معرض «سلفاتوري فيراغامو» يسلط الضوء على الموضة المستدامة

تصاميم من الأرشيف تؤكد علاقة الدار بالموضة المستدامة منذ عشرينات القرن الماضي
تصاميم من الأرشيف تؤكد علاقة الدار بالموضة المستدامة منذ عشرينات القرن الماضي
TT

معرض «سلفاتوري فيراغامو» يسلط الضوء على الموضة المستدامة

تصاميم من الأرشيف تؤكد علاقة الدار بالموضة المستدامة منذ عشرينات القرن الماضي
تصاميم من الأرشيف تؤكد علاقة الدار بالموضة المستدامة منذ عشرينات القرن الماضي

انطلقت فعاليات معرض «التفكير المستدام» في 12 أبريل (نيسان) 2019، في متحف سلفاتوري فيراغامو. ويتناول المعرض هذه السنة مبدأ الاستدامة، وكيف يمكن أن تتبناها الموضة من دون أن تؤثر على قيمتها الفنية أو الجمالية، بل على العكس، بدليل تاريخ الدار في هذا المجال منذ تأسيسها في بداية القرن الماضي. فالمعرض يتتبع هذه الظاهرة من عهد مؤسِس الدار، سلفاتوري فيراغامو، الذي كان رائداً في استخدام المواد الطبيعية والمعادة التدوير بأشكال مبتكرة لم تؤثر يوماً على قيمتها أو حجم الإقبال عليها، من قبل نجمات هوليوود أو المرأة العارفة على حد سواء. ولم يتغير الوضع إلى الآن، فالدار لا تزال تقوم باختبارات شتى بحثاً عن المواد والتقنيات التي تراعي البيئة، وفي الوقت ذاته متطلبات الجيل الجديد من منتجات معاصرة؛ معادلة حققتها بفضل إصرارها وتحفيز حرفييها على البحث الدائم.
وبدا واضحاً أن التركيز في المعرض كان على الناحية الفنية والثقافية للموضة من زاوية الاستدامة، وذلك بدعوة الحضور لتأمل ما آلت إليه البيئة بسبب اللامبالاة والاستسهال، وضرورة حمايتها، لا سيما أن الحاجة إلى ذلك أصبحت ملحة، وسلبيات اللامبالاة تتفاقم مع مرور الأيام.
ويستعرض المعرض أيضاً أعمال الفنانين ومصممي الأزياء العالميين الذين يطرحون رؤيتهم الخاصة حول حماية البيئة، والصلة الوثيقة التي تربطها بالتقنيات والمواد العضوية وإعادة التدوير، وغيرها، وكيف أن أعمالهم تبدو عصرية مواكبة للتطور، من دون أن تتنازل عن مفهوم الأناقة. هذا وأمور كثيرة أخرى تستهدف تسليط الضوء على أهمية الالتزام الجماعي، واتباع طرق تفكير منفتحة على الإبداع أكثر.
وليس غريباً أن تتصدر الأقمشة والخامات عموماً النقاش، لتكون العنوان العريض للمعرض. وتبدأ الرحلة مع البحوث الأولية التي أجراها سلفاتوري فيراغامو في هذا المجال في العشرينات، وتشمل منسوجات القنب والسيلوفان وجلد السمك. خامات كانت شبه ثورية في ذلك الحين، لكنها أكدت استمراريتها إلى اليوم بفضل تطور التقنيات. بعد ذلك، ينتقل إلى بعض الحكايات وراء الأقمشة الفاخرة التي أعاد تدويرها وتحويلها إلى تصاميم جديدة في غاية الأناقة. الرسالة التي يريد المعرض أن يوصلها إلى زواره أنه بفضل الاختبارات وزيادة الوعي، يمكن للتقنيات المتطورة أن تفتح الباب أمام التغيير الإيجابي، وذلك بإعادة اكتشاف الألياف الطبيعية، أو إعادة صياغتها بمفهوم جديد.
وبما أن المؤسس تخصص في مجال الأحذية أساساً، كان من البديهي أن يضم المعرض مجموعة من الأحذية الأصلية التي تم تصميمها في القرن الماضي، وتحديداً من العشرينات إلى الخمسينات من القرن الماضي، ولا تزال تحتفظ بها الدار في أرشيفها التاريخي، لأنها تجسيد رائع لمفهوم الاستدامة، كما تشهد على أن الإبداع لا يتأثر بزمن.
ونظراً لأهمية المعرض، والرسالة التي يحملها، فإنه لن يقتصر على متحف سلفاتوري فيراغامو، حيث أعد سيرجيو ريزاليتي، أحد المنظمين، متحفين آخرين في فلورنسا، لاستيعاب المزيد من الجماهير، من الآن حتى شهر يوليو (تموز): الأول في «بلاتزو فيكيو»، والثاني «متحف نوفيتشانتو»، بينما ستستمر فعاليات معرض سلفاتوري فيراغامو حتى 8 مارس (آذار) 2020.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.