أجهزة مطوَّرة لتحسين وظائف الذاكرة والتركيز والإبداع

تقنية جديدة تساعد على «الإنصات إلى الدماغ»

جهاز «أوبن بي سي آي»
جهاز «أوبن بي سي آي»
TT

أجهزة مطوَّرة لتحسين وظائف الذاكرة والتركيز والإبداع

جهاز «أوبن بي سي آي»
جهاز «أوبن بي سي آي»

هل تذكرون نظارات «غوغل»؟ أو لعلّكم تذكرون محاولة الشركة الفاشلة لدفعنا إلى تثمين التقنيات القابلة للارتداء على الرأس؟
- «إشعال» الدماغ
أخيراً، أطلقت شركتا «بلاتو ساينس» و«أوبن بي سي آي» منتجات تهدف إلى إحداث شرارة في الدماغ لـ«إشعال» نشاطه، وكذلك رسم خريطة له حسب المهمة التي يؤديها الفرد. وعندما نقول «إشعال»، نعنيها بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث إن منتجات الشركتين تعتمدان على تقنيتي «تخطيط موجات الدماغ electroencephalogram» (EEG) المتوفرة حالياً، وكذلك «التحفيز الدماغي بالتيار الكهربائي المستمر transcranial direct current stimulation» (tDCS) لتحفيز نشاط الدماغ الكهربائي ورسم خريطة له.
- تقنيات تحفيز الدماغ
وكان قد تمّ اختبار التقنية التي طوّرتها شركتا «بلاتو ساينس» و«أوبن بي سي آي» لبعض الوقت لصالح شركات ومؤسسات معنية بالشؤون الطبية في مجالي التغذية والأمراض كالاكتئاب، والقلق المرضي، والتصلّب الجانبي الضموري، وأولى مراحل الخرف. وتسعى الشركتان اليوم إلى توسيع تقنيتيهما إلى ما بعد المرحلة الاختبارية وإتاحتهما للمستهلكين.
«كيف يمكننا أنّ نتيح تقنية علوم الدماغ للجميع ونحوّلها إلى خيار استهلاكي غير محصور بالشركات التجارية فحسب؟»، شكّل هذا السؤال مجال اهتمام بالدر أونرهايم، الشريك المؤسس لشركة «بلاتو ساينس» منذ عام 2009، حيث إنه ظل يسعى لتحويل معدات مختبرية ثمنها 60000 دولار إلى خدمة استهلاكية للأفراد بثمن 450 دولاراً. تنتج شركة «بلاتو ساينس» جهاز «بلاتو وورك PlatoWork» القابل للارتداء على الرأس ومهمته تعزيز التوازن الإدراكي لتحسين وظائف الذاكرة والتركيز والإبداع.
يرى أونرهايم أنّ البشر «يميلون إلى تركيز إمكاناتهم الإدراكية في منطقة الفص الجبهي المعنية بوظائف الذاكرة. وعندما يقومون بذلك، فإنهم يحدّون من نشاط المناطق الشبكية الأصلية التي تتمّ فيها عمليات المعالجة للعقل الباطن واللا وعي. وعندما يأخذ الإنسان فترة استراحة للاستحمام، أو لممارسة الجري أو للطهي، يحرّر منطقة الفص الجبهي من التوتر، فيتعزز النشاط في الشبكات الأصلية الموجودة في خلفية الدماغ».
يحاول الدماغ البشري العمل بفعالية أكبر من خلال إرساء التوازن بين مختلف مناطقه والحفاظ على الطاقة بشكل مستمرّ. وعند القيام بمهام متعبة وصعبة كاحتساب الضرائب، يمرّ الدماغ البشري في بعض الأحيان بنوع من التدخّل تشهد فيها المنطقة الأصلية الكثير من النشاط.
ويوفر استخدام جهاز «بلاتو وورك» لمرتديه الحدّ من هذا التدخّل، فيتحوّل الجهاز إلى صوت (بالمعنى الحرفي) يُسمع في خلفية الرأس. إذ تطلق سماعة «بلاتو» للرأس عملية لتحرير التوتر عبر تحفيز ميكرو - إلكتروني لنقل نشاط أكبر من الفصّ الجبهي (المسؤول عن تصنيف الوظائف حسب أهميتها) إلى المناطق الأصلية، الأمر الذي يسهم في إرساء التوازن الإدراكي.

