«النجمة الذهبية»... أقدم مكتبة في الجزائر

ألبير كامو كان أحد أبرز روادها

مكتبة «النجمة الذهبية» في الجزائر
مكتبة «النجمة الذهبية» في الجزائر
TT

«النجمة الذهبية»... أقدم مكتبة في الجزائر

مكتبة «النجمة الذهبية» في الجزائر
مكتبة «النجمة الذهبية» في الجزائر

تعد «النجمة الذهبية» أقدم مكتبة لبيع الكتب في الجزائر، إذ يعود إنشاؤها إلى أربعينات القرن الماضي، حين كانت تمتلكها سيدة فرنسية، عمل معها آنذاك اليافع مولود شكري، وعمره لا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، وكان شغوفاً بقراءة الكتب التي تشتريها المكتبة، فأصبح قادراً على تقديم النصح لمرتادي المكتبة والحديث معهم عما تتناوله تلك الكتب، فهو كان قارئاً مواظباً لكل جديد من كتب مكتبة «النجمة الذهبية - L'étoile d'or - ليتوال دور».
في عام 1950، انتقلت صاحبتها إلى فرنسا لتعيش في مدينة نيس، وتركت المكتبة في عهدة مولود شكري، وكانت تأتي مرة في العام لتطمئن على سير العمل، وبعد الاستقلال بسنوات قليلة وهبتها له، ليصبح مولود شكري المالك الجديد لمكتبة «النجمة الذهبية». وحافظ شكري على اسم المكتبة، ومارس عمله المعتاد ببيع الكتب القديمة أو استبدالها أو إعارتها للقراء مقابل مبلغ زهيد.
تقع «النجمة الذهبية» في شارع ديدوش مراد، وسط العاصمة الجزائرية؛ حيث ما زالت إلى اليوم متلألئة في سماء الثقافة الجزائرية.
صمدت «النجمة الذهبية» في وجه الطامعين للسطو على مقرها وتحويله إلى متجر للأطعمة السريعة أو أنشطة تجارية أخرى تدر أرباحاً طائلة. فتعرض الثمانيني «عمي مولود» كما يناديه أهل الحي، إلى اعتداء بالضرب المبرح على أيدي شباب ملثمين لإرغامه على بيع أو تأجير المحل، فلم يثنِه هذا الاعتداء عن ثباته، لأنه كان يعتبر نفسه حاملاً لرسالة ثقافية لا تقدر بالمال.
توفي «عمي مولود»، في سبتمبر (أيلول) 2016 بعد 68 عاماً في صحبة الكتب القديمة، وسط حزن كبير في أوساط المثقفين وجيرانه بحي ديدوش مراد.
لم يقصر وريثه وابنه كمال في حفظ الأمانة ومتابعة نشاط والده، وبقيت «النجمة الذهبية» لؤلؤة شارع ديدوش مراد، تستقبل روادها كعادتها، يدخلونها مارّين بأكداس الكتب القديمة المنضّدة بأناقة، والمبوبة باحترافية عالية، أورثها المرحوم مولود شكري لابنه كمال.
مساحة «النجمة الذهبية» لا تزيد عن «18» متراً مربعاً، ورغم ضيق المكان ترتصف الكتب بأناقة بالغة على رفوف نظيفة من الأرض إلى السقف، تعبق برائحة الورق القديم، وفي ثناياه معارف وعلوم تعتبر كنوزاً، تخلى عنها أصحابها لأسباب مختلفة.
رفوف المكتبة منسقة حسب الموضوعات؛ فلسفية، اجتماعية، اقتصادية، فنية... وغيرها. والكتب الأدبية صنفها وفق الأجناس الأدبية من رواية، شعر، قصة، نقد، دراسات أدبية، وهكذا، وأيضاً وضع الكتب الفرنسية في رواق، والكتب باللغة العربية في رواق آخر، مجرد أن يسأل الزائر العاملين بالمكتبة عن كتاب يوجهونه إلى الرفوف المناسبة ليختار ما يريده من الكتب المعروضة.
عرفت «النجمة الذهبية» رواداً متميزين من كبار الكُتاب الفرنسيين إبان الاستعمار الفرنسي، من بينهم ألبير كامو، كان أحد أبرز رواد «النجمة الذهبية» الذي أصبح لاحقاً روائياً شهيراً وفيلسوفاً، حصل على جائزة نوبل. ومن رواد «النجمة الذهبية» من الأدباء الجزائريين أيضاً مولود فرعون، آسيا جبار، مالك حداد، ومن الفرنسيين إمانويل روبلاس، جورج آرنو، إدمون شارلو، شارل بروني.
مولود شكري عاش مع الكتاب زهاء 68 عاماً، فهذه العشرة الطويلة جعلته يتقن مهنة المكتبي باحترافية، ليس بيع وشراء الكتب، بل أتقن ترميمها، وصيانة الكتب الجيدة، وتعوّد على تنظيف الكتب المعروضة من الغبار، لأن الغبار العدو الأول للكتاب، فقد تعلم من «المعلمة الفرنسية» فن المحافظة على الكتب القديمة، وتمديد حياتها ببيعها للقراء، كأنه يرعى أبناءه.
في الذكرى الأولى لوفاة «عمي مولود»، أعلنت «النجمة الذهبية» عن تخفيضات لأسعار الكتب بأسعار رمزية، وفاء لروح والده المكتبي، كما قال ابنه كمال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، وتحدث عن زيارة عمدة بلدية باريس للمكتبة في الثمانينات، الذي قال لوالده: «سمعت بهذه المكتبة، وأنا في باريس، فقد ذاع صيتها، فلا تغير مهنتك». وأضاف كمال: «أخذ والدي بالنصيحة، وأورثني تلك المهنة، فلن أغير نشاط المحل، ستبقى مكتبة (النجمة الذهبية) أحد أبرز معالم ديدوش مراد الثقافية».


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.