واشنطن تتجه إلى مزيد من العقوبات على طهران ووقف إعفاءات النفط الإيراني

انتهاء مهلة الستة أشهر للدول الثماني بحلول مايو مع تشدد صقور الإدارة للوصول إلى صفر لصادراتها النفطية

الرئيس الأميركي ومستشار الأمن القومي ووزير الخزانة يستمعون لخطاب خروج ترمب من الاتفاق النووي في مايو الماضي (رويترز)
الرئيس الأميركي ومستشار الأمن القومي ووزير الخزانة يستمعون لخطاب خروج ترمب من الاتفاق النووي في مايو الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتجه إلى مزيد من العقوبات على طهران ووقف إعفاءات النفط الإيراني

الرئيس الأميركي ومستشار الأمن القومي ووزير الخزانة يستمعون لخطاب خروج ترمب من الاتفاق النووي في مايو الماضي (رويترز)
الرئيس الأميركي ومستشار الأمن القومي ووزير الخزانة يستمعون لخطاب خروج ترمب من الاتفاق النووي في مايو الماضي (رويترز)

كشفت مصادر بالخارجية الأميركية عن احتمال فرض إدارة دونالد ترمب مزيدا من العقوبات على طهران مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لخروج الولايات المتحدة من صفقة الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والقوى العالمية مع طهران عام 2015.
وتوقعت المصادر أن يتم إلغاء كافة الإعفاءات التي منحتها إدارة ترمب لثماني دول لاستيراد النفط الإيراني مع انتهاء المهلة الممنوحة للإعفاءات بحلول مايو (أيار) المقبل.
وكان المبعوث الأميركي الخاص بإيران برايان هوك صرح في هذا الصدد بأن واشنطن لا تنظر في منح إعفاءات نفطية جديدة ونقلت شبكة «صوت أميركا» عن هوك قوله: «لقد اضطررنا لمنح ثماني دول إعفاءات لتجنب صدمة في أسواق النفط العالمية تؤدي إلى زيادة هائلة في أسعار النفط وقد نجحنا في منع مليون نصف برميل من النفط الإيراني من النفاذ إلى السوق دون زيادة في أسعار النفط وسيكون عام 2019 سوقا أفضل في إمدادات النفط العالمية» وأضاف استنادا على آراء الخبراء أن «المعروض سيكون أكبر من الطلب وهذا يعطينا ظروفا أفضل لتسريع الطريق إلى صفر من الصادرات النفطية الإيرانية».
ولفت هوك إلى أن العقوبات الجديدة التي أعلنتها الخزانة الأميركية الثلاثاء الماضي، بـ«فرض عقوبات على شركات لها علاقة بالحرس الثوري الإيراني هامة للغاية». وأوضح أن «إدراج الحرس الثوري وبنك الأنصار ووزارة الدفاع الإيرانية على قائمة العقوبات لأنها استخدمت شركات كواجهة لإخفاء هويتهم الحقيقية، للحصول على ما يقارب مليار دولار لتمويل عمليات الحرس الثوري». وشدد في الوقت نفسه على أن الشعب الإيراني «يعرف أن الرئيس حسن روحاني هو السبب في المشاكل الاقتصادية».
ومع اقتراب شهر مايو تنتهي مهلة الستة أشهر التي منحتها الإدارة الأميركية لبعض الدول للاستمرار في استيراد النفط الإيراني. وقد منحت إدارة ترمب ثماني دول (هي الصين والهند واليابان وتركيا وإيطاليا واليونان وكوريا الجنوبية وتايوان) استثناء من العقوبات التي فرضتها على استيراد النفط الإيراني في إطار حملة الضغط الأميركي للوصول بتصدير النفط الإيراني إلى الصفر.
وقد أعلن ترمب في مايو 2018 خروج بلاده من الاتفاق وبعد عدة أشهر أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عقوبات على استيراد النفط الإيراني لكن بعد ارتفاع في أسعار النفط في الأسواق العالمية أعلنت الإدارة الأميركية منح بعض الدول من مستوردي النفط الإيراني إعفاءات لمدة ستة أشهر لشراء كميات محدودة من النفط الإيراني للحفاظ على استقرار الأسعار في الأسواق.
ورغم عدم رضاء عدد من الصقور المتشددين عن قرار تقديم إعفاءات للدول الثماني إلا أن الأزمة في فنزويلا وإنتاج النفط المتراجع بالفعل مع توقيع عقوبات أميركية على النفط الفنزويلي أدت إلى مستوى آخر من التعقيد في أسواق النفط وفي توجهات الإدارة الأميركية حول حجم ومقدار النهج المتشدد الذي تتخذه.
وقد أدت بالفعل العقوبات الأميركية على النفط الإيراني إلى هبوط حاد في عائدات النفط. وبحلول الأسبوع الأول من مايو سيكون على الإدارة الأميركية أن تقرر ما إذا كانت ستصدر إعفاءات جديدة أم لا، حيث تسعى كل من الصين والهند – أكبر مستوردي النفط الإيراني - إلى تمديد الإعفاءات الأميركية.
