«بابلو بيكاسو: فنان وسط الشعراء» عنوان معرض أثار اهتمام النقاد، يستضيفه هذه الأيام «متحف الفنون الجميلة» في مدينة كاليننغراد، غرب روسيا. ويقدم المتحف مجموعة مميزة من أعمال بيكاسو، أشهر فناني القرن العشرين، وبصورة خاصة «رسومات غرافيك» أبدعها بيديه، ولم تُعرض على نحو واسع من قبل. وقال منظمو المعرض إنه يضم 120 رسماً غرافيكياً أصلياً من رسومات بيكاسو، يملكها مارك باشماكوف، وهو من أشهر هواة جمع اللوحات الفنية في روسيا. وهذه هي المرة الثانية التي تُعرض فيها تلك المجموعة، بعد عرض أول أقيم بمدينة بطرسبورغ، عاصمة روسيا الثقافية، في متحفها الشهير «الإرميتاج»، نهاية عام 2018.
ومع تنوع لوحات وأعمال معرض «بابلو بيكاسو: فنان وسط الشعراء» التي يقدمها متحف الفنون الجميلة، إلا أن الجزء الأكبر منها عبارة عن أوراق رسم بيكاسو عليها بأقلام الرصاص أو الفحم، وفي كل منها كان يريد التعبير عن فكرة ما تجول بخاطره، أو مشهد حياتي أو اجتماعي لفت انتباهه، أو موقف أثار اهتمامه. كما يضم المعرض رسومات مرفقة ببعض الكتب والأعمال الأدبية، جميعها من النوع الذي يُطلق عليه، وفق التعبير الدارج، «رسومات توضيحية»، إلا أن ما قدمه بيكاسو لم يكن بالضرورة «توضيحياً» للنص المرفق، وإنما رؤيته للشخصيات وأبطال العمل الأدبي، روايةً كان أم شعراً.
لم يقتصر الأمر على عرض رسومات الفنان الإسباني على جدران المتحف بالطريقة التقليدية، فقد استفاد المنظمون من تطور تقنيات «مولتيميديا»، وصمموا صفحة خاصة يمكن لزوار المتحف أن يتعرفوا من خلالها على المعروضات، وعلى جوانب من حياة بيكاسو؛ الفنان الذي برزت موهبته منذ الصغر، ولم تقتصر إبداعاته على الرسم، إذ عُرف عنه أيضاً كتابة قصائد الشعر والمسرحيات الفنية، واهتم بالتمثيل، حيث أدى بعض الأدوار السينمائية البسيطة بشخصيته الحقيقية، وتوفي عام 1973 بعد حياة مثيرة، حصل خلالها على اعتراف عالمي بصفته أبرز فناني عصره، وأسس فيها مدرسة جديدة في الفن هي «المدرسة التكعيبية» الشهيرة. وخلال تجواله بين عواصم الفن العالمية في حينه، تقاطعت دروبه مع روسيا، حيث كان مدير فرقة الباليه الروسية من المعجبين به، واستفاد من قدراته الإبداعية بأن وظفه رسام ديكور لأعمال الفرقة. وكان لتلك الوظيفة مكانة خاصة في حياته، إذ تعرف حينها على أولغا خوخلوفا، راقصة البالية الروسية، وتزوجها، وأنجبت له ابنه باولو.
يقول باشماكوف، هاوي جمع اللوحات الفنية، صاحب مجموعة «رسومات غرافيك بيكاسو»، إن المعرض ليس مجرد رسومات، يمكن للزوار الاستمتاع بالنظر إليها وتأمل معانيها، وإنما هو أيضاً فرصة لرؤية «كيف تمضي أعمال بيكاسو حياتها وكيف تعيش»، ومثل رحلة مع تلك اللوحات في عالم أشهر فناني القرن العشرين، التي تتيح للزوار متعة النظر إلى العالم بأعين بيكاسو نفسه.
ويستمر عمل معرض رسومات بيكاسو لغاية 25 مايو (أيار) المقبل، ولن يتم عرضها مجدداً في وقت قريب، وذلك لأن «رسومات الغرافيك يجب أن تبقى في أجواء من الظلمة، وهذا أمر ضروري للحفاظ عليها باعتبارها رسومات أصلية»، وفق ما يقول باشماكوف، الخبير في آليات الحفاظ على اللوحات القديمة، وحمايتها من أي عوامل قد تسبب تلفها بسرعة. وأشار في الوقت ذاته إلى تلقي طلبات كثيرة من عدد كبير من صالات العرض والمتاحف لاستضافة مجموعته من لوحات بيكاسو، ووعد بالاستجابة لجميع الطلبات، لكن بما لا يضر بالأعمال الفنية.
بيكاسو يعود برسوماته إلى موطن زوجته أولغا
مجموعة نادرة من أعماله في معرض «بيكاسو: فنان وسط الشعراء»
بيكاسو يعود برسوماته إلى موطن زوجته أولغا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة