«اجتماع آستانة» يفشل في تجاوز استحقاق تشكيل «الدستورية السورية»

روسيا وإيران وتركيا اتفقت على ضم لبنان والعراق وإطلاق «خطوات مشتركة» في إدلب

الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)
الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)
TT

«اجتماع آستانة» يفشل في تجاوز استحقاق تشكيل «الدستورية السورية»

الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)
الجلسة الختامية لاجتماع آستانة أمس (رويترز)

لم تسفر نتائج جولة محادثات ضامني «مسار آستانة» التي اختتمت، أمس، في عاصمة كازاخستان، نور سلطان، عن تحقيق تقدُّم في الملف الأساسي الذي عولت موسكو وشريكاها التركي والإيراني على إنجاز اختراق مهم فيه، إذ اضطر المنظمون إلى الإعلان عن الفشل في تقريب وجهات النظر حول تشكيلة اللجنة الدستورية ليبقى الخلاف قائماً حول ستة أسماء في لائحة المجتمع المدني.
وأعلنت البلدان الضامنة وقف النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) مواصلة الحوارات من أجل تذليل النقاط الخلافية، وأكدت في بيان ختامي التزامها بعملية سياسية يقودها السوريون، وقالت إنها اتفقت على خطوات محددة لتحسين الوضع في إدلب. وجددت التزامها بـ«مسار آستانة» معلنةً ضمّ العراق ولبنان إلى البلدان المشاركة في الحوارات.
وجاء في البيان أن الأطراف المشاركة «أكدت مجدداً التزامها بالمضي قدماً في العملية السياسية التي يقودها السوريون وتشرف عليها الأمم المتحدة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن (2254)».
وزاد أن المجتمعين سيعملون على «تسريع العمل لإطلاق اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن بما يتماشى مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وقرروا عقد الجولة التالية من المشاورات (المتعلقة بإنشاء اللجنة) في جنيف وأكدوا استعدادهم التام للمساهمة في جهود المبعوث الخاص، بما في ذلك الحوار الفعال مع الأطراف السورية».
وأعلن مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أن «نقاطاً عدة ما زالت غامضة» أسفرت عن إبطاء إنشاء اللجنة الدستورية، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وأفاد لافرنتييف لاحقاً بأن «الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة والجهات الداعمة للطرفين يمكن أن تتفق على تشكيل لجنة دستورية في الشهور المقبلة». وأوضح أن دبلوماسيين من روسيا وإيران وتركيا سيجتمعون مع مفاوضين من الأمم المتحدة في جنيف لمناقشة الأمر مجدداً، مضيفاً أن المسألة «في طورها النهائي».
وأضاف لافرنتييف: «لم نتفق على التوقيت بعد، ونأخذ في الاعتبار شهر رمضان المقبل، من المرجح جداً أن يحدث ذلك بعده، لكنني أعتقد أنه بحلول هذا الوقت سيكون باستطاعة السيد بيدرسن (مبعوث الأمم المتحدة) إعلان تشكيل اللجنة».
وقال إنه من بين الملفات التي طُرِحت للبحث «مسائل عودة اللاجئين إلى سوريا، وإعادة إعمار البلاد، بعد النزاع وتقديم المساعدة للشعب السوري في إعادة الإعمار». وأشار لافرنتييف إلى أن العمل على تشكيل اللجنة الدستورية مستمر، وستجري غداً مشاورات في إطار ثلاثي مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، وسيهدف العمل إلى الاتفاق على مختلف النقاط المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية.
وأضاف أن «بعض النقاط لا تزال غير واضحة في هذه الطريق الصعبة إلى تشكيل اللجنة»، لكن هذه العملية تمضي قدماً إلى الأمام، مؤكداً أن جميع الأطراف المشاركة في «عملية آستانة» تبذل كل ما في وسعها للمساهمة في إحراز التقدم في التسوية السورية.
وأعرب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن بدوره عن أمله باستمرار التقدم في عملية تشكيل اللجنة الدستورية السورية. ووصف بيدرسن المشاورات التي أجراها مع أطراف «عملية آستانة»، بما فيها الحكومة السورية بـ«الجيدة جداً». وأعرب عن أمله في استمرار هذه المناقشات وعقد لقاء مع الأطراف السورية في جنيف قريباً.