ويقود جون بولتون فريقا قويا من المعارضين لتمديد الإعفاءات ويتشارك معه كل من وزير الطاقة الأميركي ريك بيري ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأنه آن الأوان للدفع بصادرات النفط الإيرانية إلى الصفر. ويساند هذا الاتجاه عدد من الصقور المتشددين داخل الكونغرس الأميركي بمن فيهم السيناتور الجمهوري ماركو روبيو والسيناتور الجمهوري توم كوتون اللذان طالبا إدارة ترمب بعدم منح مزيد من التنازلات وعدم تمديد الإعفاءات وشدد السيناتور توم كوتون أن النظام الإيراني يستخدم عائدات تصدير النفط في تمويل الإرهاب وزرع الفوضى في جميع أنحاء المنطقة ولذا فإن الكمية المناسبة من صادرات النفط الإيراني هي صفر.
ويرى السيناتور الجمهوري جيمس ريش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أنه لا يوجد مبرر لمنح تمديد للإعفاءات خاصة مع زيادة ضخ المعروض من كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ويوم الاثنين الماضي بعد الاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أجرى الرئيس دونالد ترمب اجتماعا مع فريق الأمن القومي لمناقشة ما إذا كان يمكن تمديد الإعفاء لبعض الدول في الاستمرار في شراء النفط الإيراني بعد انتهاء المهلة الأميركية للتنازل عن العقوبات بحلول مايو المقبل. وشارك في تلك النقاشات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إضافة إلى مستشاري الرئيس بالمجلس.
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن النقاشات ركزت على أولويات التعامل مع النظام الإيراني فبينما يريد الرئيس ترمب أن يستمر في حملة ممارسة أقصى ضغط على إيران يشدد وزير الخارجية بومبيو على أن تلبي طهران مطالب واشنطن الاثني عشر مطلبا التي أعلنها في السابق ومنها إنهاء اختبارات الصواريخ الباليستية ووقف دعم حزب الله في لبنان والميليشيات الحوثية في اليمن، ويتمسك مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون بموقف أكثر صرامة ضد إيران.
وأيد لاري كودلو كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس ترمب على أن أسعار النفط لا تزال منخفضة وفي حدود 59 دولارا للبرميل وحث على الإقدام على خطوة إسقاط الإعفاءات للدول المستوردة للنفط الإيراني مشيرا إلى أن إسقاط الإعفاءات لن يؤثر على أسعار النفط.
في المقابل، يبدي بعض مستشاري مجلس الأمن القومي الأميركي القلق من أن يؤدي الضغط على طهران إلى ارتفاع في أسعار النفط وما يمكن أن يؤدي رفع سعر البنزين من تأثيرات على الناخبين داخل الولايات المتحدة مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية 2020 كما يتخوف بعض مسؤولي الخارجية الأميركية من توتر العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة الذين سيشعرون بالضيق إذا لم يتم تمديد الإعفاءات.
وفي تفاصيل النقاشات حول الإعفاءات الممنوحة للدول مثل تركيا أرسل سفير الولايات المتحدة لدى الناتو كاي بيلي هتشيسون إلى الخارجية الأميركية رسالة يعارض فيها منح تركيا تمديد الإعفاء من استيراد النفط الإيراني وقال بأن هذا من شأنه أن يرسل رسالة خاطئة في الوقت الذي تدفع فيه الولايات المتحدة حلفاءها في حلف الناتو إلى قطع العلاقات مع إيران.
وتجري إدارة ترمب نقاشات مع دول الأوبك للسيطرة على تحركات إنتاج النفط بالتزامن أيضا مع الجهود لتقليص مبيعات النفط من فنزويلا في محاولة لممارسة ضغوط على نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
ويشير محللون إلى أنه يجب التوصل إلى حلول ما بين إلغاء الإعفاءات للدول الثماني وبين التفاعل مع أسواق النفط وتداعيات القرار والعلاقات مع الدول والنقاشات مع الدول الأعضاء في الأوبك وأيضا غير الأعضاء لضخ مزيد من المعروض النفطي إلى ما هو أبعد من المستويات الحالية.



خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
TT

خامنئي لصناع القرار الإيراني: لا تستمعوا لمطالب أميركا والصهاينة

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع ممثلين من أهل قم اليوم

أغلق المرشد الإيراني علي خامنئي الباب أمام المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة، بعدما أرسلت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان إشارات إلى إمكانية إنهاء القطيعة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى مهامه لولاية ثانية في البيت الأبيض.

ودعا خامنئي، الأربعاء، المسؤولين وصناع القرار في بلاده «ألا يأخذوا طلبات ومواقف أميركا والصهاينة بعين الاعتبار؛ لأنهم أعداء للشعب والجمهورية الإسلامية ويتمنون تدميرها».

وحذر من أنه «إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي مرحلة من مراحل اتخاذ القرار حول القضايا المختلفة إلى التوقعات غير المبررة من الأميركيين، أي مراعاة مصالحهم، فإنهم يكونون قد هددوا ديمقراطية البلاد وجمهوريتها».

والأسبوع الماضي، قال علي عبد العلي زاده، كبير مستشاري الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً الملف النووي الإيراني، مع بلوغ طهران مستويات متقدمة من تخصيب اليورانيوم القريب من مستوى إنتاج الأسلحة.

وقد بعثت إدارة ترمب المقبلة وطهران برسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، أم لا.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات التي أجرتها إدارة جو بايدن مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي، أم لا؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

ووصف خامنئي العقوبات التي أعاد فرضها ترمب في 2018 بـ«السياسات الخاطئة وغير المجدية»، لافتاً إلى أن «هدفها هو إجبار الاقتصاد الإيراني على الركوع، ولكن الشعب الإيراني حقق أكبر تقدم في مجالات العلم والتكنولوجيا خلال فترة العقوبات، وظهر الشباب الإيرانيون الجاهزون للعمل في مجالات متنوعة».

وأضاف: «بالطبع، تسببت العقوبات في أضرار للبلاد، ولكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسبهم فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار».

وقال إن «أحد مطالب الاستكبار، بمن في ذلك مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم في تصميم القضايا المختلفة».

ومن شأن هذه التصريحات أن تزيد ضغوط المحافظين ووسائل إعلامهم على الرئيس مسعود بزشكيان المدعوم من الإصلاحيين.

لكن خامنئي عبر عن ارتياحه لـ«المواقف الصريحة والحاسمة والشجاعة، لرئيس الجمهورية (مسعود بزشكيان) ضد الكيان الصهيوني ودعم أميركا لجرائمه»، وقال إن «هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب».

وقال خامنئي في بداية كلامه إنه موجه إلى «أولئك الذين يرتعبون من سياسات أميركا»، وذلك في خطاب سنوي تقليدي له أمام ممثلين من أهل قم، المعقل الأول لرجال الدين في البلاد، بمناسبة ذكرى مظاهرات دموية شهدتها المدينة قبل الإطاحة بنظام الشاه في 1979.

وأردف في السياق نفسه: «الذين يخافون من سياسات أميركا لا ينبغي أن يكونوا خائفين... على مدار عقود بعد الثورة، ارتكب الأميركيون أخطاء في حساباتهم فيما يتعلق بقضايا إيران، ويجب على الخائفين أن يعيروا اهتماماً كافياً لنقطة الضعف الأساسية والمستمرة في النظام الأميركي».

وقال خامنئي: «بعض الأشخاص يقولون: لماذا تتفاوضون وتتواصلون مع الأوروبيين ولا ترغبون في التواصل والتفاوض مع أميركا؟ أميركا كانت قد امتلكت هذا المكان، لكن تم انتزاعه من قبضتها؛ لذا فإن حقدها على البلاد والثورة هو حقد عميق! ولن تتخلى عنه بسهولة».

وأضاف: «أميركا فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل».

وطالب خامنئي بالتركيز على العمل الإعلامي والدعائي لمواجهة الولايات المتحدة. وقال: «اليوم، فهم الأميركيون جيداً أنه لا يمكنهم تحقيق أهدافهم باستخدام الأدوات العسكرية فقط»، وأشار إلى «زيادة الأميركيين للبرمجيات الدعائية».

وأشار خامنئي إلى الحرب في غزة، وكذلك اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، وقال: «انظروا إلى ما حدث في غزة، قتلوا هذا العدد الكبير من الناس؛ دبابات، مدافع، قنابل، رشاشات، طائرات مسيرة. قتلوا جميع العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على الحركة... وقاموا بتدمير العديد من العناصر، لكنهم لم يتمكنوا من تدمير (حزب الله)، ولن يستطيعوا ذلك. لذا يجب عليهم العمل عبر الوسائل الإعلامية الناعمة، يجب عليهم القيام بالدعاية».

وقال: «هذه نقطة مهمة لنا، نحن الشعب الإيراني. العمل الإعلامي الناعم هو اختلاق الأكاذيب لخلق فجوة بين الواقع وتصورات الرأي العام. أنتم تتقدمون بقوة لكنهم يروّجون أنكم تضعفون...هم يضعفون لكنهم يروجون أنهم يصبحون أقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، وهم يقولون إنهم سيقضون عليكم بالتهديدات. هذه هي الدعاية. وهناك من يتأثرون بها».

وقال: «اليوم، العمل الأساسي والمهم للأجهزة الإعلامية لدينا، للأجهزة الثقافية، للدعاية، لوزارة الثقافة والإعلام، لإذاعتنا وتلفزيوننا، ولنشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يمزقوا وَهْم قوة العدو، أن يكسروا هذا الوهم، وألا يسمحوا لدعاية العدو بالتأثير على الرأي العام».

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد أدلى بتصريحات مماثلة عن أهمية الإعلام، وذلك خلال مؤتمر لـ«الحرس الثوري»، الثلاثاء.

وقال عراقجي: «إلى جانب الميدان (الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري») والدبلوماسية، يوجد محور ثالث يسمى الإعلام».