«منتدى أفكار أبوظبي» يختتم فعالياته بمناقشة أبرز تحديات عالم اليوم

بمشاركة أبرز الشخصيات إبداعاً في عالم الابتكار وصناعة الأفكار

جانب من جلسات «منتدى أفكار أبوظبي» (الشرق الأوسط)
جانب من جلسات «منتدى أفكار أبوظبي» (الشرق الأوسط)
TT

«منتدى أفكار أبوظبي» يختتم فعالياته بمناقشة أبرز تحديات عالم اليوم

جانب من جلسات «منتدى أفكار أبوظبي» (الشرق الأوسط)
جانب من جلسات «منتدى أفكار أبوظبي» (الشرق الأوسط)

اختتمت فعاليات النسخة الثالثة من منتدى «أفكار أبوظبي 2019»، الذي استضافته العاصمة الإماراتية، والذي شهد مشاركة كبيرة لأبرز الكفاءات الإماراتية والعالمية، وكوكبة من صنّاع القرار، وأبرز الشخصيات إبداعاً في عالم الابتكار وصناعة الأفكار، التي ناقشت على مدى ثلاثة أيام أهم التحديات التي يواجهها العالم اليوم، وأبرز الأفكار التي تسهم في تغيير عالمنا إلى الأفضل.
وافتتح أعمال اليوم الأول من المنتدى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتي، حيث جرت مناقشة التحدي الأول تحت عنوان «من النظام العالمي الجديد إلى لا شيء؟ التطور والأزمات في العلاقات الدولية». ودارت الحوارات حول التحديات التي تواجه النظام العالمي الحالي، بمشاركة الكثير من الشخصيات المؤثرة في عالم اليوم، من بينهم الدكتور أنور محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، وغوردن براون، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وماتيو رنزي، رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق. وأتاحت هذه الجلسات فرصة لتبادل الآراء التي تمحورت حول حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتغليب فكرة التعاون على مبدأ الحماية، وأهمية تشجيع المبادرات التعليمية لمكافحة الشعبوية.
أما جلسات التحدي الثاني، فأقيمت تحت عنوان «الدماغ: إماطة اللثام عن الغموض»، وقاد حواراتها متحدثون بارزون، من بينهم الدكتورة ماري لو جيبسن، المؤسّسة والرئيسة التنفيذية لشركة «أوبن ووتر»، ودانيال تاميت، زميل الجمعية الملكية للفنون بلندن. وسلطت الجلسات الضوء على القوى الاستثنائية الكامنة للدماغ البشري، وإمكانية تطوير صور عالية الجودة ومنخفضة التكلفة للنظام العصبي، بالإضافة إلى مناقشة إمكانية دمج قدرات الدماغ مع الذكاء الاصطناعي.
وخلال ثاني أيام منتدى أفكار أبوظبي، تمت مناقشة التحدي الثالث تحت عنوان «الفضاء الإلكتروني: هل أصبح ساحة الحرب الجديدة؟»، وتم خلاله استعراض الفرص والتحديات الناتجة من النمو الهائل في عالم الاتصال بالإنترنت، وذلك بمشاركة كيفن متنيك، أشهر مخترق أنظمة في العالم، وتوماس إيلفز، رئيس إستونيا السابق، وبيستي كوبر، مديرة السياسة في معهد أسبن، والأدميرال مايك روجرز، المدير السابق لوكالة الأمن الوطني الأميركية. وناقشت الجلسات القضايا الأخلاقية حول آلات التحكم الذاتي، ونقاط الضعف السيبرانية ومخاطرها على الأمن القومي للدول.
واختتمت فعاليات المنتدى بعقد جلسات التحدي الرابع، التي حملت عنوان «أسرع وأبعد للجميع؟ مستقبل النقل والمواصلات»، وشهدت مشاركة مجموعة من خبراء النقل، من بينهم أمين طوفاني، الرئيس التنفيذي لشركة «تي لابس» ورئيس قسم المالية والاقتصاد في جامعة «سينغولاريتي»، وفيك كاشوريا، الرئيس التنفيذي لشركة «سبايك إيروسبيس» لصناعة الطائرات، بالإضافة إلى جلسة قادت حواراتها لوسي هوكينغ، الكاتبة والمؤلفة وابنة العالم الراحل ستيفن هوكينغ، التي قدمت أفكارها حول التقنيات المتطورة، ومن بينها الهايبرلووب، مع لمحات حول التجارب المتعمقة التي خضاها والدها حول الثقوب السوداء.
وضمن برنامج الزمالة الخاص بأفكار أبوظبي، والملقب بـ«برنامج الزملاء الاستثنائيين»، شهدت جلسات المنتدى مشاركة 10 من قادة المستقبل الإماراتيين، الذين تركزت مشاركتهم حول تشجيع الشباب وتفعيل دورهم في صياغة شكل المستقبل، وقد تم منحهم إمكانية حضور جميع جلسات المنتدى.
وعلى مدار يومين، استقبل منتدى أفكار أبوظبي الجمهور بفعاليات مهرجانية وأنشطة تفاعلية، من بينها سباق للسيارات يتم التحكم فيها بواسطة إشارات المخ، وورش عمل الفن الياباني لقص الورق، وجدار جرافيتي رقمي. كما أتيحت للزوار فرصة حضور مجموعة متنوعة من الجلسات الحوارية، التي قاد حواراتها آنتوني غيفين، المخرج الحائز جائزة الأوسكار. كما شهد البرنامج الجماهيري إقامة حفلات موسيقية، أحياها النجم دانيال صايغ الحائز على لقب برنامج «أربس جوت تالنت»، وعازف العود أحمد الشيبة، والمايسترو الأردنية دينا رابادي، والفنان الخليجي عيسى المرزوق.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».