«قيصرية الكتاب» في قصر الحكم بالرياض.. حاضنة الثقافة وملتقى المثقفين

تنطلق فعالياتها الثلاثاء بمناسبة «يوم الكتاب العالمي» وتحاكي شارع المتنبي في بغداد

جانب من المكتبات التي تشكل «قيصرية الكتاب» في منطقة قصر الحكم بالرياض (تصوير: عبد الرحمن السالم)
جانب من المكتبات التي تشكل «قيصرية الكتاب» في منطقة قصر الحكم بالرياض (تصوير: عبد الرحمن السالم)
TT

«قيصرية الكتاب» في قصر الحكم بالرياض.. حاضنة الثقافة وملتقى المثقفين

جانب من المكتبات التي تشكل «قيصرية الكتاب» في منطقة قصر الحكم بالرياض (تصوير: عبد الرحمن السالم)
جانب من المكتبات التي تشكل «قيصرية الكتاب» في منطقة قصر الحكم بالرياض (تصوير: عبد الرحمن السالم)

تدشن السعودية احتفاليتها هذا العام باليوم العالمي للكتاب 23 أبريل (نيسان) بإطلاق فعاليات «قيصرية الكتاب»، التي تقع في منطقة قصر الحكم، في قلب العاصمة الرياض.
تضم «قيـصرية الكتـاب» 14 موقعاً للمكتبات (ومقهيين) في المحلات الواقعة ‏شرق ميدان العدل بمنطقة قصر الحكم التاريخي حيث أنشئ قصر الحكم في العام 1747م (1160هـ) وأصبح مركزاً للإمارة والحكم في مراحل زمنية متعددة، كما أصبح ببنائه المعماري التراثي مركز جذب للزوار. تم تصميم «قيصرية الكتاب» بطراز معماري يحمل الخصائص العمرانية والتراثية لمنطقة قصر الحكم، وقد صممت هذه المنطقة ‏لتحتضن أنشطة وفعاليات ثقافية تقام على مدار العام، وخلق سوق رائجة ودائمة للكتاب، مع الاستفادة من سطح الرواق المطل على ميدان العدل كمنطقة ‏للجلوس والقراءة، ويحتوي على أنشطة ثقافية متعددة منها لقاءات القراءة العامة ومنصات لتوقيع الكتب الجديدة.
يشبه هذا المكان في حال اكتماله إلى حدٍ كبير شارع المتنبي في بغداد، حيث يوفر بيئة حاضنة للتبادل الثقافي والمعرفي، ومكانا جاذبا للقراء وأهل الثقافة وفئات المجتمع، مع توفير مختلف الخدمات بطريقة جاذبة ‏تمزج بين العلم والفائدة والراحة والاستمتاع، وسيكون المشروع الوجهة الأولى لملتقى القراء والمثقفين وسط الأجواء التراثية السعودية الأصيلة.
ومن المقرر أن تنطلق يوم الثلاثاء المقبل، وتزامناً مع اليوم العالمي للكتاب فعاليات الاحتفاء بهذا اليوم، ضمن سلسلة برامج تقيمها مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض في ساحة قصر الحكم بالتعاون مع إمارة منطقة الرياض، والهيئة العليا لتطوير الرياض، وتتضمن الفعاليات كلمة المكتبة في حفل الافتتاح التي يلقيها نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة الدكتور عبد الكريم بن عبد الرحمن الزيد يتناول فيها الدور الثقافي الذي تقوم به المكتبة من خلال تطوير مختلف برامجها وأنشطتها عبر تقديم برامج ثقافية ومعرفية نوعية تتوافق ورؤية المملكة 2030 التي تؤكد على دور الثقافة في تلبية تطلعات المواطنين، وأهميتها في ازدهار الاقتصاد السعودي، وتعزيز التنمية والتطوير في مختلف المجالات.
ويشارك عدد من المثقفين السعوديين ذوي التجارب الثقافية التي لها أثرها في سياق المشهد الثقافي السعودي سواء على مستوى التأليف والإبداع والدراسات البحثية والنقدية أم على مستوى تحقيق المسؤولية الثقافية الاجتماعية خلال مشاركتهم في مختلف الأنشطة الثقافية والفكرية والمهرجانات واللقاءات التي تقام داخل المملكة أو خارجها. ويقدم المشاركون في فعالية الاحتفاء باليوم العالمي للكتاب رؤيتهم عن الثقافة السعودية وسبل الإسهام الحضاري للمملكة في الثقافات العالمية وإيصال المنتج الثقافي السعودي لمختلف هذه الثقافات.
وتقام ندوة بعنوان: «صناعة الثقافة في المملكة وفق رؤية 2030» تتضمن جلستين ثقافيتين الأولى بعنوان: «صناعة الثقافة السعودية وفق رؤية 2030» يشارك فيها كل من: الدكتور سعد البازعي، والدكتور إبراهيم التركي، والدكتورة زينب الخضيري، وسلطان البازعي الذي يلقي كلمة وزارة الثقافة، ويدير الجلسة الأولى رئيس النادي الأدبي بالرياض الدكتور صالح المحمود. أما الجلسة الثانية والتي تأتي خلال افتتاح «قيصرية الكتاب» فتحمل عنوان: «دور مؤسسات المجتمع في صناعة الثقافة والإنتاج المعرفي» ويشارك فيها كل من عبد الوهاب الفايز، وأميمة الخميس، ومحمد رضا نصر الله، وحسين بافقيه. ويديرها الدكتور فهد العليان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».