بعثة روسية توثق اكتشاف مومياء مصرية فريدة تجمع 3 حضارات

ضم فراشاً رومانياً وأقمشة فارسية وحبوباً فرعونية

المومياء قبل استخراجها من موقع الدفن
المومياء قبل استخراجها من موقع الدفن
TT

بعثة روسية توثق اكتشاف مومياء مصرية فريدة تجمع 3 حضارات

المومياء قبل استخراجها من موقع الدفن
المومياء قبل استخراجها من موقع الدفن

وثّقت البعثة الروسية العاملة في منطقة «دير البنات» الأثري في محافظة الفيوم (جنوب غربي القاهرة) لأحدث اكتشافاتها، وهي مومياء مصرية حملت مزيجا من التقاليد الجنائزية لكل من المصريين القدماء والعصر الروماني، مع عناصر من التأثير الفارسي.
ونشرت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» أول من أمس، فيديو يتضمن لحظات العثور على المومياء قبل شهور والدراسات المبدئية التي أجريت عليها، والتي أظهرت أنها «اكتشاف فريد ومميز»، بحسب وصف غالينا بيلوفا، المديرة العلمية لمركز الدراسات المصرية بأكاديمية العلوم الروسية.
وقالت بيلوفا في التقرير المصاحب للفيديو، الذي نشرته الوكالة، إن المومياء عثر عليها في مقبرة ترابية، وكان الدفن مزيجا لا يصدق من التقاليد الجنائزية، لكل من المصريين القدماء والعصر الروماني، مع عناصر من التأثير الفارسي كذلك.
وأضافت: «المومياء كانت ملفوفة بعناية فائقة من خلال تجديلها بترتيب معين، مما يقلد التشابك الذي استخدمه المصريون القدماء لتأمين الكارتوناج على المومياوات، وكان الرأس والجسم مغطيين بطبقة سميكة من الحبوب، حيث ارتبطت الحبوب بالحياة الأبدية والتجديد، وفي الوقت نفسه كان المتوفى يرقد على فراش ووسادة، تميز الطقوس الجنائزية الرومانية القديمة، وعلاوة على ذلك، فإن الأقمشة التي استخدمت كانت تحمل التأثير الفارسي المميز».
ووفق ما ظهر في الفيديو، فإن رأس المومياء كان على هيئة مربع عال وضيق يزيد ارتفاعه على نصف متر، مصنوع من سعف النخيل وملفوف بضمادات خاصة، بينما تشكل الضمادات في منطقة قدمي المومياء مربعاً منتظماً صغيراً، ويتكون الشريط المرتب على المومياء من ضفائر استخدمها المصريون القدماء لتثبيت الكرتوناج على المومياء.
وأشارت بيلوفا إلى أن «الأقمشة والمنسوجات التي عثر عليها سيتم وضعها في أحد المتاحف المصرية المتخصصة، بينما لا تزال هناك كثير من الأسئلة التي لم تجب عنها الدراسات المبدئية للمومياء، وهو ما يعملون عليه حالياً».
وتقول: «لم نتمكن مثلاً من تحديد ما إذا كانت المومياء تنتمي إلى الطبقة الفقيرة أو الأثرياء».
ويعود تاريخ موقع الدفن الذي اكتشفت فيه المومياء إلى القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، وسيستمر الفريق البحثي الروسي في التنقيب بالمنطق نفسه.
وتضيف بيلوفا: «سيساعدنا ذلك في اكتساب نظرة ثاقبة على طريقة الحياة والثقافة، وخاصة المعتقدات الدينية لدى المصريين القدماء، ومدى تأثرها بالثقافات الأخرى والتغيرات التي طرأت عليها».
من جهته، يثني دكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، على هذا الاكتشاف واصفاً إياه بأنه يؤكد تأثر الفن المصري القديم بالحضارات الأخرى.
ويقول دكتور عشماوي لـ«الشرق الأوسط» إن «تحديد الطبقة الاجتماعية للمومياء ليس هو السؤال الوحيد الذي من المنتظر أن تجيب عنه الدراسات المستفيضة على المومياء». مشيراً إلى «أننا في انتظار إجابات تتعلق بالسن والنظام الغذائي والأمراض التي عانت منها المومياء».
ويضيف: «قد تكشف الإجابات عما هو أهم من الترويج لفكرة تأثر الطقوس الجنائزية بالحضارة الرومانية والفارسية، لأن هذا الكلام ليس جديداً، وسبق أنه ظهر في اكتشافات أخرى، وإن كان الاكتشاف الروسي يؤكده».
ويعد موقع دير البنات الأثري، إحدى المناطق التي تعمل فيها البعثة الروسية، حيث تواصل حفرياتها في عدد من المناطق الأخرى، من بينها ممفيس (العاصمة القديمة)، والإسكندرية، والأقصر، بدعم من شركة «روس أوبورون إكسبورت» التي تعمل على دعم الثقافة والمحافظة على الذاكرة التاريخية للبشرية.
وقال مدير الشركة ألكسندر ميخييف في التقرير الذي نشرته الوكالة الروسية: «هذا المشروع الأثري هو خطوة مؤثرة في الحياة الثقافية المصرية، وإسهام روسي في دراسة التراث العالمي، وخطوة على طريق تعزيز علاقات الثقة بين روسيا ومصر، وتوطيد أواصر الصداقة، وعلاقات الشراكة في مختلف ميادين التعاون بين البلدين».


مقالات ذات صلة

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

يوميات الشرق جانب من العمل التخريبي (فيسبوك)

مصر: مطالب بتشديد الرقابة على المواقع الأثرية لتفادي التخريب

أثار تشويه بعض نقوش مقبرة ميروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) غضباً في مصر، وارتباكاً في أروقة وزارة السياحة والآثار.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق تجربة فريدة ضمن مهرجان الممالك القديمة في العلا (الشرق الأوسط)

استعادة حيّة لتجربة «طريق البخور» في العلا وتاريخها الثري

لا يزال بإمكان زائر العلا مشاهدة التفاعل بين الممالك العربية الشمالية والقوى العظمى الأخرى، متمثلاً في الآثار التاريخية المختلفة على أرضها وبين جبالها.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق قناع من القطع المُستَردة من ألمانيا (وزارة الخارجية المصرية)

مصر تستردُّ قطعاً أثرية مسروقة من سقارة بعد تهريبها إلى ألمانيا

عملية الاسترداد ليست مجرّد استرجاع لقطع أثرية، وإنما استعادة لجزء من روح التاريخ المصري ورموزه.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.