عبد الله الثاني وماكرون بحثا تعزيز التعاون الأمني ومحاربة الإرهاب

عبد الله الثاني وماكرون  بحثا تعزيز التعاون الأمني ومحاربة الإرهاب
TT

عبد الله الثاني وماكرون بحثا تعزيز التعاون الأمني ومحاربة الإرهاب

عبد الله الثاني وماكرون  بحثا تعزيز التعاون الأمني ومحاربة الإرهاب

استحوذت قضايا الشرق الأوسط المتداخلة والمعقدة على الاجتماع الذي عقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وملك الأردن عبد الله الثاني في قصر الإليزيه مساء الجمعة، الذي جاء قبل يومين من القمة العربية الـ30 في تونس. ووفق مصادر رسمية في باريس، فإن أهمية اللقاء تنبع من «السياق العام» الذي جرت فيه، كالتطورات الحاصلة في الإقليم (سوريا، إسرائيل...) أو بسبب القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأميركي والتي يرى الجانب الفرنسي أنها «تزيد الأمور تعقيداً». وتضيف هذه المصادر أن العاهل الأردني نقل إلى ماكرون «مخاوف» بلاده من التطورات الحاصلة وتأثيرها على الأردن. ويتميز المسار المشار إليه بـ4 أمور أساسية؛ الأول، القرار الأخير للرئيس الأميركي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل. والثاني، قرب إعلان الإدارة الأميركية عن «خطة السلام» التي تسمى أحياناً «صفقة القرن» وهواجس الأردن تجاهها. والثالث، طبيعة اللعبة السياسية المستجدة في إسرائيل وهيمنة اليمين المتطرف عليها وتراجع قبول حل الدولتين. والرابع، انتهاء الحرب المباشرة على «داعش» والضبابية التي تحيط بالمسار السوري.
جميع هذه المسائل تمت مناقشتها في اجتماع الإليزيه، ووفق البيان الرسمي الذي صدر منتصف ليل الجمعة/ السبت عن الاجتماع، فإن مواقف الرئيس ماكرون تعد «مطمئنة» للجانب الأردني. يضاف إلى ذلك أن الطرفين أبديا العزم على «تعزيز التعاون المشترك في الملف الأمني ومحاربة الإرهاب». جدير بالذكر أن باريس تشغل قاعدة جوية أردنية كانت تنطلق منها الطائرات الفرنسية لقصف مواقع «داعش» في سوريا والعراق في إطار التحالف الدولي. وجاءت لافتة الفقرة الواردة في البيان الرئيسي التي تفيد بأن الرئيس ماكرون «أعاد التذكير بأن فرنسا تقف إلى جانب الأردن من أجل مساعدته في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية المتسببة بها التحولات الحاصلة في جواره».
وفي الملف الفلسطيني، ذكّر الملك عبد الله الثاني بمواقف الأردن التقليدية بشأن طبيعة الحل السياسي. بيد أن الأهم من ذلك كان تحذيره من «الإجراءات الإسرائيلية الاستفزازية» في القدس التي «تعتبر مفتاح تحقيق السلام في المنطقة». وجاء في بيان صادر عن القصر الملكي أن العاهل الأردني شدد على «أهمية الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في الحرم القدسي الشريف/ المسجد الأقصى». وأضاف البيان أن الملك عبد الله الثاني «شدد على أن الأردن ومن منطلق الوصاية الهاشمية مستمر في تأدية دوره التاريخي والديني في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس».
ووجدت شواغل الأردن صدى في بيان الإليزيه الذي أشار إلى أن الرئيس ماكرون «أعلن أن وضع القدس لا يمكن فصله عن التسوية الشاملة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي»، ما يعني تجديد الرفض للقرار الأميركي الذي اعترف بكامل القدس عاصمة لإسرائيل، كما نقلت واشنطن سفارتها إلى القدس. كذلك، فإن هذه الفقرة من البيان تعكس مخاوف الأردن مما يمكن أن تأتي به الخطة الأميركية. وسبق لملك الأردن أن قال علناً إن بلاده «تتعرض لضغوط» بسبب القدس وبسبب التوطين. وفي هذا السياق، أفاد البيان الفرنسي بأن ماكرون والملك عبد الله الثاني «عبرا عن قلقهما فيما خص ساحة الأقصى لتزايد التوتر بين إسرائيل وفلسطين». وغاب وضع غزة عن البيانين الفرنسي والأردني. بيد أن الملاحظ أن باريس، منذ مجيء ماكرون إلى السلطة قبل عامين، لم تقم بأي مبادرة في هذا الملف. وبحسب مصادر فرنسية رسمية، فإن «فسحة التحرك» بالنسبة لباريس «غير موجودة» بين إدارة أميركية متحيزة تماماً لإسرائيل وحكومة إسرائيلية «لا تعير الانتباه إلا لما يأتي من واشنطن».
وفي الملف السوري، فإن بيان الإليزيه حمل عدة رسائل؛ أولاها رفض فرنسا تطبيع علاقاتها مع النظام السوري «من غير حصول تقدم في المسار السياسي يشمل كل الأطراف». وأكثر من ذلك، فإن باريس ترى، وفق ماكرون، أن أي تطبيع مع النظام من غير توافر هذا الشرط «يعني نسف أي أفق للسلام في سوريا، وبالتالي غياب فرصة العودة الآمنة والطوعية» للاجئين السوريين. وينسحب ذلك أيضاً على محاربة الإرهاب ومنع ظهور «داعش» أو أي تنظيم متفرع عنه مجدداً، وبالتالي فإن الحل السياسي هو «الوسيلة الوحيدة لإطفاء بؤرة النزاع التي تتسبب في ضرب الاستقرار بالنسبة للمنطقة وأوروبا». وفي موضوع الجولان، اعتبر ماكرون الذي عبّر عن رأيه مباشرة للمرة الأولى، أن الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل عليه «مخالف للقانون الدولي ولن ينتج عنه سوى تأجيج النزاعات الإقليمية» باعتبار أن الجولان «أرض محتلة». وعبّر الطرفان الفرنسي والأردني عن عزمهما على «العمل معاً» من أجل الاستقرار والازدهار في المنطقة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.