«مدى» يعرض 28 لوحة زيتية للفنان السعودي يوسف جاها

يركز فيها على معادلة تجعل الإنسان والطبيعة مساويين للفن

الفنان يوسف جاها يشرح أحد أعماله لزوار المعرض
الفنان يوسف جاها يشرح أحد أعماله لزوار المعرض
TT

«مدى» يعرض 28 لوحة زيتية للفنان السعودي يوسف جاها

الفنان يوسف جاها يشرح أحد أعماله لزوار المعرض
الفنان يوسف جاها يشرح أحد أعماله لزوار المعرض

تتوزع 28 لوحة زيتية على جنبات معرض «مدى» بالرياض، الذي يركز فيه الفنان التشكيلي السعودي يوسف جاها على المعادلة التي تجعل الإنسان والطبيعة مساوية للفن.
«مدى» هو المعرض السادس للتشكيلي جاها، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الفن التشكيلي واللوحات المسندة المنفذة بالألوان الزيتية تمر بفترة انتعاش، بفضل دعم السعودية لهذه الفنون».
ولفت إلى أن بعض أعماله تستغرق أشهراً وأعواماً، وتوجت بالوجود في متاحف دولية مثل المتحف الوطني الأردني، والمتحف البرازيلي، متطلعاً لعرض مزيد من لوحاته في المتاحف العالمية، والمشاركة في المحافل الدولية، لتمثيل بلده.
وأشار إلى أن طقوسه في الرسم تبدأ في صباح كل يوم، وتستغرق نحو 8 ساعات في مرسمه الخاص، مضيفاً أن الفنان التشكيلي يكون في غالب وقته منعزلاً عن المجتمع لممارسة هوايته.
ويعرض جاها جميع لوحاته في «مدى» للبيع، وبلغت قيمة أغلى لوحة باعها سابقاً 130 ألف ريال (34.6 ألف دولار) بحسب تأكيده.
وتطرق إلى أن «رؤية السعودية 2030» فتحت المجال أمام جميع الاتجاهات في فنون البصريات والفن التشكيلي، وتتيح للفنان مواصلة أعماله دون توقف، مشدداً على أن الفن التشكيلي والمعارض التشكيلية فرصة للمهتمين للاستنارة والاستزادة في هذا المجال.
وشهد «مدى» حضور مهتمين بالفنون البصرية والفن التشكيلي من مختلف الجنسيات، لرؤية الأعمال الفنية التي قدمها الفنان جاها في معرضه، الذي يفتح أبوابه حتى منتصف مايو (أيار) المقبل.
ويعد يوسف جاها من الرعيل الأول في الحركة التشكيلية السعودية، وحاز على درجة البكالوريوس في التربية الفنية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1983. وأقام أول معارضه الشخصية بجدة في 1987 وتوالت معارضه الشخصية بعد ذلك، وشارك في معظم المعارض التي أقامتها الجمعية السعودية للثقافة والفنون، وفي معارض دولية مثل معرض الفن الإسلامي في تركيا 1993، ومعرض Edge of Arabia في لندن 2008.
وحاز جاها على كثير من الجوائز، أبرزها جائزة السعفة الذهبية في المعرض الدوري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي، وجائزة الدانة من الكويت في 1995.
وتدعم استراتيجية وزارة الثقافة، التي أعلنت عنها مؤخراً، الفنون البصرية والفنون التشكيلية، كأحد القطاعات الثقافية الـ16، إضافة إلى 27 مبادرة ثقافية تهدف إلى تقدير المواهب ورعايتها وتمكين المشهد الثقافي في السعودية والإسهام في تعزيز مكانة السعودية دولياً في الجانب الثقافي؛ حيث أطلقت السعودية في فبراير (شباط) الماضي جائزة «الأمير محمد بن سلمان» للتعاون الثقافي بين السعودية والصين الشعبية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».