تحديات دولية بحلول عربية في المنتدى الاقتصادي العالمي بالأردن

شعار المنتدى في مكان انعقاده بالبحر الميت أمس (إ.ب.أ)
شعار المنتدى في مكان انعقاده بالبحر الميت أمس (إ.ب.أ)
TT

تحديات دولية بحلول عربية في المنتدى الاقتصادي العالمي بالأردن

شعار المنتدى في مكان انعقاده بالبحر الميت أمس (إ.ب.أ)
شعار المنتدى في مكان انعقاده بالبحر الميت أمس (إ.ب.أ)

لا تُفرّق وتيرة التطورات التكنولوجية شديدة السرعة بين ثلوج دافوس ودفء شمس البحر الميت، فالتحديات الاقتصادية والتقنية والمالية والاجتماعية التي ترافق الثورة الصناعية الرابعة تختبر دول العالم جميعها، وإن كان وقعها أقسى على دول الشرق الأوسط التي تعاني من أزمات سياسية وأمنية خلفت ملايين اللاجئين والنازحين ودماراً بالمليارات.
يطرح المنتدى الاقتصادي العالمي، في دورته العاشرة الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في البحر الميت، هذه التحديات العالمية، ويبحث عن حلول عربية مشتركة تحت عنوان «بناء منصات تعاون جديدة».
ويطلق العاهل الأردني عبد الله الثاني، صباح اليوم، فعاليات المنتدى التي تستمر يومين بمشاركة نحو 1000 قائد حكومات وسياسيين ومستثمرين وفاعلين اقتصاديين، ومن المجتمع المدني، من 50 دولة. كما سيلقي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس النيجيري محمد بخاري كلمتين في اليوم الأول من أعمال المنتدى.
وأوضح ميرك دوشيك، نائب رئيس قسم الأجندات الجيوسياسية والإقليمية ورئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنتدى الاقتصادي العالمي، أن المشاركين سيبحثون 5 منصات تعاون أساسية، هي النماذج الاقتصادية والاجتماعية الجديدة، والثورة الصناعية الرابعة، وريادة الأعمال والابتكار، والإشراف البيئي، والسلام والمصالحة.
ويقول دوشيك، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن أحد اهتمامات المنتدى الرئيسية تتجلى في «تمكين الدول من المشاركة في مواكبة عصرنا التكنولوجي بشكل استباقي، يتيح تحقيق نتائج اجتماعية واقتصادية وسياسية إيجابية»، مضيفاً: «لهذا السبب، عمل المنتدى خلال السنوات القليلة الماضية من خلال مجلس أعمالنا الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع قادة القطاع الخاص لإعداد الشباب لوظائف المستقبل. وتلقّينا التزامات من الشركات بإعادة تأهيل وتحديث مهارات أكثر من مليون شخص». وأكّد دوشيك أنه تم تدريب نصف هذا العدد حتى اليوم. وأشار الرئيس الإقليمي إلى أن المنتدى أطلق مهمة عمل رائدة حول مستقبل المهارات مع سلطنة عمان، آملاً في أن تصبح نموذجاً للتحالفات العامة والخاصة في المنطقة.
واعتبر دوشيك أن المنطقة تتمتع بفرص جيدة للمساهمة في رسم مستقبل الثورة الصناعية الرابعة، قائلاً إنه «فيما يتعلق بالحوكمة، فإن المنتدى يعمل مع البحرين والإمارات على مشروعات تدفق البيانات عبر الحدود وبروتوكولات البيانات الوطنية، على التوالي». وتابع: «افتتحنا مؤخراً أول مركز تابع للثورة الصناعية الرابعة في دبي. هذه المبادرات هي سبب للتفاؤل بأن المنطقة يمكن أن تساهم في تشكيل مستقبل الثورة الصناعية الرابعة».
إلى ذلك، أكد دوشيك: «نحن فخورون بالعمل مع مختلف أصحاب المصالح في المملكة العربية السعودية بشأن قضية الثورة الصناعية الرابعة، وما تعنيه عملياً ليس فقط بالنسبة للبلاد، بل للمنطقة ككل». وأضاف: «نحن نبحث حالياً في عدد من مجالات التعاون مع السعودية، نظراً للطبيعة الشاملة لجهود الإصلاح الجارية حالياً في المملكة».
وقد وقّعت السعودية والمنتدى الاقتصادي العالمي في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي بدافوس السويسرية، مذكرة تفاهم تهدف إلى وضع إطار للتعاون في جوانب متعددة، مثل إنشاء مركز المنتدى للثورة الصناعية الرابعة في المملكة، وغيرها من المجالات ذات الأهمية على المستوى العالمي.
وتركز مذكرة التفاهم على التعاون فـي الشراكات بـين القطاعين العام والخاص، وكذلك المبادرات الرئيسية، التي تشمل مستقبل الطاقة والصحة والرعاية الصحية والنظم المالية والنقدية وغيرها من المجالات الأخرى، كما ذكرت وكالة الأنباء السعودية.
على صعيد متصل، توقف دوشيك عند أهمية القطاع الخاص في معالجة أبرز التحديات التي يواجهها العالم العربي، مثل ارتفاع معدل تشغيل الشباب وقلة تمثيل النساء في القوة العاملة. ويرى الرئيس الإقليمي أن الشركات الناشئة على وجه الخصوص هي في وضع يؤهلها لدفع التغيير الإيجابي في هذه المجالات، لأنها تساعد موظفيها على اكتساب المهارات ذاتها حول التكنولوجيا والتفكير النقدي التي ستكون مطلوبة لتحقيق النمو في إطار الثورة الصناعية الرابعة.
وتابع الرئيس الإقليمي أنه لهذا السبب، اختار «المنتدى الاقتصادي العالمي، بالتعاون مع مجلس البحرين للتنمية الاقتصادية، 100 شركة عربية ناشئة - من بين 400 متقدم - للمشاركة في القمة». وتمثل الشركات الناشئة 16 دولة وعدداً من القطاعات، التي تشمل التعليم والطاقة والبيئة والقطاع المالي والصحة والإعلام. وأشار دوشيك إلى أن المنتدى «أنشأ برنامجاً مخصصاً لهذه الشركات، يتيح لهم مناقشة مستقبل صناعاتهم مع أعضاء الحكومات والمديرين التنفيذيين من الشركات الأكثر رسوخاً».
ولم يغب عن دوشيك الإشارة إلى الجلسات الخاصة ببحث حلول للأزمات السياسية التي تواجهها المنطقة، وقال: «للأسف، فإن المنطقة هي موطن لتوترات استمرت طويلاً، وأخرت نموها ولفترة طويلة من جراء الصراع. يلتزم المنتدى ببناء منصات للحوار، تبحث القضايا الحرجة مثل مستقبل العراق وسوريا، والعلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين ومعاناة اللاجئين».


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.