أطلق مصور فوتوغرافي وفنانة مكياج مشروع «إنتي مين؟»، لتوثيق مظهر المرأة المصرية عبر عصور تاريخية متعددة، نظراً لعدم وجود زي وطني رسمي للسيدات في مصر، اللاتي اتجهن في العقود الأخيرة إلى ارتداء التصميمات الحديثة التي تم استيرادها من الدول الأجنبية. ودفعت الحيرة الشابان المصريان إلى الإجابة عن عدة تساؤلات عن المرأة المصرية: هل هي ملكة فرعونية قوية، أم إنها امرأة إغريقية بملامح هادئة، أم هي الفلاحة التي تحتضن أسرتها، أم هي نوبية رسمت شمس الصحراء بشرتها السمراء، أم هي امرأة عربية عاشت في صحراء سيناء واستمدت منها القوة والجمال؟
ويقول مارك وسيم، مصور فوتوغرافي مصري يقيم في مدينة دبي منذ سنوات، لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أنه كلما بقي الشخص بعيداً عن وطنه، فاض حنينه، وصار نهماً في البحث عن أصوله وهويته، وتتأجج مشاعره تجاه تاريخه وتراثه دون ترتيب، فقد يكون هذا هو طوق نجاة وسط الغربة».
وأضاف: «في أثناء وجودي في دبي، وهي مدينة تجمع جنسيات كثيرة، لاحظت أن المرأة الإماراتية، رغم أناقتها، محتفظة بهويتها العربية، عبر ارتدائها العباءة التي تعود إلى الأصول الصحراوية لبلادها، فهي حقاً معتزة بأصولها».
اعتزاز المرأة الإماراتية، والخليجية بشكل عام، بأصولها، دفع مارك للتفكير في إعداد مشروع مميز عن المرأة المصرية التي تتميز بتاريخها الغني في مجال التراث والأزياء والحلي، لكنها ستتعرض لانتقادات حادة إذا فكرت يوماً في ارتداء أزياء تراثية تعود للريف المصري أو المناطق البدوية، بعدما أصبح مفهوم الحداثة لدى المصريات يتلخص في تقليد أزياء الغرب»، وفق مارك.
ويضيف المصور المصري الشاب: «كنت أخطط لمشروع يجمع بين حبي للتصوير وحب مريم للمكياج، ولكن كنا متفقين على أننا نريد تقديم مشروع مجتمعي، وليس ترويجي، ومن هنا جاءت فكرة البحث عن هوية ومظهر المرأة المصرية»، فيما قالت فنانة المكياج مريم وديع لـ«الشرق الأوسط»: «بعد نقاشات مطولة، قررنا التركيز على 5 فئات (الفرعونية، والإغريقية، والفلاحة، والنوبية، والسيناوية)، لتجد كل امرأة مصرية نفسها في واحدة منهن، وربما في أكثر من شخصية».
ويوضح مارك أن تمويل الحملة كان بجهود ذاتية مشتركة بينه وبين مريم، فالعارضات اللواتي مثلن نساء مصر، من صديقات مريم، بينما قام هو بتأجير استديو لتصويرهن بمعرفته.
وفي السياق ذاته، حرص الفنانان على اختيار وجوه فتيات ذات ملامح معبرة عن أهداف المشروع، حيث لعبت ساندرا دور امرأة فرعونية بعيون قوية وملامح حادة تشبه ملكات مصر، أما مارينا صمويل التي لعبت دور النوبية فهي ليست من أصول نوبية، كما يظن البعض، بينما هي فتاة مصرية صاحبة بشرة سمراء وشعر أجعد تشبه في ملامحها نساء الجنوب. وتلفت مريم قائلة: «صحيح أننا نعيش بالقاهرة، وسط أحياءها الحديثة، لكن لا شك أن لنا أصولاً تعود إلى أجدادنا، قد لا نعرفها، ولكن كل امرأة تشعر بميل لنموذج معين قدمناه في المشروع».
ويوضح مارك قائلاً: «العالم يقع في غرام التراث المصري عبر أزيائه ومجوهراته. ورغم ذلك، بعدت عنه الفتاة المصرية، وفضلت أن تتشبه بالغرب، وانتهى الأمر بفقدان الهوية».
وعن ردود الأفعال تجاه الحملة، أكدا أنهما لقيا تشجيعاً كبيراً من قبل المحيطين بهما. ويقول مارك: «من أهم ردود الأفعال التي لم أكن أتوقعها اتصال فتاة مصرية تعيش في سنغافورة، أعربت عن إعجابها الشديد بالمشروع، فهي عاشت بعيداً عن أصولها المصرية، وكانت تبحث عن هويتها الحقيقية ووجدتها في وجوه خمس نساء مصريات عبرت عنهن الحملة».
«إنتي مين؟» مشروع فوتوغرافي يوثق مظهر المصريات عبر العصور
لاستعادة التراث التاريخي الغني
«إنتي مين؟» مشروع فوتوغرافي يوثق مظهر المصريات عبر العصور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة