زلزال بقوة 6 درجات يهز مدينة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا

آيسلندا تلغي القيود على حركة الملاحة الجوية

شعر سكان مدن سان فرانسيسكو بالزلزال بحسب تغريداتهم على موقع «تويتر» ( أ. ب)
شعر سكان مدن سان فرانسيسكو بالزلزال بحسب تغريداتهم على موقع «تويتر» ( أ. ب)
TT

زلزال بقوة 6 درجات يهز مدينة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا

شعر سكان مدن سان فرانسيسكو بالزلزال بحسب تغريداتهم على موقع «تويتر» ( أ. ب)
شعر سكان مدن سان فرانسيسكو بالزلزال بحسب تغريداتهم على موقع «تويتر» ( أ. ب)

ضرب زلزال بقوة 6 درجات ولاية كاليفورنيا صباح الأحد بحسب المركز الجيولوجي الأميركي، وقالت سلطات مدينة نابا في الولاية بأن العشرات أصيبوا وبينهم اثنان في حالة خطيرة.
وضرب الزلزال عند الساعة 3:20 صباحا شمال غربي الوادي الكبير في كاليفورنيا، على عمق 10.8 كلم من سطح الأرض.
وشعر سكان مدن سان فرانسيسكو (على بعد نحو 40 ميلا) ودافيس (على بعد نحو 70 ميلا) بالزلزال بحسب تغريداتهم على موقع «تويتر».
وأعلن المركز أن احتمال وقوع ضحايا ضئيل، لكنه أعلن حالة الإنذار عند المستوى البرتقالي، ما يعني احتمال وقوع أضرار وأن مناطق واسعة قد تتضرر. وسجل المركز هزة ارتدادية بعد نصف ساعة من الزلزال، وتوقع الخبراء حدوث هزات أخرى قد تصل قوتها إلى 5 درجات الأسبوع المقبل.
وقالت شرطة السير بأنها تتحرى وضع الجسور للتحقق من سلامتها، وطلبت من السكان إبلاغها بأي أعطال أو مشاكل.
وقطع التيار الكهربائي في نابا على بعد نحو عشرة كيلومترات من مركز الهزة وشمل الانقطاع 28 ألف منزل وفق شركة الغاز والكهرباء.
وقال سكان في تغريداتهم بأن الهزة كانت قوية جدا واستمرت «وقتا طويلا»، وأن زجاج منازلهم تحطم.
ومن جهة أخرى، ألغت السلطات الأيسلندية أمس القيود على حركة الملاحة الجوية بعد خفض مستوى التحذير للطيران بمنطقة
بركان بارداربونجا جنوب شرقي البلاد إلى مستوى اللون البرتقالي، وذلك بعد يوم واحد من رفع مستوى التحذير إلى أقصى درجاته (اللون الأحمر).
وقال فريدثور إيدالس، المتحدث باسم هيئة المطارات والملاحة الجوية في أيسلندا (إيسافيا)، لوكالة الأنباء الألمانية إنه مع خفض مستوى التحذير، ألغيت القيود في المجال الجوي.
وكانت عدة زلازل قوية قد سجلت أمس بمنطقة البركان التي شهدت زيادة للنشاط الزلزالي منذ أسبوع. ومع ذلك، قال باحثون إنه لم يتحقق ما كان يعتقد أمس السبت أنه انفجار بركاني تحت النهر الجليدي.
وأعلن مكتب الأرصاد الجوية الأيسلندي أنه ليس هناك ما يشير إلى تراجع نشاط البركان الذي يقع تحت نهر فاتناجوكول الجليدي، و«من ثم فإنه لا يمكن استبعاد الثوران». ويعني التحذير بمستوى اللون البرتقالي وهو، ثاني أعلى درجة، أن البركان «يبدي اضطرابا كبيرا أو متزايدا مع تزايد احتمالية ثورانه». أما مستوى التحذير باللون الأحمر، والذي كان قد أعلن أمس السبت، فيعني أن ثورانا بركانيا أصبح وشيكا أو يحدث حاليا وأن «انبعاثا كبيرا للرماد البركاني» في الجو بات أمرا مرجحا.
وسجلت السلطات الأيسلندية صباح اليوم الأحد الزلزال الأقوى حتى الآن بمنطقة بركان بارداربونجا. وقال الخبير الجيوفيزيائي جونار جودموندسون، من مكتب الأرصاد الجوية الأيسلندي، لوكالة الأنباء الألمانية إن الزلزال الذي بلغت شدته 3.‏5 درجات بمقياس ريختر هو الأقوى بين نظرائه خلال الأسبوع الماضي والأقوى على الإطلاق في منطقة بارداربونجا منذ عام 1996.
وجرى تسجيل ما يزيد على 700 زلزال منذ منتصف الليل شمال غربي جبل فاتناجوكول الجليدي الضخم. وأفاد مكتب الأرصاد الجوية بأن طائرة مراقبة تحلق أعلى الجبل الجليدي لم ترصد السبت أي إشارة لنشاط على سطح الجبل. ولا تزال المطارات مفتوحة. ومع ذلك أمرت السلطات بإخلاء المناطق شمال نهر فاتناجوكول الجليدي وسط مخاوف من أن يتسبب ثوران بركاني في ذوبان النهر الجليدي ومن ثم وقوع فيضان ضخم.
وإضافة إلى الفيضان، يمكن أن يتسبب الرماد البركاني المحتمل انبعاثه حال ثوران البركان في تعطيل حركة الملاحة الجوية في مناطق واسعة من أوروبا، وهو ما يتوقف على الرياح والأحوال الجوية.
وكان حدوث ثوران بركاني عام 2010 تحت جبل يوجافجالاجوكول الجليدي قد أدى إلى تعطيل الملاحة الجوية لعدة أسابيع. كما تأثرت حركة السياحة في أيسلندا التي يوجد بها نحو 30 بركانا نشطا.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)