12 يوماً من الاحتفالات برأس السنة البابلية

آلاف يحيون المناسبة التاريخية في العراق وتركيا وسوريا

الاحتفال برأس السنة البابلية
الاحتفال برأس السنة البابلية
TT

12 يوماً من الاحتفالات برأس السنة البابلية

الاحتفال برأس السنة البابلية
الاحتفال برأس السنة البابلية

يبدي الأشوريون والكلدان والسريان السوريون الكثير من الامتعاض، من شيوع تسمية يوم الأول من شهر أبريل (نيسان) بعيد الكذب، لأن اليوم الأول من «نيسان» هو عيد رأس السنة البابلية ويحتفلون به في العراق وتركيا والجزيرة السورية، وفق طقوس خاصة تمتد لاثني عشر يوما.
وبهذه المناسبة أصدرت (المنظمة الآثورية الديمقراطية) بياناً، يوم أمس الاثنين، دعت فيه إلى «إنهاء الحرب واستعادة السلام والاستقرار، عبر الوصول إلى حلٍّ سياسي تفاوضي، تحت رعاية الأمم المتحدة»، كما شهدت الحسكة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية يوم أمس احتفالا للسريان بعيد (أكيتو) بحضور رسمي لممثلين عن الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية والقيادات العسكرية والمدنية هناك.
وبينما يحتار كثير من السوريين في تأليف أكاذيب مبتكرة تستخدم للدعابة مع الأصدقاء والمقربين لاختراع مواقف ضاحكة، احتفالا بعيد الكذب كمناسبة شعبية طريفة، ويقال إن أصل اعتبار الأول من «نيسان» عيد الكذب يعود إلى تخصيص يوم باحتفالات (أكيتو) للمجانين، بينما الشائع نسب يوم الكذب للغرب، عندما تم اعتماد التقويم الغربي في تحديد رأس السنة ونقل من الأول من «نيسان» إلى الأول من «كانون الثاني»، وصار يطلق (أحمق نيسان- April fool) على كل من ينسى أن موعد رأس السنة قد تم نقله.
ورغم الحجب واصل مسيحيو منطقة الجزيرة السورية (الحسكة والقامشلي) شمال شرقي سوريا، الاحتفال بعيد (أكيتو) يوم الأرض أو رأس السنة و(أكيتو بريخو) رأس سنة مبارك، فإنه مع كل عام يتجدد الجدل حول هذا العيد الذي يجهله غالبية السوريين من الأطياف الأخرى وحتى من المسيحيين السوريين العرب، فخلال خمسين عاما من حكم حزب البعث تم حجب الاحتفالات الخاصة بالأقليات القومية والدينية، وذلك ضمن تجاهل التاريخ التعددي لشعوب المنطقة، فقد تم حجب عيد «الرابع» الذي يحتفل به العلويون في الساحل السوري، وعيد «الحلوة» لدى الطائفة المرشدية، وهما يعدان امتدادا لعيدي النيروز وعيد أكيتو من حيث العلاقة مع الطبيعة. كما تم منع الاحتفال بالنيروز (رأس السنة) الشرقية في الأماكن العامة والحدائق، الذي يحتفل به الأكراد بالخروج إلى الطبيعة والغناء والرقص وإشعال النار، إلى أن قويت شوكة الحركات السياسية الكردية وحولت الاحتفال بهذا العيد إلى جزء من الدفاع عن الهوية، يجري التعريف به عبر وسائل الإعلام، وعلى الخطى ذاتها بدأت الحركات السياسية والتجمعات الأهلية الآشورية والكلدانية والسريانية تطالب بالكف عن اعتبار الأول من «نيسان» عيد الكذب، مع بذل جهود إعلامية للتعريف بهذا العيد الذي يعتبر أقدم الأعياد الشرقية في المنطقة، رغم الاختلاف على رقم العام. ويؤكد ريمون وهو آشوري ينحدر من الحسكة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذا العام هو (6769) المقابل العام 2019 الميلادي، وأنه عيد رأس السنة الشرقي الحقيقي، لأنه مرتبط بدورة الطبيعة، فهو يتزامن مع يوم الانقلاب الربيعي، وبزوغ سنابل القمح الخضراء من التربة الرطبة بعد موسم الشتاء والأمطار، وإعلان بدء حياة جديدة، وهو ما تعبر عنه أسطورة «انتشال عشتار لزوجها تموز من الموت» وعشتار «ربة الينبوع والخصب في الميثولوجيا السورية» وهي في الموروث الشعبي (أم الزلف) التي لا يزال الريفيون يتغنون بها، (عالعين يا أم الزلف وزلفا يا موليا) فكلمة «زلف» بالسريانية تعني الثوب المزركش وكلمة «موليا» تعني: الوفرة والخير.
ويضيف ريمون: «هناك من يقول إن السوريين القدماء احتفلوا بعيد رأس السنة قبل الفراعنة بخمسمائة عام، وقبل احتفال الغرب برأس السنة الميلادية بـ4750 سنة، وقبل أن يحتفل المسلمون برأس السنة الهجرية بـ5330 سنة»، إلا أن ريمون يستدرك لافتا إلى أن تلك التواريخ قد تكون غير موثقة، لأن هناك من يؤكد غياب مصدر تاريخي موثوق يؤكد صحة تقويم (6769) الذي انتشر في السنوات الأخيرة، لأن أقدم تاريخ لذكر عيد (أكيتو) ورد في لوح اقتصادي من (أور) في العراق ويعود إلى تاريخ 2400 ق. م، إذ إن مدينة أور أول مدينة تحتفل به ومنه انطلق لباقي المدن القديمة. الأكادية والبابلية والآشورية والآرامية. وأيا كان اختلاف الآراء فثمة إجماع على أن هذا العيد البابلي يعتبر أقدم عيد مسجل في تاريخ المنطقة.
الباقون من الأشوريين والكلدان والسريان في منطقة الجزيرة السورية، ويقدرون ببضعة آلاف، يحيون الاحتفالات بعيد (أكيتو) كل عام، ويتبادلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور لاحتفالاتهم في الوطن ودول المنافي، لا سيما السويد التي تحتضن العدد الأكبر منهم، بعد تزايد هجرتهم خلال العقد الأخير لتبلغ ذروتها خلال الحرب، وتتضمن الاحتفالات مسيرة بنفسجية يتم فيها رفع إعلام الطوائف والرايات البنفسجية، ضمن حفلات غنائية خاصة بالعيد تتغنى بالخصب والزراعة والقمح، وتبلغ ذروتها في الأول من «نيسان»، وتمتد حتى العاشر من «نيسان»، تخصص، الأيام الأربعة الأولى منها لرفع الصلوات ونحر الأضاحي وقراءة قصة الخلق البابلية «إينوما إيليش»، وتقديم مسرحيات تروي الحكايات القديمة، ويحرم خلال أيام الاحتفالات تأنيب الأطفال ومعاقبة العمال والقيام بالأعمال اليومية وعقد المحاكم.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
رياضة سعودية السباق سيقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات (واس)

«مهرجان الإبل»: تأهب لانطلاق ماراثون هجن السيدات

تشهد سباقات الهجن على «ميدان الملك عبد العزيز» بالصياهد في الرياض، الجمعة المقبل، ماراثوناً نسائياً يُقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات.

«الشرق الأوسط» (الصياهد (الرياض))
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
رياضة سعودية إقامة شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة بهذا الموروث العريق (واس)

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

شهد مهرجان الملك عبد العزيز للصقور 2024؛ الذي ينظمه نادي الصقور السعودي، الجمعة، بمقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، جوائز تتجاوز قيمتها 36 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (ملهم (الرياض))
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.