«لجنة المتابعة لمؤتمرات الأزهر في لبنان» ترفض إشعال الحروب باسم الدين

اعتبرت «وثيقة الأخوة الإنسانية» خطة طريق للمستقبل

من لقاء البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في الإمارات في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
من لقاء البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في الإمارات في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
TT

«لجنة المتابعة لمؤتمرات الأزهر في لبنان» ترفض إشعال الحروب باسم الدين

من لقاء البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في الإمارات في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
من لقاء البابا فرنسيس وشيخ الأزهر في الإمارات في فبراير الماضي (إ.ب.أ)

اعتبرت «لجنة المتابعة لمؤتمرات الأزهر في لبنان» أن «وثيقة الأخوة الإنسانية»، الصادرة عن البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيّب في 4 فبراير (شباط) الماضي في دولة الإمارات العربية المتحدة، تتميز عن الوثائق السابقة منذ خمسينات القرن الماضي حول الحوار بين الأديان والعلاقات الإسلامية المسيحية والتسامح والتعددية والقيم المشتركة، بكونها ترقى بأهميتها إلى مصاف شرعة حقوق الإنسان الصادرة في عام 1948، وذلك بشأن الأديان وإسهامها في الحضارة الإنسانية والأخوة والسلام العالمي في القرن الحادي والعشرين.
وأعلن سياسيون ومثقفون وحقوقيون لبنانيون، مسلمون ومسيحيون، عن تأسيس «لجنة المتابعة لمؤتمرات الأزهر في لبنان»، ويتصدرهم رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والوزير الأسبق طارق متري والدكتور رضوان السيد والأستاذ محمد السماك والدكتور أنطوان مسرة وغيرهم. وفي رسالة وجهت للبابا فرنسيس وشيخ الأزهر، قالوا «نحن - اللبنانيين المسيحيين والمسلمين - نودُّ باسم لجنة المتابعة التي أنشأناها لإنفاذ مقررات مؤتمرات الأزهر، أن نقدّر للبابا وشيخ الأزهر الإرادة الطيبة، والجهد الكبير الذي بُذل، وهذا المستوى العالي للوثيقة والذي يفتح آفاقاً شاسعة للأديان وإسهاماتها في أُخوة بني البشر». واعتبرت اللجنة «أنها فرصة لنا مسلمين ومسيحيين وعرباً في الإصغاء والمتابعة والسعي للاسترشاد بوثيقة هذين الإنسانين الكبيرين في التفكير والتدبير».
ورأت اللجنة أنه فيما يخص «شرعة حقوق الإنسان حول الحضارة والإيمان والأخوة والسلام العالمي»، أن هذه الوثيقة تعتبر أساسية وتأسيسية لمرحلة حضاريّة جديدة أصيلة ومُتجددة لثلاثة أسباب على الأقل، أولها خطر تحول الأديان إلى آيديولوجيات في التعبئة النزاعية، إذ وبعد تراجع آيديولوجيات الرأسمالية والشيوعية والاشتراكية وغيرها، نشهد ظهور ما يدعى «الأديان السياسية». وقالت إنه «يستعمل تحوير الأديان هذا في التعبئة النزاعية لتصبح وقودا لإشعال حروب باسم الدين».
واعتبرت اللجنة أن الوثيقة هي «مدخل لمنهجية مُتجددة وأصيلة تصدر في مطلع القرن الحادي والعشرين وذلك في ثلاثة أمور على الأقل، مراجعة مصطلحات الماضي، واعتماد درجة قصوى من الوعي، ومنهجية جديدة لدى أرباب اللاهوت والفقه ورجال الدين والمؤمنين والفاعلين الاجتماعيين لوقف حالات المخادعة والنفاق، وفي سبيل مقاربة مجدِّدة وأصيلة لشؤون الحضارة والإيمان والأخوة والسلام العالمي».
وأكدت اللجنة أن الوثيقة «تغوص في الإيمان الذي يخاطب ويحاكي القلوب والوجدان»، مشددة على أن «الوثيقة تدعونا إلى اللقاء في رِحاب إيمان التواصل والمودة وأخوة القيم والعيش وإنسانية الإنسان».
وأضافت اللجنة: «الوثيقة تطرح أساسات صلبة لشرعة حقوق إنسان القرن الحادي والعشرين إذ تكمّل وثيقة حقوق الإنسان الصادرة سنة 1948 فيما يتعلق بالقضايا المتصلة بمفهوم الإنسان، والحضارة، والأديان، والسلام العالمي، والأخوة بين البشر». ولفتت إلى «أنها بذلك تصبح دليلاً للأجيال القادمة، على الأقل في أربعة جوانب: الإيمان لدى كل الشعوب في أبعاده الروحية ومنابعه. وهو الذي يجمع ولا يفرّق، ويبعث على المبادرة من أجل الخير الشامل، والتعارف وليس التحارب باسم الدين، والأخوة بين البشر، ومبدأ قبول الآخر أخاً في الإنسانيّة الواحدة رغم اختلاف الانتماء الديني والمعتقد الإيماني، والحضارة وحماية مكتسباتها».
وشددت اللجنة على أن «الإسلام ليس آيديولوجيا إسلاموية هدفها إثارة النزاعات». ورأت أن ابتعاد مجتمعات غربية عن تراثها المسيحي «يوشك أن ينشئ فراغا قيميا لدى الجيل الجديد تُسارع في ملئه تيارات سلطوية وأخرى عدميّة إرهابية ذات أبعاد عرقيّة وعنصرية تقول بتفوق الرجل الأبيض وترفض قبول الآخر وتعمل على القطيعة مع المختلفين ولا تتردد في قتلهم أيضاً».
واعتبرت اللجنة أن الوثيقة هي «مسار متجدد وأصيل في المصطلحات والتطبيق»، قائلة إن وثيقة الأخوة الإنسانية الصادرة بدولة الإمارات «تحمل على المقاربة المثالية اليوتوبية للسياسة في علاقتها بالدين. الشريعة في كل الأديان هي مصدر قيمي للتشريع». وأكدت أن «وثيقة الأخوة الإنسانية» هي صفحة جديدة، أساسية وتأسيسية، للسلام بين الشعوب في مطلع القرن الحادي والعشرين حيث يُقتل الإنسان باسم الله. وحيث تُستغل الأديان من قبل «منافقين»، و«مفسدين في الأرض».
وأكدت أن «التطرف العنيف والإرهاب لا دين لهما، ولا إيمان بأي قيمة دينية أو أخلاقية أو سياسية. وإنما يؤكدان الحاجة إلى وثيقة بهذا السمو والتجاوُزّ، لإخراج المسيحية والإسلام من سوء الاستخدام، وصنع المناعة الضرورية، للدينين الكبيرين، ولبني الإنسان».


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.