارتي، وميسّرة النقاش، وهالة البزري.
وثمة إلى جانب المسرحية والنقاشات والتجهيزات، ورشة عمل تدور أعمالها طوال يومين، وموضوعها الترجمة وتعقيداتها والصّعوبات التي تواجه المترجم، انطلاقاً من بيكيت وليس انتهاء به.


مقالات ذات صلة

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.