القاهرة الخديوية تصارع من أجل البقاء

قصر سعيد حليم باشا (1896 - 1899) في شارع شامبليون وسط القاهرة (أ.ف.ب)
قصر سعيد حليم باشا (1896 - 1899) في شارع شامبليون وسط القاهرة (أ.ف.ب)
TT

القاهرة الخديوية تصارع من أجل البقاء

قصر سعيد حليم باشا (1896 - 1899) في شارع شامبليون وسط القاهرة (أ.ف.ب)
قصر سعيد حليم باشا (1896 - 1899) في شارع شامبليون وسط القاهرة (أ.ف.ب)

تعتبر «القاهرة الخديوية» بتراثها المعماري الثري والمتنوع، من مقاه ودور سينما ومسارح ومصارف ومحلات تجارية كبرى شاهدة على تاريخ مصر منذ أكثر من قرن، واليوم تصارع من أجل البقاء في وقت تنمو في الصحراء عاصمة إدارية جديدة.
ويطلق اسم «القاهرة الخديوية» على وسط العاصمة المصرية نسبة إلى مؤسسها الخديوي إسماعيل، الذي شيد فيها أول دار أوبرا في الشرق الأوسط لتستضيف حفل افتتاح قناة السويس عام 1869.
وتعاني «القاهرة الخديوية» مثل غيرها من أحياء العاصمة المصرية التي تتوسع كل يوم في كل الاتجاهات، من الإهمال منذ عقود. ولكنها تظل قبلة المصريين الذين يقصدونها حتى عندما يطالبون بتغيير سياسي، كما فعلوا في 2011 حين مكثوا 18 يوما في ميدان التحرير ولم يغادروه إلا عقب تنحي حسني مبارك بعد ثلاثين عاما على رأس السلطة.
وينقسم وسط القاهرة إلى ميادين (أو ساحات) تتفرع منها شوارع على شكل نجمة، إذ تمّ تخطيطها على الطراز «الهوسماني»، نسبة إلى جورج أوجين هوسمان، المهندس والسياسي الفرنسي الذي وضع مخطط باريس في القرن التاسع عشر.
وعلى الرغم من بعض الاهتمام الذي يحظى به وسط العاصمة من السلطات منذ سنوات، فإن هناك مخاوف من أن تمتد إليها العشوائية، خصوصا مع انتقال المؤسسات الكبرى إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
ويقول المؤرخ المعماري أحمد البنداري، إن وسط القاهرة يتضمن «تراثا معماريا شاهدا على تاريخ مصر المعاصر»، مشيرا إلى أن «الوزارات مثل وزارة الزراعة والصحة والتربية والتعليم موجودة في مبان تاريخية وقصور». ويتساءل: «ماذا سيكون مصير هذه القصور والمباني بعد انتقال الحكومة إلى العاصمة الجديدة؟».
ويضيف المؤرخ أن هناك علامة استفهام أخرى عن مصير تراث معماري آخر يتمثل في «القصور التي تستخدم حاليا سفارات في أحياء الزمالك وجاردن سيتي والمعادي».
ويقول: «أخشى أن تُدَمر المناطق التي توجد بها هذه السفارات لأنه أحيانا تحت اسم التطوير، يتمّ هدم أحياء بكاملها كما حدث مع منطقة بولاق أبو العلا ومثلث ماسبيرو» الواقعة بجوار مبنى التلفزيون الرسمي على النيل بالقرب من ميدان التحرير.
وتقول رئيسة إدارة تطوير القاهرة التاريخية في محافظة القاهرة ريهام عرام إنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن المباني الحكومية التي سيتم نقلها إلى العاصمة الجديدة. وتؤكد أن «المهم هو كيف نحافظ على المنطقة لكيلا تقع في العشوائية».
وتشير إلى أن اللجنة القومية لحماية وتطوير القاهرة الخديوية تدرس «كيفية الحفاظ على القاهرة الخديوية» عند الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
وتشير إلى أن مشروعا لتطوير القاهرة الخديوية بدأ في عام 2014، وتم بموجبه ترميم 350 بناية، «وإعادة صبّ الزخارف وإعادة طلاء المباني بالكامل باستخدام خامات مماثلة لتلك التي استخدمت في الأصل».
وبغرض المساهمة في الحفاظ على القاهرة الخديوية، أسست مجموعة من رجال الأعمال في عام 2008 شركة الإسماعيلية للاستثمارات العقارية.
ويقول رئيس مجلس إدارة الشركة كريم الشافعي: «وجدنا أن أفضل شيء للحفاظ على وسط القاهرة هو أن يكون هناك مردود اقتصادي، وتبين أن العقارات في وسط القاهرة أكثر من نصفها خال وأسعارها مناسبة ويمكن تطويرها وتحقيق عائد مادي من خلال إعادة استغلالها».
واشترت الشركة، وفق الشافعي، 32 بناية في القاهرة الخديوية. واشترت مبنى سينما راديو وقامت بتأجيره إلى المذيع التلفزيوني الساخر باسم يوسف لتصوير برنامجه الشهير فيها قبل أن يتوقف، ثم تمّ تأجيره لبرنامج ساخر آخر هو «أبلة فاهيتا»، غير أنه توقف أيضا.
ولدى الشركة رؤية تبدو طموحاً، ولكنها تحتاج إلى كثير من الإجراءات والموافقات الإدارية لتحقيقها.
ويقول الشافعي: «لو ذهبت إلى وسط المدينة في معظم بلدان العالم، فستجد أنها تخدم جميع الفئات وستجد مطاعم بأسعار متدنية وأخرى تقدم وجبات مرتفعة الثمن. ستجد رئيس مجلس إدارة شركة يستقل المترو إلى جوار موظف بسيط... ستجد محل لوي فويتون جنبا إلى جنب مع إيتش آند إم». ويضيف: «لكن وسط البلد في القاهرة أصبح طاردا لفئات كثيرة».
ويأمل الشافعي بأن تعود القاهرة لاجتذاب السياح وأن يجدوا فيها العلامات التجارية المصرية المتميزة التي لن يجدوها في مكان آخر، وخصوصا في مجال الحلي والملابس. ويشير إلى أن اللجنة تحتاج إلى تصاريح لفتح مطاعم «لم نحصل عليها بعد».
في الوقت الراهن، يتابع الشافعي: «نستثمر قدر الإمكان في الأنشطة الثقافية» من خلال الحفلات والمهرجانات، «ومن خلال الجولة التي تنظمها الشركة كل صباح يوم جمعة أسبوعيا لمن يريد من المصريين والأجانب التعرف على تاريخ مصر المعاصر من خلال تراثها المعماري». وتقترح أستاذة الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة سهير حواس من جانبها استغلال المباني الحكومية التي سيتم إخلاؤها كمتاحف ومراكز ثقافية.
وتقول حواس التي ألفت موسوعة مصورة عن القاهرة الخديوية: «نأمل بأن تكون هناك عين مسلطة على القاهرة التراثية جنبا إلى جنب مع إنشاء العاصمة الجديدة»، مشيرة إلى ما تتسم به القاهرة الخديوية من تنوع للطرز المعمارية ما بين «الكلاسيكية والفن الحديث».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.