لم تجذب لوحة «الموناليزا» الشهيرة التي رسمها الفنان ليوناردو دافنشي في أوائل القرن السادس عشر الفنانين فحسب؛ لكنها شغلت الأطباء أيضاً، وحاولوا تفسير بعض العلامات الطبية التي ظهرت على وجه صاحبة الصورة، والمعروفة باسم «ليزا غيرارديني».
أحدث النظريات قالت إنها تعاني من قصور الغدة الدرقية الحادة، وهو ما انعكس على بشرتها الصفراء، والمظهر المتضخم للغدة، ونقص الحواجب، وابتسامتها الغامضة الناتجة عن ضعف العضلات، كأحد أعراض المرض. ولكن الدكتور مايكل يافي أستاذ الغدد الصماء في مركز العلوم الصحية في جامعة «تكساس» في هيوستن، قدم تفنيداً لكل هذه العلامات في دراسة نشرها أمس، في «المجلة الدولية للهرمونات»، جعلته يقرر في النهاية أنها لم تكن مصابة بهذا المرض.
وقال يافي في تقرير نشره موقع جامعة «تكساس» بالتزامن مع نشر الدراسة: «شعرت بمسؤولية شخصية في الدفاع عن (الموناليزا) والسيدة الرائعة التي تصورها اللوحة... لقد ألهمت آلاف الأشخاص على مدار القرون القليلة الماضية. لم أستطع التفكير في الجمهور، وهو يقرأ أن تلك اللوحة الملهمة كانت صاحبتها مصابة بقصور الغدة الدرقية».
واعتمد يافي في دفاعه هذا على أربع حجج: أولها أن توثيق مرض الغدة الدرقية معروف جيداً في تاريخ الفن، وأن هذه اللوحة لا تتطابق مع عدد لا يحصى من تصوير الغدد الدرقية، أو تضخم الغدة الدرقية الذي ظهر في أعمال الفنانين. وأضاف: «إذا كان لدى غيرارديني، بطلة الصورة، تضخم في الغدة الدرقية من نقص اليود، فسيكون الأمر شديداً ويُرسم بوضوح أكبر في اللوحة، مثل الصور التاريخية الأخرى، فلم يكن لدى رسام موهوب مثل دافنشي أي مشكلة في التعبير عنه».
وانطلق بعد ذلك إلى الحديث عن اختفاء الحواجب من الصورة، التي تعدّ إحدى العلامات التي تستند لها نظرية إصابة بطلة «الموناليزا» بتضخم الغدة، وقال مقدماً الحجة الثانية: «إن كثيراً من لوحات دافنشي تصور نساء بلا حواجب، لذلك ليس من الضروري أن نعزو هذه العلامة إلى الغدة الدّرقية».
أما عن اصفرار الجلد، فكان لدى الدكتور يافي تفسير له، قدم من خلاله الحجة الثالثة لنقض النظرية، إذ قال إن «اصفرار الجلد لا يظهر إلا بعد فترة طويلة من المرض... وعادة، فإن الإصابة بقصور الغدة الدرقية على المدى الطويل من شأنها أن تؤثر بشدة على الخصوبة، ولكن من المعروف أن بطلة الصورة، غيرارديني، أنجبت خمسة أطفال، أحدهم كان قبل شهر واحد فقط من الجلوس أمام دافينشي لرسمها».
وعزا الباحث الأميركي اللون إلى العمل الفني، وكذلك الأصباغ التي استخدمها الفنان، علاوة على أن اللوحة سُرقت، ومن ثم اختفت بعيداً لمدة ثلاث سنوات تقريباً، وقام شخص ما بتخريبها أيضاً مستخدماً بعض الأحماض، وقد يكون ذلك سبب اللون الأصفر.
وفيما يتعلق بالابتسامة الغامضة، والاقتراح بأنه ناتج عن ضعف العضلات، كأحد أعراض القصور الحاد في الغدة الدرقية، كان لدى الدكتور يافي تفسير مختلف، هو بمثابة الحجة الرابعة لنقض النظرية. قال إن «إجراء تشخيص لقصور الغدة الدرقية على أساس ملامح خفية وغامضة في لوحة قديمة أمر غير دقيق، لأن اعتلال الغدة الدرقية يؤثر في عضلات أقرب إلى خط الوسط في الجسم، وعادة ما تكون الأعراض شديدة، مما يعني أنه سيمنع بطلة اللوحة غيرارديني من الظهور بمظهر مستقيم، وهو ما لم يحدث. علاوة على ذلك، هناك كثير من الأشخاص الذين لديهم ابتسامة غير متماثلة كتلك التي ظهرت بها غيرارديني، وهذا لا يعني بالضرورة أن أصحابها مصابون بقصور الغدة الدرقية».
يذكر أنّ الباحث الأميركي صاحب هذه الدراسة، محب للفن بشغف، وعضو نشط في مجتمع الفن في هيوستن، وله كثير من الدراسات التي يربط فيها بين الفن والطب.
دراسة تنفي إصابة صاحبة «الموناليزا» بقصور الغدة الدرقية
دراسة تنفي إصابة صاحبة «الموناليزا» بقصور الغدة الدرقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة