مسرحية «مسيو بشارة» في بيروت... لوحات فنية تسخر من الأحكام المسبقة

يلعب بطولة مسرحية «مسيو بشارة» عدد من الممثلين اللبنانيين بينهم أنطوان بلابان
يلعب بطولة مسرحية «مسيو بشارة» عدد من الممثلين اللبنانيين بينهم أنطوان بلابان
TT

مسرحية «مسيو بشارة» في بيروت... لوحات فنية تسخر من الأحكام المسبقة

يلعب بطولة مسرحية «مسيو بشارة» عدد من الممثلين اللبنانيين بينهم أنطوان بلابان
يلعب بطولة مسرحية «مسيو بشارة» عدد من الممثلين اللبنانيين بينهم أنطوان بلابان

تنطلق، اليوم، رسمياً عروض مسرحية «مسيو بشارة» على مسرح مونو في الأشرفية. ويشارك في هذه المسرحية التي يوقّع إخراجها لينا أبيض، عدد من الممثلين اللبنانيين بينهم المخرجة نفسها وأنطوان بلابان وجوزيان بولس وجورج دياب وبشارة عطا الله وغيرهم. أمّا بطلة العمل التي تشكّل محوره الأساسي من خلال تجسيدها دور راقصة شرقية فهي الفنانة الفرنسية اللبنانية الأصل إميليا زيدان.
«لقد بحثنا كثيراً عن فنانة أجنبية تجيد الرقص الشرقي، ولحسن حظنا أنّنا وقعنا على إميليا، وهي فرنسية لبنانية تُعرف بتقديمها فن الرقص الشرقي الراقي». تقول مخرجة العمل لينا أبيض في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «المسرحية تتضمن قصصاً من الحياة فيها الرومانسية والشّغف والحب والشّر ونزاعات تجري على قاعدة (شو بقولوا الناس). فهذه العبارة تشكّل أهمية كبيرة في حياة اللبنانيين، بحيث يضعونها في مقدمة أدائهم في حياتهم اليومية. وفي هذا العمل نحاول كسر الأحكام، ساخرين من الأفكار المسبقة التي يمكن أن يصدرها بعضنا بحق بعض».
وتدور قصة المسرحية حول أستاذ جامعي (أنطوان بلابان) يتعرف بالصدفة إلى جارته الراقصة الشرقية (إميليا زيدان) فيغرم بها. وعندما يجدها مقتولة يخيّل إليه أنّه هو مَن قتلها من جراء غيرته عليها فيقْدم على الانتحار. «هي مسرحية فيها الكثير من السوريالية ويسكنها عالم الخيال» تقول أبيض في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، وتتابع: «ولقد حاولت فيها قلب مفهوم القصص المتّبعة عادةً في المسرح بحيث تبدأ من نهايتها لنتعرف بعدها إلى سياق القصة. كما أنّها تتلوّن بمشاهد رقص على مقاطع موسيقى من أغاني أم كلثوم الطربية. أمّا ديكورها فيتحول إلى شاشة بصرية يتابع المشاهد من خلالها أحداث العمل».
وتحاول المخرجة ترك علامة استفهام كبيرة لدى مُشاهدها منذ اللحظات الأولى للعمل أي عندما يقْدم الأستاذ الجامعي على الانتحار. وليأخذنا بأسلوب خيالي إلى العالم الآخر ونعيش معه قصة اكتشافه الحقيقة مع أدوات مسرحية رمزية وغريبة في أن تعيدنا إلى تاريخ معرفته بالراقصة، أي قبل أيام قليلة من رحيله.
وعن سبب عرضها بالفرنسية توضح: «إن مؤلف المسرحية ألكسندر نجار اعتاد الكتابة بهذه اللغة وسبق وتعاونّا معاً في مسرحية بعنوان (غير المتوقع)، ولاقت نجاحاً كبيراً. فهناك شريحة من اللبنانيين المنتمين إلى الثقافة الفرنكوفونية يحبون هذا النوع من الأعمال التي تربّوا عليها في مدارسهم. كما أنّهم يستمتعون بالمسرح الفرنسي ويحضرونه في رحلات سفرهم خارج لبنان. ولكنّنا في الوقت نفسه نعرض الترجمة بالعربية بحيث يستطيع مَن لا يجيد الفرنسية متابعتها بسهولة. وهي مطعّمة في الوقت نفسه بعبارات بالعربية لنعطيها نكهة مغايرة ترتبط ارتباطاً مباشراً بالمجتمع اللبناني الذي يتطرّق أهله في أحاديثهم العادية إلى لغات عديدة».
وعن الجديد الذي أدخلته في أسلوبها الإخراجي تقول: «لقد قولبتها على طريقتي بعد أن ألغيت ركائز أساسية فيها، فأقدمها ضمن قالب يخرج عن المألوف. فهي تحكي قصصاً تدور في ثلاثة منازل إلّا أنّني جمعتها كلّها في بيت واحد أو بالأحرى في قالب واحد بحيث نتابع قصصاً متفرقة تعود لسكان ثلاثة منازل». وعن دورها في العمل تقول: «دوري في المسرحية صغير ولكنّني رغبت في القيام به من باب التنويع، وأجسّد خلاله شخصية الجارة (ماري جو)». وتتضمن المسرحية مشاهد كوميدية وأخرى دراماتيكية لتلوّن أحداثها على مدى 90 دقيقة. كما أنّها تسلّط الضوء على مبادئ يعتمدها الناس في يومياتهم جراء تقاليد بالية. «أن يغرم أستاذ جامعي براقصة شرقية لهو أمر غير مقبول عادةً في مجتمعاتنا الملتزمة. وهو ما يشكّل الحبكة الأساسية للعمل الذي يستمر عرضه لغاية 19 مايو (أيار) المقبل». تختم لينا أبيض حديثها لـ«الشرق الأوسط».


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».