«راسم خريطة الدماغ»
من جهته، أسّس كونور روسومانو شركة «أوبن بي سي آي» (واجهة الدماغ الحاسوبية) عام 2013، ويعتمد جهاز هذه الشركة القابل للارتداء، على جمع البيانات ويلعب دور المنظار الذي يراقب ما يحصل داخل الدماغ بهدف «استغلال الإشارات الكهربائية في الدماغ والجسم لفهم هويتنا وتطويرها بشكل أفضل».
يعمل هذا الجهاز، وبأشكال كثيرة، على تكملة عمل جهاز «بلاتو وورك»، إذ بينما يعمل الأخير على إرساء التوازن الإدراكي، يرسم جهاز «أوبن بي سي آي» خريطة لما يحصل في الدماغ. وهكذا، يشكّل الجهازان مجتمعين دائرة تغذية استرجاعية مقفلة وينتجان البيانات البيومترية، أي القياسات البيولوجية. وكما في شركة «بلاتو ساينس»، يسعى روسومانو إلى توسيع نطاق استخدام تقنية تخطيط موجات الدماغ وإتاحتها للمستهلكين العاديين لمساعدتهم على التعامل مع حالات القلق المرضي والاكتئاب وأولى مراحل الخرف. ويتباهى روسومانو بمنتج شركته كونه جهازاً غير تدخّلي ويتصل بأجهزة الكومبيوتر أيضاً.
وتتألف قاعدة زبائن «أوبن بي سي آي» الحالية من الصناعيين والتقنيين غير الخبراء، ولكنّها أيضاً حقّقت قفزة نوعية تمثّلت بتأسيس منصة بالتعاون مع فئة من الزبائن الذين يملكون المعدات المطلوبة للعمل معها، ساهموا في بيع تقنية الشركة في نحو 80 دولة وشحن 20000 منتج.
وفي النهاية، ستسهم هاتان التقنيتان في تطوّر التعبير والإبداع الدماغي. وفي مقابلة أجريتها مع روسومانو، شرح لي أنّ «الدماغ عضو عادي، أمّا العقل فهو مجمل الأحاسيس التي تشكّل جذور المشاعر والتواصل». العقل هو النتيجة النهائية الذي تجمع ما نعرفه مع ما نشعر به. يمكننا تشبيه العقل بالمحيط من نواحٍ كثيرة، لذا يجب علينا أن نفهمه جيّداً ونعمل على تطويره لأجل خيرنا.
في ظلّ الثورة الصناعية الرابعة والمستقبل الذي ينتظر عالم العمل، لا شكّ أنّ تطوير العقل سيزداد أهمية، والسبب يعود إلى صعوبة سيطرة الإنسان على نفسه في عالم تصبح فيه التقنية أكثر انتشاراً وألفة. وبالتالي، ستوفّر هذه التقنيات وسائل بديلة لإتمام «فعل السيطرة» في المواقف التي يكون فيها الإنسان عاجزاً عن التأمّل. هذا بالإضافة إلى أنّ تعدّد المهام ليس بالأمر الممكن على الصعيد الفيزيولوجي، لأننا عندما نحاول القيام بأكثر من مهمّة في وقت واحد يضيع انتباه وتركيز دماغنا بينها، وينتهي بنا الأمر إلى الإخفاق فيها جميعها.
- مزايا أجهزة الدماغ
> فيما يلي ستتعرفون على بعض ميزات جهازي «بلاتو ساينس» و«أوبن بي سي آي»:
> يعد جهاز «بلاتو وورك» وسيلة حسيّة لإثبات عدم إتمام دماغنا للمهام التي نحتاج إليه فيها في معظم الأحيان. تعمل هذه التقنيات على لفت انتباهنا بطريقة سلسة للتوقف عن المماطلة وإتمام المهام المطلوبة منّا من خلال الحفاظ على الوضح العقلي الصحيح.
> إنّ الطريقة الوحيدة التي تتيح لنا الإنصات إلى دماغنا هي الانتباه إلى سلوكنا. تعمل شركة «أوبن بي سي آي» على تزويدنا بالبيانات وتحفيزنا على مراقبة سلوكنا والاستماع إلى دماغنا بشكل مباشر.
> إنّ هذه التضمينات الإلكترونية قادرة على الحلول مكان المواد الكيميائية والأدوية المستخدمة للتعامل مع مشكلات كالاكتئاب. وفي حديثه عن السياق الثقافي لتبنّي هذه الأجهزة، اعتبر روسومانو أنّ «أوروبا أكثر انفتاحاً على الأبحاث المتعلّقة بالتضمين الإلكتروني، في حين تقاوم الولايات المتحدة هذا الانفتاح بسبب مخاوف من احتمالات الصعق الكهربائي وتأثيرات أخرى غير معروفة، على الرغم من أنّها لا تمانع استخدام الأدوية المخدّرة».
يبدي الأميركيون عامة تقاعساً في تبني التقنية التي تتفاعل مع الجسم البشري، ويميل المستهلكون إلى حقن أجسادهم بالمواد الكيميائية على شكل حبوب وأدوية رغم التحذيرات من احتمال تسببها في نوبات مَرضية وحالات وفاة، وهم يفضلونها على تجربة تقنية تخطيط الموجات الدماغية التي تحفّز نشاط نقاط الاشتباك العصبية في الدماغ.

- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً