الكرملين يؤكد استعداد بوتين لمناقشة خطة نتنياهو في سوريا

قمة روسية ـ تركية الاثنين تسبق اتصالات لموسكو مع طهران ودمشق

الرئيس الروسي مستقبلاً نتنياهو في موسكو في صورة تعود إلى فبراير الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي مستقبلاً نتنياهو في موسكو في صورة تعود إلى فبراير الماضي (إ.ب.أ)
TT

الكرملين يؤكد استعداد بوتين لمناقشة خطة نتنياهو في سوريا

الرئيس الروسي مستقبلاً نتنياهو في موسكو في صورة تعود إلى فبراير الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي مستقبلاً نتنياهو في موسكو في صورة تعود إلى فبراير الماضي (إ.ب.أ)

تفتح موسكو اليوم، وهي تستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على جولة من النقاشات المكثفة في الشأن السوري، التي تستمر خلال الأسبوع المقبل كله، وينتظر أن تكون حاسمة في عدد من الملفات العالقة، كونها تشمل اتصالات مع كل الأطراف المنخرطة بشكل مباشر في هذه الأزمة.
ومع تمهيد الكرملين للمحادثات مع نتنياهو بإعلان «استعداد روسيا لمناقشة الخطة الإسرائيلية للتسوية» تستعد روسيا لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الاثنين المقبل، في زيارة ينتظر أن تركز على ملفات معقدة، بينها الوضع في إدلب، وخطة إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، في حين أعلن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أن حوارات موسعة ستجري خلال أيام مع كل من دمشق وطهران وأنقرة، لحسم ملف تشكيل اللجنة الدستورية.
وأبدت موسكو مرونة أمس، في التعامل مع مقترحات إسرائيلية حول التسوية في سوريا، يمكن أن تعرض على الرئيس فلاديمير بوتين خلال لقائه اليوم مع نتنياهو. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «هذه زيارة عمل قصيرة. إذا قدم السيد نتنياهو خطة من نوع ما، فمن المؤكد أنها ستتم مناقشتها ودراستها».
وكان الكرملين قد أعلن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيقوم بزيارة عمل إلى العاصمة الروسية، يجري خلالها محادثات مع بوتين، حول الملفات الملحة في المنطقة. ورجحت وسائل إعلام أن يتركز البحث على آليات تعزيز التنسيق؛ خصوصاً في مجال الاتصالات العسكرية في سوريا، على خلفية الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع في حلب، وبروز التسريبات التي تحدثت عن «خطة إسرائيلية» لبلورة ملامح التسوية السياسية في المرحلة المقبلة.
ونفى الكرملين في وقت سابق تلقيه مبادرة أو أفكاراً من الجانب الإسرائيلي؛ لكن تأكيد بيسكوف الاستعداد لمناقشة الأفكار الإسرائيلية، عكس توجها روسياً إلى فتح قنوات الحوار مع تل أبيب حول الرؤية الإسرائيلية لشكل التسوية النهائية في سوريا، بما في ذلك في ملف انسحاب القوات الأجنبية من هذا البلد، وفقاً لمعطيات وسائل إعلام روسية، لمّحت إلى أن «موسكو باتت تشعر أكثر بأن التحركات الإسرائيلية الهادفة إلى تقليص الوجود الإيراني، تصب في مصلحة روسيا».
ولفتت صحيفة «كوميرسانت» الروسية، إلى أن بين أهداف نتنياهو لدفع الحوارات مع موسكو «تعزيز مواقعه داخلياً على خلفية التحضير للانتخابات»، ونقلت عن مصادر إسرائيلية أنه «لم يكن نتنياهو ليأتي إلى موسكو حالياً، لولا مراهنته على مفاوضات ناجحة تمنحه ورقة انتخابية مهمة». وزادت أنه «منذ بداية العملية العسكرية الروسية، غضت موسكو النظر عموماً عن تصرفات الإسرائيليين في السماء السورية. كان السؤال الأهم الذي يقلق روسيا هو أمن جيشها. وفي خريف عام 2015، اتفق البلدان على تشغيل الخط الساخن بينهما لتجنب الاشتباكات في سماء سوريا، في المناطق التي تهم الطرفين. وخلال الأسابيع الماضية نشّط الطرفان اتصالاتهما، لتحديث الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في ذلك الوقت وتوثيقها».
ونقلت الصحيفة عن خبراء إسرائيليين، أن «الهدف ليس توقيع وثيقة لتعزيز التنسيق العسكري؛ بل إدراك حقيقة موقف موسكو من إيران، ونتنياهو سيكون قادراً على تفسير الإعلان عن توافق في الآراء، بشأن آلية للتنسيق الأمني والعسكري كـ(ضوء أخضر) من موسكو لإسرائيل، كي تستمر في ضرباتها ضد سوريا».
إلى ذلك، أُعلن أمس، أن إردوغان سيزور العاصمة الروسية الاثنين المقبل، لإجراء محادثات مع بوتين، وستكون هذه الزيارة الثالثة له منذ مطلع العام الحالي.
وبالإضافة إلى الملفات الثنائية التي يوليها الجانبان أهمية كبرى، وبينها موضوع تزويد تركيا بأنظمة صاروخية روسية متطورة من طراز «إس 400» وهو ما أثار حفيظة الولايات المتحدة بشدة؛ فإن التركيز الأكبر سوف ينصب - وفقاً لمعطيات متطابقة في موسكو وأنقرة - على الخطوات اللاحقة التي ينوي الطرفان اتخاذها في سوريا، وخصوصاً في منطقة إدلب. وكانت مصادر روسية قد قالت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، إن موسكو تتوقع من الجانب التركي حسم هذا الملف، فور انتهاء استحقاق الانتخابات المحلية في تركيا. وترجح الأوساط الروسية أن يطرح إردوغان ملف المنطقة الآمنة في الشمال، وأن يطلع الجانب الروسي على خطط أنقرة المحتملة للتحرك ضد القوات الكردية.
إلى جانب المناقشات مع الجانبين التركي والإسرائيلي التي تولي موسكو لها أهمية خاصة، بدا أن موسكو تستعد لإطلاق جولة اتصالات موسعة، حول ملف تشكيل اللجنة الدستورية، تشمل الحكومة السورية وإيران والمبعوث الدولي إلى سوريا، فضلاً عن تركيا.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن العمل على إطلاق اللجنة الدستورية السورية «ما زال مستمراً، وسوف يشهد نتائج قريباً»، وأوضح أن موسكو ستعقد لقاءات مع المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، وممثلي سوريا وإيران وتركيا في هذا الشأن.
وأوضح الدبلوماسي أن «الاتصالات مع بيدرسن بدأت بالفعل، وسنعقد لقاءات في الأيام المقبلة مع السوريين والإيرانيين والأتراك».
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد قال قبل أيام، في ختام محادثات مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الطرفين اتفقا «على الإسراع في تشكيل اللجنة الدستورية، بالتعاون مع زملائنا من الأمم المتحدة، وبالطبع عبر الاتصالات مع الحكومة السورية والمعارضة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».