في تقرير وصف بأنه غير مسبوق في حدته، حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من تبعات الأزمة الاقتصادية الخطيرة في المناطق الفلسطينية، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية. وقال إنه في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة فإن هذه الأزمة ستتفاقم إلى عنف كبير يهدد استقرار منطقة الشرق الأوسط، ويهدد وجود السلطة الفلسطينية وجهود بناء الدولة الفلسطينية.
وقد جاءت تحذيرات ملادينوف، في تقرير أعده طاقم مكتبه ورفعه إلى كل من منظمة الأمم المتحدة واليونيسكو ولجنة التنسيق الدولية لعملية السام في بروكسل، نهاية الأسبوع. وقال فيه إن «الشعب الفلسطيني لا يزال يواجه تحديات لا مثيل لها في السابق». وأكد التقرير أنه على الرغم من التهدئة بين إسرائيل وحماس فإن الوضع في قطاع غزة لم يتحسن بعد. وبالمقابل فإن الوضع في الضفة الغربية يزداد سوءا وهناك أزمة مالية كبرى ترافقها زيادة الاحتياجات الإنسانية وغياب آفاق سياسية للتسوية على أساس التفاوض، محذرا من أن ذلك «يهدد استقرار الضفة الغربية ومساعي بناء الدولة الفلسطينية عموما وقد يؤدي إلى صدامات تهدد استقرار المنطقة برمتها». وقدّم التقرير صورة مفصلة للمشاكل «غير المسبوقة» التي تواجهها السلطة الفلسطينية، بما فيها مواصلة إسرائيل احتلالها، وتوسيع رقعة استيطانها وهدم المنازل، وعدم التواصل الجغرافي لأراضي الضفة وغياب العدالة وزيادة حاجة الفلسطينيين إلى الحماية وعنف قوات الاحتلال الإسرائيلي وتقليص الدعم المالي لهم.
وأعرب التقرير الأممي عن قلق المنظمة العالمية الخاص إزاء قرار إسرائيل تقليص أموال المقاصة (أموال الجمارك والضرائب التي تحصلها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية مقابل عمولة)، والرد الفلسطيني القاضي برفض تلقي هذه الأموال إطلاقا، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية خسرت نتيجة لذلك نحو 65 في المائة من مداخيلها وأجبرت على اتخاذ إجراءات تقشفية. وحذر التقرير من أن هذه المشكلة ما لم تُحل تهدد باحتدام أزمة ستستغرق تسويتها سنين طويلة، مناشدا الطرفين التعامل مع الموضوع بصورة بناءة والعودة إلى التعاون كامل النطاق بموجب اتفاقية باريس عام 1994. وفيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، قال التقرير إن هناك عدة خطوات اتخذتها الأمم المتحدة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، لتطبيق المشاريع الاقتصادية والإنسانية هناك، بما في ذلك زيادة إمداد القطاع بالطاقة الكهربائية ضعفين تقريبا، وخلق آلاف الوظائف المؤقتة، وتقديم مساعدات طبية عاجلة. وأضاف أن التعامل مع المشاكل الإنسانية والاقتصادية هناك لا يتطلب التمويل من قبل المانحين وتنفيذ المشاريع فحسب، بل وقرارات سياسية شجاعة من قبل جميع الأطراف، مشددا على أن استمرار إسرائيل في محاصرة القطاع، بالتزامن مع الانقسام بين الفلسطينيين، أدى إلى الانهيار الإداري في غزة وزيادة مخاطر اندلاع حرب.
وجدد التقرير التزام الأمم المتحدة الثابت بمواصلة العمل مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي بغية إيجاد حل للأزمة المالية القائمة بصورة عاجلة، مشيرا إلى أن الخطوات المنصوص عليها في الوثيقة ما هي إلا تخفيف مؤقت، في غياب الإجراءات التحويلية الفاعلة بهدف تحسين الوضع المتدهور على الأرض.
من جهة ثانية، وجه مسؤولون في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير في الأمم المتحدة انتقادات لإسرائيل بسبب قرارها سحب التصريح من ممثل منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، عمر شاكر، الذي يخوله المكوث في البلاد، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67. ووقع على البيان، الذي نشرته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كل من المسؤول عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، مايكل لينك، والمسؤول عن المدافعين عن حقوق الإنسان، مايكل فورست، والمسؤول عن حرية التعبير، ديفيد كاي. وكتب ثلاثتهم أن قرار إسرائيل سحب تصريح شاكر يهدد البحث وحرية التعبير للجميع، ويعكس معارضة مقلقة للحوار المفتوح، واعتبروا القرار تراجعا بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67. وقالوا أيضا إنه يبدو أن سبب سحب التصريح هو لكون عمل شاكر يرتبط بشكل مباشر بنشاطه في مجال حقوق الإنسان، وإنه لا علاقة لذلك بنشاط غير قانوني.
ودعا ثلاثتهم إسرائيل إلى تغيير القرار، والسماح له بمواصلة العمل في مجال حقوق الإنسان من دون أي إزعاج، وأن تتقيد إسرائيل بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان في إطار تعاملها مع منظمات فلسطينية وإسرائيلية ودولية. بحسبهم.
وكانت المحكمة المركزية في القدس قد رفضت، الأسبوع الماضي، التماسا تقدم به عمر شاكر ضد القرار، بسبب اتهامه بدعم مقاطعة إسرائيل.
ملادينوف يحذر من خطر انهيار السلطة الفلسطينية
الأمم المتحدة تطالب إسرائيل بإلغاء قرارها طرد المفوض الحقوقي
ملادينوف يحذر من خطر انهيار السلطة الفلسطينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة