مسلمو سريلانكا يصلّون الجمعة داعين إلى السلام

العثور على أحزمة ناسفة ومتفجرات خلال عملية دهم... وأجهزة الأمن تلاحق «140 داعشياً»

جنود سريلانكيون خلال قيامهم بدوريات في العاصمة كولومبو أمس (أ.ب)
جنود سريلانكيون خلال قيامهم بدوريات في العاصمة كولومبو أمس (أ.ب)
TT

مسلمو سريلانكا يصلّون الجمعة داعين إلى السلام

جنود سريلانكيون خلال قيامهم بدوريات في العاصمة كولومبو أمس (أ.ب)
جنود سريلانكيون خلال قيامهم بدوريات في العاصمة كولومبو أمس (أ.ب)

أكد الرئيس السريلانكي، مايثريبالا سيريسينا، أمس الجمعة، أن زهران هاشم، الذي يوصف بأنه زعيم المجموعة التي نفّذت الهجمات الإرهابية ضد كنائس وفنادق خلال احتفالات عيد الفصح، الأحد الماضي، قُتل بالفعل في واحدة من هذه الهجمات الانتحارية التي سقط فيها 253 قتيلاً. وفي وقت أفيد بأن أجهزة الأمن تلاحق نحو 140 شخصاً يُشتبه في ارتباطهم بتنظيم داعش الذي تبنى الاعتداءات، تحدى مسلمون تحذيرات بضرورة الابتعاد عن المساجد وصلّوا صلاة الجمعة داعين إلى السلام، رغم مخاوف من حصول اعتداءات انتقامية تستهدفهم.
وذكرت وكالة «رويترز» أنه عندما انطلق الأذان لصلاة الجمعة وتردد صداه في شوارع كولومبو الحزينة، رأى جموع المصلين المتوجهين إلى المسجد ذي القبة الذهبية في عاصمة سريلانكا ما لم يروه من قبل. فقد انتشر جنود مسلحون بالبنادق الهجومية خارج المسجد لحمايته. وشددت السلطات إجراءات الأمن في المدينة الساحلية منذ وقعت سلسلة التفجيرات الانتحارية المنسقة التي استهدفت كنائس وفنادق فاخرة في عيد الفصح يوم الأحد. ونُشر نحو عشرة آلاف جندي لتنفيذ عمليات تفتيش وتأمين دور العبادة.
ولفتت «رويترز» إلى أن المخاوف من اندلاع أعمال عنف طائفية بهدف الانتقام تسببت في السابق في نزوح مسلمين عن ديارهم. لكن مئات المسلمين تحدوا أمس مناشدات الحكومة لهم بأن يلزموا ديارهم وتوجهوا إلى مسجد كولومبو الموجود بين شوارع جانبية، قائلين إنهم يوجهون دعوة عبر صلاتهم إلى أتباع جميع الديانات للمساعدة في عودة السلام إلى سريلانكا.
ومزقت تفجيرات يوم الأحد الهدوء النسبي الذي تعيش فيه سريلانكا التي تسكنها أغلبية بوذية منذ انتهاء حرب أهلية ضد الانفصاليين التاميل الذين غلب عليهم الهندوس قبل عشر سنوات. وعدد سكان سريلانكا 22 مليون نسمة بينهم أقليات مسلمة ومسيحية وهندوسية. ويعيش المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب في سلام في سريلانكا رغم التوترات الطائفية في كثير من بقاع العالم.
وعلى صعيد التحقيقات، أكدت الشرطة السريلانكية، الجمعة، حدوث تبادل لإطلاق النار بين قوات الأمن ومجموعة من المسلحين خلال عملية بحث بمدينة سامانتوراي التي تبعد أكثر من 200 كلم من العاصمة كولومبو. وقالت الشرطة إنها عثرت على أحزمة ناسفة ومتفجرات خلال المداهمة، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وقال الرئيس سيريسينا للصحافيين، أمس، إن بعض الشبان السريلانكيين كانوا على صلة بتنظيم داعش منذ عام 2013، وأضاف أن المعلومات التي تم الكشف عنها حتى الآن تشير إلى وجود 140 شخصاً في سريلانكا متورطين في أنشطة تنظيم داعش. وتابع: «تسعى الشرطة إلى القبض عليهم».
وتركز السلطات في تحقيقاتها على الصلات الدولية لجماعتين إسلاميتين محليتين هما «جماعة التوحيد الوطنية» و«جمعية ملة إبراهيم» اللتان تعتقد السلطات أنهما نفذتا الهجوم. وأقر مسؤولون في الحكومة بوجود ثغرة كبيرة تتمثل في عدم تبادل المعلومات التي أرسلتها المخابرات الهندية للتحذير من الهجمات قبل وقوعها.
وقال الرئيس سيريسينا إن كبار قيادات الدفاع والشرطة لم يبلغوه بمعلومات أشارت إلى احتمال وقوع هجمات وشيكة. واستقال وزير الدفاع هيماسيري فرناندو بسبب الفشل في منع التفجيرات. وذكر سيريسينا أن رئيس الشرطة أعلن أيضاً أنه سيستقيل. وألقى الرئيس السريلانكي باللوم كذلك على حكومة رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ في إضعاف نظام المخابرات بالتركيز على مقاضاة عسكريين فيما يتعلق بمزاعم ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأهلية التي استمرت عشر سنوات مع الانفصاليين التاميل وانتهت عام 2009.
في غضون ذلك، أشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن المتطرف زهران هاشم الذي يُعتبر قائد المجموعة التي نفّذت هجمات عيد الفصح، كان منذ فترة طويلة يثير قلقاً في مدينته الساحلية الهادئة كاتانكودي. وأكد الرئيس السريلانكي، أمس، أن زهران هاشم كان واحداً من الانتحاريين التسعة الذين نفذوا الهجمات.
وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن هاشم الذي يتزعم «جماعة التوحيد الوطنية» ويبلغ 40 عاماً، طُرد من مدرسة لتعليم القرآن الكريم عندما كان في سن المراهقة. ويتذكر محمد بخاري محمد فهيم رئيس «جمعية الفلاح» وكان يدرس في المعهد نفسه مع هاشم ولكن في صف أدنى: «كانت المرة الأولى التي يطرد فيها طالب بسبب تطرفه». وأضاف فهيم للوكالة الفرنسية: «عندما وصل إلى هنا في سن الثانية عشرة، كان ذكياً جداً ومثابراً ويطرح الكثير من الأسئلة. كان يتمتع بشعبية كبيرة واجتماعياً جداً». لكن الشاب تغيّر، بحسب فهيم، نتيجة تأثره بكتب وتسجيلات تدعو إلى «التطرف». وقد اشتكى أولياء طلاب آخرون من أنه حاول التأثير على أولادهم. وطلبت منه المدرسة أن يرحل.
وبعد سنوات عاد إلى كاتانكودي، حيث شكل «جماعة التوحيد الوطنية» وشارك مع رفاق سابقين في بناء مسجد يمكنه إلقاء خطبه النارية فيه. وقد لفت هاشم نظر الشرطة قبل ثلاث سنوات عندما شهر سيفاً خلال صدامات مع جماعة إسلامية أخرى، بحسب مسؤول إسلامي. وبعد التضييق على «جماعة التوحيد»، لجأ إلى العمل السري مع أنصاره وشكل فصيلاً منشقاً.
وقبيل هجمات عيد الفصح، نقلت الهند معلومات محددة إلى سريلانكا حول احتمال وقوع هجمات إرهابية بعدما صادرت خلال عمليات دهم مواد «تنطوي على تهديدات» لتنظيم داعش. وذكرت صحف هندية أن زهران هاشم ظهر على تسجيلات فيديو اكتشفت نيودلهي وجودها.
وفي إطار آخر، أعلنت وزارة المال في سريلانكا أن اعتداءات أحد الفصح قد تكلّف القطاع السياحي في البلاد خسائر قد تصل إلى 1.5 مليار دولار هذا العام. وقال وزير المال مانغالا ساماراويرا في مؤتمر صحافي إن «السياحة ستكون (القطاع الاقتصادي) الأكثر تضرراً»، مضيفا: «نتوقع انخفاضاً بنسبة 30 في المائة للوافدين، وهذا يساوي خسائر بنحو 1.5 مليار دولار».
وعرفت جزيرة سريلانكا الواقعة في جنوب آسيا المشهورة بشواطئها وطبيعتها الخضراء عاماً قياسياً للسياحة في 2018 مع وفود 2.33 مليون سائح إليها. وكانت تأمل في تحقيق أرباح من هذا القطاع بقيمة 5 مليارات في 2019 مقابل 4.4 مليار في 2018.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».