وبشأن سير عملية تشكيل اللجنة الدستورية السورية، قال بيدرسن: «لا نزال قيد المناقشة، سواء فيما يتعلق بالأسماء أو ما نسميه القواعد الإجرائية أو المرجعيات. وآمل بأننا سنستمر في التقدم بهذا الملف أيضاً».
وأشار إلى أن «هناك حاجة لإعادة بناء الثقة في المجتمع السوري».
وأوضح أنه «يجب أن نسير خطوة تلو أخرى، ويجب أن نجد سبيلاً لكي نتفق على تشكيلة اللجنة الدستورية ومن ثم نبحث في كيفية بدء عملها».
لكن بيدرسن أكد في الوقت ذاته أنه «من الصعب القول إننا أصبحنا قريبين من الحل، ولكن المهم هو أن نصل إلى اتفاق ونرغب برؤية أفق لبداية بناء السلام في سوريا».
وأوضح رئيس وفد المعارضة المسلحة إلى محادثات آستانة، أحمد طعمة، جوانب من الخلاف على ملف اللجنة الدستورية. ووصفه بأنه «كان الأهم في جولة المحادثات»، وقال إن الأسماء المختلَف حولها تقريباً تم الاتفاق عليها.
وزاد طعمة: «هناك موضوعان مهمان جداً يتعلقان باللجنة الدستورية؛ الشق الأول يتعلق بالانتهاء من وضع الأسماء، فمنذ المرة الماضية تم الاتفاق على 144 اسماً، ولم يبقَ خلاف إلا على ستة أسماء، والأسماء الستة الآن تقريباً تم الاتفاق عليها، والنقطة الثانية النقاش حول القواعد الإجرائية، المتعلقة برئاسة اللجنة، كيف سيتم اتخاذ القرار فيها وكيف يتم تداول الموضوعات، وكيف سيتم التصويت وآلية العمل، هاتان النقطتان مطروحتان للوصول إلى الخيار النهائي فيهما».
واغتنمت إيران وروسيا وتركيا مناسبة عقد اللقاء في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان لتجديد رفضها لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة.
وقد أدانت الدول الثلاث في البيان المشترك الخطوة الأميركية، وقالت إنها تشكّل «انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، خصوصاً قرار مجلس الأمن (497)، ويهدّد السلام والأمن في الشرق الأوسط». وأضاف البيان أنه ستتم دعوة العراق ولبنان للمشاركة في المحادثات المقبلة حول سوريا في كازاخستان في يوليو (تموز) المقبل. وتشارك الأمم المتحدة والأردن في المحادثات بصفة مراقب.
وناقشت الأطراف في جولات الحوار التي انعقدت على مستويات ثنائية وثلاثية، الوضع في إدلب، على خلفية فشل تنفيذ اتفاق إنشاء المنطقة منزوعة السلاح. واتفقت البلدان الضامنة، وفقاً للبيان، على «اتخاذ تدابير لخفض الانتهاكات في منطقة إدلب السورية».
ومن دون أن يحدد التدابير، لفت البيان المشترك إلى «إجراءات محددة لخفض عدد انتهاكات وقف النار في منطقة خفض التصعيد في إدلب». وأعلن رئيس الوفد الإيراني، علي أصغر خاجي، أن المفاوضات حول سوريا ستستمر حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية.
في حين أكد لافرنتييف أن مسألة إدلب «لا تزال على جدول الأعمال». وقال إن هذه المسألة «تناقش على جميع المستويات خلال المشاورات مع جميع الوفود، نظراً للوضع الصعب في محافظة إدلب، حيث تسيطر جماعة (هيئة تحرير الشام) الإرهابية على 90 في المائة من الأراضي».
وأكد أنه لا يمكن أن يكون هناك أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع الإرهابيين، ولكن في الوقت ذاته هناك أيضاً «عدد كبير من الجماعات المسلحة المعتدلة وعدد كبير من المدنيين».
وشدد على أن الحفاظ على حياة المدنيين يُعتبر أولوية، ومن هذا المنطلق يتم التخطيط لكل العمليات في إدلب. وأضاف أن «الغارات الجوية على محافظة إدلب تُنفّذ لغرض القضاء على الجماعات الإرهابية حصراً، وتستهدف المتطرفين والإرهابيين الذين تحصنوا هناك».
واتفقت الدول الضامنة على مواصلة المشاورات حول شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى أن ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة لن يتحقق إلا على أساس احترام سيادة البلد ووحدة أراضيه.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».