«الرجل الوطواط» في عيده الثمانين

الاستعداد على قدم وساق للاحتفال به حول العالم في 21 سبتمبر

من فيلم «عودة باتمان» (باتمان ريتيرنز)
من فيلم «عودة باتمان» (باتمان ريتيرنز)
TT

«الرجل الوطواط» في عيده الثمانين

من فيلم «عودة باتمان» (باتمان ريتيرنز)
من فيلم «عودة باتمان» (باتمان ريتيرنز)

من أشهر الشخصيات الخيالية، التي بدأت من الكتاب، وتحولت للسينما والألعاب الإلكترونية، هي شخصية «باتمان» (الرجل الوطواط) الذي اقتحم عالم الكتب الهزلية عام 1939 بصدره الواسع وقناعه الأسود، ليعطي دفعة جديدة لعالم الشخصيات الخارقة الخيالية.
وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، يرصد تطور شخصية «الرجل الوطواط»، فقد ظهر الفارس الأسود لأول مرة في 30 مارس (آذار) 1939 في صفحات كتاب «Detective Comics# 27». وقد اخترع هذه الشخصية الكاتبان بوب كين، الذي ولد عام 1915 وتوفى عام 1998، والكاتب بيل فينجر، لصالح دار نشر «ذا ناشونال كوميكس»، التي أطلق عليها لاحقاً «دي سي كوميكس» (DC Comocs).
وجعل الكاتب كين مدينة جوثام الكئيبة المظلمة مكان إقامة «باتمان» ونقطة انطلاقه.
ويخبئ قناع «باتمان» وجه المليونير بروس وين، الذي شهد مقتل والديه عندما كان ما زال طفلاً، ومن ثم قرر أن يكرس حياته لمحاربة الجريمة.
وكان من المفترض أن يبث «الرجل الوطواط» الرعب في النفوس: فقد كانت ألوان الملابس التي يرتديها هي الأسود والرمادي، وكان يستخدم حزاماً من أجل حمل الأسلحة فيه، وكان يرتدى قفازات، وله زوجان من الأجنحة الخشنة التي تم استبدالها فيما بعد بكاب.
وعن الإلهام خلف الشخصية، قال كين إنه استوحى شخصية «باتمان» من آلة الطيران التي اختراعها ليوناردو دافنشي‏، الذي كان ينتمي إلى عصر النهضة، والذي كان متعدد المواهب؛ فقد كان رساماً، ومهندساً، وعالم نبات، وعالم خرائط، وجيولوجياً، وموسيقياً، ونحاتاً، ومعمارياً وعالماً إيطالياً مشهوراً.
كما استوحى كين شخصية «الرجل الوطواط» أيضاً من أفلام وروايات، من بينها «زورو» و«دراكولا» وشخصية «ذا فانتوم» (The Phantom) التي نشرها في عام 1936 لي فالك، وهو كاتب، ومخرج مسرحي، وكاتب سيناريو، وفنان قصص مصورة، وروائي، ومنتج، ورسام رسوم متحركة من الولايات المتحدة. وكان رمز الوطواط على صدر «باتمان» باللون الأسود فقط، ولكن خلال عام 1964 أصبحت هناك خلفية باللون الأصفر البيضاوي المألوف الآن. ومع مرور الوقت، حصل «باتمان» على تعزيزات ممثلة في مرافقه «روبن» وشخصية «باتجيرل» و«سيارة باتمان» التي تتمتع بتكنولوجيا حديثة.
وبالطبع ازدادت قائمة أعدائه، حيث أصبح «باتمان» يحارب «الجوكر» و«ذا بنجوين» و«كات وومان» و«ريدلير».
وتم تكريم كين بعد وفاته بنجمة على ممر المشاهير في «هوليوود» عام 2015، وكان ضمن حضور فعاليات التكريم زاك سنيدير مخرج فيلم «باتمان ضد سوبر مان: داون أوف جاستيس».
معجبو كين يشعرون «بامتنان عميق» للهدية التي قدمها كين للعالم، حسب ما قاله سنيدير. وأضاف: «كل شخص منا لديه (باتمان) تخيلي يلوح في الظل، وهذا إرث بوب». وأوضح: «على عكس (سوبرمان) أو (ووندر ومان) أو (فلاش). هو رجل. هو من يمثلنا جميعاً. بهذا البطل نحن نستمر. هو نحن. في الحقيقة جميعنا (باتمان)».
الكتب الهزلية والمسلسلات التلفزيونية والأفلام وألعاب الكومبيوتر جعلت «باتمان» مشهوراً عالمياً. ووفقاً لسجلات «جينيس للأرقام القياسية»، لقد ظهر «باتمان» في أفلام أكثر من أي شخصية أخرى بالكتب الهزلية.
وظهر «باتمان» في ثمانية أفلام حركة في الفترة ما بين 1966 و2012، ولعب دوره عدد من الممثلين منهم آدام ويست ومايكل كيتون وجورج كلوني وبن أفليك.
وفي ثلاثية الأفلام التي أخرجها كريستوفر نولان، لعب كريستيان بيل دور «باتمان» مع هيث ليدجر الذي لعب دور «الجوكر»، وأدى دوراً أسطورياً مكتملاً بوجه المهرج المثير للخوف في فيلم «ذا دارك نايت».
ولعب مايكل كيتون دور «باتمان» في الفيلم الذي أخرجه تيم بورتون، وأدى جاك نيكلسون دور «الجوكر».
ولم تحقق كل نسخة من أفلام «باتمان» نجاحاً. ففي عام 1997 تعرض فيلم «باتمان آند روبن» للمخرج جويل شوماخر، لانتقادات من جانب النقاد دعت الفنان جورج كلوني الذي أدى دور «باتمان» لإعلان أنه لن يرتدي مجدداً حلة مطاطية.
وتحتفل دار نشر «دي سي» للكتب الهزلية بعيد ميلاد «باتمان» الثمانين من خلال نشر نسختين خاصتين «Detective Comics #1000» و«Detective Comics: 80 Years of Batman».
ويتم الإعداد لإقامة عدد من الفعاليات حول العالم هذا العام، وفي يوم عيد ميلاد «باتمان» في 21 سبتمبر (أيلول)، الذي يحمل شعار «Long Live the Bat».
وخلال هذا اليوم، من المقرر أن تشمل الاحتفالات عرض رمز الوطواط على مبانٍ في مدن بأنحاء العالم.
كما سوف يتم تكريم ثلاثية أفلام نولان، حيث تعرض شركة «وارنر بروس» الأفلام الثلاثة في دور عرض بخمس مدن أميركية خلال شهر أبريل (نيسان) الحالي.
ويمكن للذين قاموا بشراء أول نسخة من كتاب هزلي لـ«باتمان» عام 1939 مقابل 10 سنات أن يجنوا ثروة الآن: فقد جرى إجراء مزاد على نسخة جيدة من هذا الكتاب في أميركا عام 2010 مقابل مليون دولار. وتتطلع الجماهير لعام 2021، عندما يعرض أحدث أفلام «باتمان»، وهو من إخراج مات ريفز ويحمل عنوان «بلانت أوف ذا ابس» في دور العرض.
وعلى الرغم من أنه كان من المتوقع في وقت من الأوقات أن بن أفليك سيعود لتجسيد باتمان، إلا أنه يتردد الآن أن ريفز يبحث عن ممثل جديد وشاب، وفقاً لما قاله موقع «ديدلاين» المعني بأخبار «هوليوود».
وعلى الرغم من بلوغه سن الثمانين، سيظل «باتمان» شاباً للأبد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».